13 مليارا .. و555 تعثـُّرا!
أن يخفق قطاع المقاولات في تسليم 555 مشروعاً، بقيمة 13 مليارا، فمن الواجب أن يتحرك ''المراقبون'' .. ولو بالتعليق، والتصريح عن رأيهم فيما يجري!! وعندما قررت ''الرقابة'' أن تكتفي بأضعف التبيان، فقد تكلمت.. معتبرة أن ما جرى مجرد (تعثر).. وصادقت على هذا، حذراً، وسائل إعلام! وما أظنه أصدق في وصف المشهد هو أن تكون العبارة كالتالي: ''سقوط 13 مليار ريال بسبب التخاذل في تسليم 555 مشروعا تنمويا''.
يا لطول حكايتك معنا يا تنمية! ولاستعادة القصة من بدايتها عليك أن تتخيل ما يلي:
في الحكاية أن هناك فاتنة اسمها ''تنمية''، يحلم بها كثيرون من بني (نامٍ).. ولا يخطب ودها إلا اليقظ! غير أن أعتاب بابها ماثلة لراءٍ.. كجريء ونافذ وصاحب مال! ولكن الجميلة ''تنمية'' ما انفكت تشترط الصدق على كل متقدم للظفر بها. ولمّا منحوا فرصتهم.. وخاضوا الاختبار تلو الاختبار.. كثر اكتشاف العاجزين والساقطين. وتعذر الوفاء، واستحال الخذلان داء!
هذا باختصار.
ويأبى 2011 أن يودعنا دون أن يكشف عن سقوط مبلغ بهذه ''الجلافة''، وانتقال عبئه لعام ميلادي جديد. وهنا عليك أن تتخيل شيئاً آخر، وتحدث نفسك متسائلاً: ترى! كم عدد المتضررين من تعطل هذه المشاريع التنموية؟ كم قرية ستنتظر حتى يمهد لها طريق، وكم مدينة سيتزاحم ساكنوها عند مدخل ''دائري'' لم يكتمل تعبيده؟ وكم طفلا لن يجد حديقة؟.. واتركوا لخيالكم مطلق حريته في تخيل تبعات التأجيل من إحباط، وفقدان للثقة، وتبدية لأن يكون 2012 مثل المرحوم 2011! طالما أن المقاول سيكون في الغالب، نسخة فوتوغرافية عن سابقه!
من جهة أخرى، كيف يمكن أن نسمي فقدان أكثر من 23 مليون ريال في كل مشروع.. مجرد عثرة؟!؟ وعلى كذا.. متى تكون سقطة، ومشكلة.. وجريمة؟ وكيف ستتم معاقبة ''صنف'' المقاولين هذا؟ هل سيتم وضعهم في قوائم سوداء لكي يتأدب ولا يعود للتقديم على مشروع هو ليس ندا له؟ أم هل سيتم تعليق لافتات عملاقة تحمل عبارة ''فاسد'' أو حتى ''مش كويس'' على أسوار مؤسساتهم التي تعرف جهة الترسية مكانها جيدا!!
أنا مندهش جداً! كيف يمكن لـ 13 مليار ريال ألا تثبت وجودها ولا تجد بسببها دليلاً على إنجاز عمل تنموي في أرض الواقع! أتمنى ألا تكون الآلة الحاسبة التي رصدت هذه الأرقام صينية الصنع! ولهذه الأمنية سبب.. فالمقاولون يشتكون من عدم وفاء الاعتمادات! وأن التكلفة الحقيقية لبعض المشاريع تجاوزت المرصود في الوقت الراهن!
هل يعقل! 13 مليارا لا تقيم 555 مشروعا تنمويا.. بعضها متناهية النحافة (رصف، تشجير... إلخ)!! من هنا، أخشى أن يأتي يوم ـــ تتعثر ـــ فيه 26 مليارا عن إنجاز 333 مشروعا تنمويا، ونضطر لتسميتها ''هفوة''! لتخرج العناوين الرئيسة بنهاية العام الميلادي قائلة: ''(هفوة) 26 مليارا (تعكرف) 333 مشروعا تنمويا''!!