محللون لـ "الاقتصادية" : دول الخليج في حاجة إلى خطوات استباقية لحفظ أمنها واستقرارها
وصف محللون وأكاديميون المخاطر التي تواجه دول الخليج بالحقيقية والتي تستوجب التحرك بسرعة بخطوات استباقية مدروسة لتفويت الفرصة على بعض الأطراف من التدخل في الشؤون الداخلية لها.
وأشار المحللون في حديثهم لـ "الاقتصادية" على هامش مؤتمر الخليج والعالم الذي اختتم أعماله أمس في الرياض، إلى أن دول الخليج في حاجة إلى نظرة بعيدة المدى للتعامل مع الأحداث المحدقة بالمنطقة التي تعصف بها من جميع الاتجاهات، لافتين إلى أن الردع الأمني، إلى جانب الإصلاح الاجتماعي، وقضايا حقوق الإنسان، مسائل مهمة لتصحيح الأوضاع.
وأوضح الدكتور مصطفى العاني مستشار أول ومدير قسم دراسات الأمن والدفاع في مركز الخليج للأبحاث، أن التهديد الإيراني ليس فقط عسكريا أو أمنياً، وإنما يتمثل في استخدام الورقة الطائفية كما هو حاصل الآن في البحرين والعراق ولبنان. وبين أن هذه الورقة من شأنها أن تزعزع الاستقرار الداخلي وتؤثر في وحدة دول الخليج. وأضاف العاني "دون شك قضايا الإصلاح الاجتماعي مهمة جدا، وقضايا حقوق الإنسان. يجب استباق هذا النوع من التدخل بتدخل من القيادات لتصحيح الأوضاع إذا كان هناك خطأ وإغلاق الثغرة التي استطاعت إيران النفوذ من خلالها سواء في العراق أو لبنان أو البحرين".
ولفت العاني إلى أن "هذا النوع من الاجتماعات يحاول التنبيه بسياسة استباقية لأن هناك خطر قادم ويجب اتخاذ سياسة حكيمة تجاهه. في رأيي الردع الأمني لن يكون الجواب، دون شك أن مجموعات التخريب الردع الأمني مهم لها، لكنه بمفرده دون تبني سياسة عادلة وإصلاحات لن يجلب نتيجة، وسيسمح للأطراف الخارجية بالتدخل". وتابع "التحدي الآخر هو قضية التسلح في المنطقة من الأسلحة التقليدية إلى تسلح نووي. وهذا سينقلنا إلى مواجهة كبيرة وخياراتنا ستضيق إما أن ننتقل للسلاح النووي وإلى مرحلة جديدة للمنطقة، ومعنى هذا أن أي مواجهة في المنطقة ستكون مواجهة خطرة، لذا أعتقد أن الهدف الآن يجب إيقاف إيران من امتلاك سلاح نووي وليس نزع سلاح إيران بعد امتلاكها للسلاح النووي وليس تسلحنا بسلاح نووي".
وقال العاني إن إيقاف مشروع إيران النووي ليس مسؤولية إقليمية، بل مسؤولية مجتمع دولي، وهو يقوم بضغوط في تصوري أنها لن تكون كافية لإيقاف الطموحات النووية الإيرانية، لذلك يجب علينا أن نتهيأ ليوم - قد يأتي ولا نتمنى ذلك - نصحو على وجود سلاح نووي في دول الجوار وبالذات إيران". وأردف "يجب وضع ملفات السلاح النووي. والتدخلات والقضايا الطائفية مجتمعه تهدد الأمن الداخلي لدول المنطقة، لست متفائلا بوجود نظرة بعيدة المدى لدول مجلس التعاون الخليجي حيث لا يوجد اتفاق على تحديد مصادر الأخطار والتعامل معها بجدية، ما نمتلكه الآن سياسة رد الفعل للفعل وليس للتخطيط بعيد المدى وهذه سياسة لن توصلنا إلى شيء لأن الخطر سيكون متمثلا ورد فعلنا أقل من الخطر".
وأفاد مدير قسم دراسات الأمن والدفاع في مركز الخليج للأبحاث أن هناك ردة فعل حصلت في البحرين من دول المجلس. وتساءل: لكن على المدى البعيد هل هذه هي سياسة متبعة؟ وهل هي صحيحة ؟ البحرين انتبهنا لها بعد ما حدث الحدث، ولذلك لست متفائلا بدرجة كبيرة أن الوعي ضمن الشارع الخليجي يتساوى مع الخطر الماثل الآن وفي المستقبل. ما زلنا بعيدين عن الوصول إلى صورة حقيقية للخطر وصورة حقيقية في كيفية التعامل معه".
من جانبه، يرى عبد الخالق عبدالله أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات أن إيران بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي تعتبر جارا صعبا. وأضاف "وبالتالي علينا التعامل مع الجار الإيراني باحترام وتقدير لأن بيننا علاقات تاريخية وإنسانية عميقة. وإيران حضارة وقوة، ولابد من تقديرها، ولكن المؤسف أن هذا الجار الصعب والآن هو أكثر صعوبة من أي وقت آخر نتيجة للتصريحات الاستفزازية والسياسات التمددية والتحرشات في المنطقة والتدخلات السافرة في الشأن الداخلي الخليجي، وبالتالي مصيرنا مرتبط بإيران".
وأوضح عبد الخالق أن على الإيرانيين إعادة النظر في الكثير من سلوكياتهم وسياساتهم تجاه دول الخليج. وبشأن توقعاته للملفات التي ستفرض نفسها على اجتماع قادة دول الخليج الذي سيعقد في الرياض خلال الأيام القليلة المقبلة، قال "أي قمة للقادة مهمة بالنسبة للخليجيين لأنها تقرب الرؤى والسياسات في المنطقة، لكننا اليوم لدينا وضع دولي وإقليمي بشكل خاص يشهد تحولات ضخمة وموزاين قوى جديدة، وبالتالي فإن ملف الكيفية التي ينبغي أن نتصرف بها في ظل هذه التحولات الكبيرة ودورنا سيكون الأبرز، كما أن هناك ملفات أخرى صغرى ستسيطر على القمة خصوصا الملف اليمني، وكيفية التعامل معه ولاسيما أنه جزء من التعاون الخليجي، والملف السوري الذي سيكون حاضرا دون أدنى شك".