مَرّ 12 شهرا على «المواطنة الاقتصادية الخليجية».. ماذا بعد؟
يصادف انعقاد القمة الـ 32 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض اليوم وغدا، قرابة عام على صدور قرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الخاص بتطبيق المواطنة الاقتصادية للشركات في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بالسماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس، وتطبيق المساواة التامة في معاملة فروع الشركات الخليجية معاملة فروع الشركات الوطنية. وهو القرار الذي وافق مجلس الوزراء السعودي على تطبيقه في اجتماعه الذي عقد في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) 2011.
#2#
وبحسب تقرير الإدارة العامة للبحوث والدراسات الاقتصادية في مجلس الغرف السعودية، فإن دول مجلس التعاون ما زالت تركز على تحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة بين المواطنين والمنشآت في دول المجلس، وذلك من خلال معاملة كل دولة لمواطني ومنشآت دول المجلس نفس معاملة مواطنيها دون فرق أو تمييز في مجال مزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وممارسة المهن والحرف، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية، والتأمين الاجتماعي والتقاعد، وتملك العقار، وتنقل رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، والتنقل والإقامة وغيرها من المجالات. وفي ما يلي مجمل ما احتواه التقرير:
اتخذت الدول الأعضاء إجراءات عدة لتطبيق هذه المواطنة خلال السنوات الماضية، حيث قامت بتطبيق المواطنة الاقتصادية بشكل تدريجي، وذلك في مرحلة انطلاق السوق الخليجية المشتركة، وسعت من وراء ذلك لتحقيق حزمة من الأهداف الاقتصادية، في مقدمتها زيادة استفادة الأفراد والمنشآت في دول المجلس من الفرص المتاحة في اقتصادات الدول الأعضاء، وإعطاء أولوية لهم في هذا المجال، وفتح مجال أوسع للاستثمارات البينية، بالإضافة إلى تعظيم الفوائد الناجمة عن اقتصاديات الحجم، ورفع الكفاءة في الإنتاج، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة. وقد حققت دول المجلس نتائج لا بأس بها في هذا المجال؛ وهو ما دفع دول المجلس أن تصدر هذا القرار التاريخي في نهاية عام 2010، الذي يسمح للمنشآت الخليجية بفتح فروع لها في جميع دول المجلس؛ وذلك لتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة بين هذه المنشآت والشركات، وهو ما اعتبره الكثيرون من أهم القرارات التي صدرت خلال السنوات الماضية في مسيرة التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون، وأنه سيؤثر تأثيرا مباشرا على النشاط الاقتصادي في المملكة خلال السنوات المقبلة؛ وذلك لأن هذا القرار يحمل في طياته العديد من الفرص للشركات والمنشآت السعودية، ويفرض عليها في الوقت نفسه العديد من التحديات التي يجب الاستعداد لها والتعامل معها بجدية.
#3#
ويهدف هذا التقرير إلى الوقوف على ما تحقق في مجال تطبيق المواطنة الاقتصادية الكاملة بين دول المجلس، كما يقوم بتوضيح الفرص والتحديات الناجمة عن تطبيق هذه المواطنة الاقتصادية بشكل كامل بالنسبة للمنشآت والشركات السعودية، والآليات المثلى للتعامل معها لزيادة استفادة قطاع الأعمال الوطني من هذا القرار المهم خلال الفترة المقبلة.
أولا: إنجازات دول مجلس التعاون الخليجي في مجال العمل الاقتصادي المشترك:
حققت دول مجلس التعاون الخليجي العديد من الإنجازات في مسار العمل الاقتصادي المشترك، خاصة في مجال تدفقات السلع ورؤوس الأموال فيما بينها، وكذلك على مسار تحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة بين المنشآت والمواطنين في دول المجلس.
#4#
أ- الإنجازات في مجال التدفقات البينية للتجارة والاستثمارات:
أنجزت دول المجلس العديد من المراحل في مسيرتها نحو التكامل الاقتصادي، وحققت نتائج ملحوظة في مجال زيادة تدفقات التجارة والاستثمارات بين الدول الأعضاء، وذلك بعد إرساء الإطار المؤسسي والتشريعي للتكتل الخليجي التي تطلبتها هذه المراحل، وأصبحت دول المجلس - كما هو معلن - قريبة من تتويج هذه الإنجازات بإصدار عملة خليجية موحدة، وذلك بعد أن انتهت من أربع مراحل في هذه المسيرة، ووصلت إلى مرحلة السوق المشتركة، وما زال أمامها مرحلتان لتصل إلى التكامل أو الاندماج الاقتصادي الكامل، وتمثلت أهم الإنجازات التي حققتها الدول الأعضاء في هذه المراحل فيما يلي:
1- مرحلة التجارة التفضيلية (وتشمل الفترة ما قبل عام 2001)، ونجحت دول المجلس خلالها في تطبيق مبدأ معاملة معظم السلع المتبادلة بين الدول الأعضاء معاملة تفضيلية، وذلك دون الإعفاء الكامل من الرسوم الجمركية، كما تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق منطقة التجارة الحرة بين دول المجلس.
2- مرحلة منطقة التجارة الحرة (وامتدت من عام 2001 حتى آذار (مارس) 2003)، وتم خلالها الإلغاء الكامل للجمارك بين الدول الأعضاء، مع احتفاظ كل دولة بتعريفاتها الجمركية على الواردات من غير الدول الأعضاء، وتم الاتفاق على إجراءات تحقيق الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون في نهايتها.
3- مرحلة الاتحاد الجمركي (وامتدت من آذار (مارس) عام 2005 حتى نهاية 2007)، وتم خلالها توحيد الجمارك على الواردات الخليجية من خارج المجلس، ووضع آليات لتوزيع العوائد الجمركية بين الدول الأعضاء، واتخاذ إجراءات لتحقيق السوق المشتركة، من خلال تطبيق المواطنة الاقتصادية في معاملة الأفراد والمنشآت في الدول الأعضاء.
4- مرحلة السوق المشتركة (وامتدت من عام 2008 إلى عام 2009)، وتم خلالها التنسيق بين الأعضاء في السياسات المالية والنقدية؛ وذلك لتحقيق معايير التقارب الاقتصادي اللازمة للوحدة النقدية، والتي تشمل معدلات التضخم، وحجم الدين العام، وعجز الموازنة.
#5#
5- مرحلة الوحدة النقدية (بدأت من أول 2010) في هذه المرحلة قامت الدول الأعضاء بتأسيس إطار مؤسسي للوحدة النقدية الخليجية؛ تمهيدا لإنشاء البنك المركزي الخليجي الذي اتفق على أن يكون مقره في مدينة الرياض، وكذلك مواصلة تنسيق السياسات الاقتصادية بين الأعضاء، وبذلك أصبحت الدول الأعضاء أقرب من أي وقت مضى من تحقيق هدفها الأسمى وهو الوحدة النقدية، التي قد تقود دول المجلس لوحدة واندماج اقتصادي بينها في المستقبل.
وقد انعكست هذه الإنجازات المؤسسية والتنظيمية على واقع تدفقات التجارة والاستثمارات بين دول المجلس خلال السنوات الماضية، حيث نمت الأرقام المطلقة للتبادل التجاري ولتدفقات الاستثمار بين الدول الأعضاء، والشكل رقم (1) يوضح تطور حجم التجارة البينية لدول المجلس. والشكل رقم (2) يوضح تطور عدد المشروعات الخليجية المشتركة.
ورغم الارتفاع الملموس في الحجم المطلق للتجارة البينية لدول المجلس من بداية مسيرة التكامل حتى عام 2010، إلا أن نسبة التجارة البينية لدول المجلس ما زالت أقل من المفترض أن تكون عليه، وذلك إذا ما تم مقارنتها بما تحقق في تكتلات اقتصادية أخرى مثل الاتحاد الأوروبي وتكتل الآسيان وغيرها من التكتلات العالمية. والجدول رقم (1) يوضح نسبة التجارة البينية لدول المجلس مقارنة ببعض التكتلات العالمية.
#6#
ورغم انخفاض نسبة التجارة البينية لدول المجلس، يلاحظ أن هذه النسبة ترتفع في حالة استبعاد تجارة النفط ومشتقاته من التجارة الخارجية لدول المجلس، وترتفع هذه النسبة من نحو 6 في المائة إلى نحو 17.3 في المائة. ومع ذلك تبقى هذه النسبة لا تلبي طموحات دول المجلس ولا تحقق التقارب والاعتماد المتبادل المطلوب في مجال التجارة البينية، كما يبقى هناك تفاوت بين دول المجلس فيما يتعلق بنسبة التجارة البينة لكل دولة مع دول المجلس من إجمالي تجارتها الخارجية، والشكل رقم (3) يوضح هذا التفاوت بين دول المجلس.
ومن ثم فإن هذه النتائج في مجال تدفقات التجارة بين دول المجلس ما زالت لا تتناسب مع ما بذل من جهود في هذا المجال. وترجع التحليلات هذا الوضع إلى التشابه الكبير بين الهياكل الاقتصادية والإنتاج في دول المجلس، وهو ما يقلل درجة تنوع السلع القابلة للمبادلة بين الدول الأعضاء، ويؤكد ذلك تركز التجارة بين دول المجلس في منتجات الثروة الطبيعية ومشتقاتها الصناعية. كما ينطبق الأمر نفسه على تدفقات رؤوس الأموال بين دول المجلس، فعلى الرغم مما حققته دول المجلس في مجال حرية انتقال رؤوس الأموال، وفي مجال المشروعات المشتركة، إلا أن هذه الاستثمارات ما زالت محدودة مقارنة بالإمكانات المالية وحجم السيولة في الدول الأعضاء، كما لا يوجد توازن في توزيع المشروعات المشتركة بين الدول الأعضاء، حيث تستحوذ دولتان على النصيب الأكبر من هذه المشروعات (الإمارات وعمان)، في حين لا تحصل الدول الأخرى إلا على عدد محدود من هذه المشروعات، وكذلك ما زالت مساهمات بعض الدول الأعضاء في رؤوس أموال المشروعات المشتركة محدودة جدا.
ومن هنا تأتي أهمية قرار تطبيق المواطنة الاقتصادية الكاملة للشركات الخليجية، حيث تسعى إجراءات المواطنة الاقتصادية للتغلب على هذه الجوانب، وذلك من خلال إجراءات عدة، من أهمها التنسيق بين الدول الأعضاء في مجال السياسات الاقتصادية الخاصة بحوافز الاستثمار ومناخ الأعمال، وكذلك بتوحيد إجراءات تأسيس المشروعات والترخيص لها، والدعم المقدم للاستثمار في المجالات المختلفة، وذلك في إطار استراتيجية خليجية موحدة للاستثمار والمشروعات المشتركة.
كما أن السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس ومعاملتها بنفس معاملة الشركات الوطنية سيعزز من تدفقات الاستثمارات الخليجية البينية والمشروعات المشتركة، وهو الأمر الذي سيعزز في مرحلة لاحقة التجارة البينية؛ وذلك باعتبار تعزيز الاستثمارات البينية والمشتركة خطوة تسبق تعزيز التجارة البينية.
ب- النتائج التي حققتها دول المجلس في مجال تطبيق المواطنة الاقتصادية:
لقد حققت دول المجلس نتائج لا بأس بها في مجال تطبيق المواطنة الاقتصادية، وهي نتائج تؤكدها العديد من المؤشرات، ومن أهم المؤشرات في هذا المجال ما يلي:
#7#
1- عدد فروع البنوك الخليجية العاملة في دول المجلس:
الملاحظ خلال السنوات الأخيرة تزايد عدد المصارف الخليجية التي فتحت فروعا لها في دول أخرى من دول المجلس، وذلك في إطار تحرير هذا النشاط بين دول المجلس. ومن خلال البيانات المتاحة في هذا المجال يلاحظ أن هناك بعض الدول الأعضاء التي ما زالت البنوك لديها لم تستفد من الفرصة المتاحة لها بفتح فروع في دول المجلس الأخرى، ولم تستضيف أيضا فروع لبنوك من دول المجلس الأخرى، في حين أن عدد الفروع التي فتحتها كل دولة من الدول الأعضاء ما زال محدودا، لا تزيد في أحسن الحالات على سبعة فروع فقط (الإمارات).
ومن العوامل التي تفسر هذا الوضع هو تفاوت درجة الانفتاح الفعلية للقطاع المالي والمصرفي بين دول المجلس، والتي ترجع بالأساس إلى تفاوت الإجراءات والنظم الوطنية التي تطبقها كل دولة على موردي الخدمات المالية والمصرفية من غير المواطنين؛ وكذلك لأن الدول الأعضاء ما زالت تحتاج إلى وضع قواعد موحدة للشروط والإجراءات التي تطبقها في مجال إنشاء البنوك، لتحقيق المواطنة الكاملة في مجال الخدمات المصرفية. والجدول رقم (2) يوضح توزيع البنوك الخليجية التي فتحت فروع لها في دول المجلس الأخرى.
2- عدد الشركات المساهمة المسموح بتداول أسهمها لمواطني دول المجلس:
تزايد عدد الشركات الخليجية المساهمة المسموح بتداول أسههما لمواطني دول المجلس بشكل تدريجي خلال السنوات الماضية، وأخذ هذا التزايد وتيرة أسرع خلال العشر سنوات الأخيرة، حتى وصل إلى أن نحو 95 في المائة من إجمالي الشركات المساهمة الخليجية مسموح بتداول أسهمها لمواطني دول المجلس (وفق بيانات عام 2009). والشكل رقم (4) يوضح التطور الذي حدث في هذا المجال. وهذا الإنجاز يمثل خطوة كبيرة في مجال تشجيع حركة رؤوس الأموال والاستثمارات وتنقل الأشخاص بين دول المجلس، ويشجع على إعادة توطين رؤوس الأموال الخليجية المهاجرة، كما يمهد بشكل جيد لربط وتوحيد أسواق الأسهم بين دول المجلس، لتصبح سوق مالية إقليمية ضخمة، على غرار السوق المالية الأوروبية.
3- عدد مواطني دول المجلس المتملكين للعقارات بالدول الأعضاء:
ارتفع عدد مواطني دول المجلس المتملكين لعقارات بدول المجلس الأخرى بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة؛ وذلك كنتيجة للتسهيلات التي قدمتها الحكومات في هذا المجال، وبسبب ارتفاع السيولة، والإقبال على الاستثمار في القطاع العقاري في دول المجلس.
وبقراءة متأنية في البيانات المتوافرة في هذا المجال يلاحظ أن عدد مواطني دول المجلس المتملكين لعقارات في دول أخرى من الأعضاء في تزايد مستمر، وهذا الرقم ارتفع خلال عامي 2010م، 2011م، والجدول رقم (3) يوضح وضع تملك مواطني دول المجلس للعقارات في الدول الأعضاء الأخرى حتى عام 2010.
وتوضح بيانات وواقع تملك الخليجيين للعقارات في دول المجلس نقاطا عدة جوهرية، أهمها ما يلي:
1- أن تطور تملك العقارات من الخليجيين في دول المجلس يتزايد باستمرار، وأن هناك تفاوتا في سرعة النمو في هذا المجال من دولة إلى أخرى.
2- أن هذا الوضع يمكن أن تفسره عوامل عدة، منها ما يلي:
• تفاوت جاذبية مناخ الاستثمار بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
• تفاوت مستويات الدخول والقوة الشرائية للعملة الوطنية من دولة إلى أخرى.
• تفاوت النمو في عدد التراخيص الممنوحة من قبل الدول الأعضاء لمواطني المجلس لممارسة الأنشطة الاقتصادية.
3- لوحظ تزايد تملك الخليجيين للعقارات في دول المجلس المجاورة لدولتهم وفي المدن الحدودية، مثل تملك الكويتيين للعقارات في منطقتي الخفجي وحفر الباطن السعوديتين، وتملك الإماراتيين والبحرينيين والقطريين للعقارات في منطقة الدمام السعودية، وهكذا في بقية دول المجلس، وهذا قد يجد تفسيره في عوامل عدة، أهمها:
• وجود زيجات عابرة للحدود بين دول المجلس متركزة في المدن الحدودية.
• وجود مواطنين من المدن الحدودية يعبرون الحدود ليعملون في المدن الحدودية للدولة المجاورة.
• تملك موظفي الجمارك ورجال القوات المسلحة والأمن للعقارات في المدن القريبة لمناطق عملهم حتى لو كانت في دولة عضو أخرى.
• إقبال رجال الأعمال في دول المجلس على شراء العقارات في المناطق الحدودية لدولة عضو لاستخدامها كمخازن تابعة لشركاتهم في دولة أخرى، ومثال لذلك المخازن الموجودة في منطقة الخفجي لشركات كويتية.
4- عدد مواطني دول المجلس العاملين في القطاعين الحكومي والخاص في الدول الأعضاء الأخرى:
زاد عدد الخليجيين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص في الدول الأعضاء الأخرى؛ نتيجة لتسهيل هذا الأمر من جانب الدول الأعضاء، وتطبيق إجراءات المواطنة الاقتصادية.
والشكل رقم (5) يوضح تطور عدد الخليجيين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص في الدول الأعضاء الأخرى.
ج- الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها دول مجلس التعاون في عام 2011:
اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي العديد من الإجراءات وبذلت المزيد من الجهود لإزالة ما تبقى من معوقات أمام تعزيز تدفقات التجارة والاستثمارات وتطبيق المواطنة الاقتصادية بين دول المجلس، وهذه الإجراءات والجهود لا شك تحتاج إلى بعض الوقت حتى تؤتي ثمارها، ومن أهم الإجراءات والجهود التي تم رصدها في عام 2011 في هذا المجال ما يلي:
1- كشفت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي عن أن قيمة الإيرادات الناتجة من عمليات المقاصة للرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء بلغت نحو 1.55 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي 2010، وأن اتفاقية الاتحاد الجمركي أصبحت نافذة في دول المجلس منذ بداية كانون الثاني (يناير) 2011، وقد تم خلال النصف الأول من هذا العام استكمال ربط ما تبقى من إدارات الجمارك بالدول الأعضاء.
2- حدد وزراء المالية والاقتصاد في دول المجلس في اجتماعهم الاستثنائي في الرياض برنامجا زمنيا بحد أقصى مدته ثلاث سنوات للانتهاء من ترتيبات الاتحاد الجمركي الخليجي، حيث أكد وزراء المالية والاقتصاد أن دول المجلس اقتربت من التطبيق الكامل للاتحاد الجمركي فيما بينها، ولم تعد تواجه إلا عقبات إدارية أمام استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي، وصولا إلى وضعه النهائي المتمثل في إنهاء الدور الجمركي في المراكز البينية في دول المجلس. هذا وقد كشفت دول المجلس في نهاية آذار (مارس) 2011 عن تأسيس هيئة عليا للاتحاد الجمركي.
3- وضعت دول المجلس آلية مشتركة لمراقبة أي تدفقات مالية مشبوهة لدول المجلس من الخارج، وتشكيل لجنة مشتركة لمراقبة التحويلات المشبوهة الممولة للإرهاب أو عمليات غسل الأموال. كما تم البدء في دراسة وضع إطار عام بشأن القروض المصرفية العابرة للحدود، وبحث تسهيل فتح فروع للبنوك الوطنية في دول المجلس.
4- صرفت دول المجلس النظر عن فكرة الربط المائي بين الدول الأعضاء، في حين أقرت معادلة لتعرفة التبادل الخليجي المشترك للكهرباء، وذلك خلال اجتماع وزراء الكهرباء والماء في دول المجلس الذي عقد في الكويت عام 2011.
5- رحب قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي خلال اللقاء التشاوري الذي انعقد في الرياض بانضمام كل من الأردن والمغرب إلى منظومة المجلس، الأمر الذي سيشكل تحولا جذريا في بنية المجلس لمواجهة التحديات المستقبلية من خلال زيادة عضوية الدول المنضمة له.
6- تم الانتهاء من إعداد وثيقة المبادئ الأساسية لمشروع قانون ضريبة القيمة المضافة الموحد (VAT)؛ وذلك حتى يمكن للدول الأعضاء إصدار الأدوات التشريعية والقانونية الخاصة بتنفيذها، وتشير التوقعات إلى أن النظام الضريبي سيلعب دورا كبيرا في حال تطبيقه في تحسين التصنيف الائتماني لدول الخليج؛ مما سيعزز مكانتها في حال الاقتراض المستقبلي.
7- الموافقة على الرفع بعدد من المشاريع لقوانين تجارية وصناعية موحدة لدول المجلس إلى لجنة التعاون التجاري والصناعي لإقرارها بصورة نهائية، وذلك بعد الانتهاء من إعدادها تمهيدا لإصدارها، وتتمثل هذه المشاريع في النظام الخاص بالعلامات التجارية، ونظام المنافسة الموحد، ومركز التحكيم التجاري للدول الأعضاء، بالإضافة إلى الرفع بالتوصية حول تعديل قانون التنظيم الصناعي الموحد لدول المجلس ولائحته التنفيذية، ومشروع القواعد الموحدة لإعطاء الأولوية في المشتريات الحكومية للمنتجات الوطنية في الدول الأعضاء، بالإضافة إلى موضوع شهادات المنشأ للمنتجات الوطنية، ونظام شهادات المنشأ الإلكترونية الذي يسهم في تسهيل عمل المستثمرين ضمن حزمة من الإجراءات الهادفة إلى الارتقاء بالاقتصادات الخليجية إلى مستوى التنافسية العالمية.
8- دشنت الإمارات المرحلة الثانية من مشروع الربط الكهربائي الخليجي، الذي يتطلب خمسة مليارات درهم (1.4 مليار دولار) مع انضمام الإمارات للشبكة، ويهدف المشروع إلى ربط شبكات الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي، ويربط بين كل من السعودية والكويت والبحرين وقطر. الجدير بالذكر أن المشروع سيتيح مجالات لتجارة الطاقة وتبادلها مع رفع إمكانات شبكات الكهرباء الموجودة، وخفض متطلبات احتياطيات الكهرباء في دول المجلس، وسيوفر المشروع خمسة مليارات دولار، ويضع أساسا لسوق طاقة مشترك بين دول المجلس، ويتيح لها إمدادات طاقة مستديمة لدعم الاقتصادات الوطنية.
9- تجديد المجلس النقدي الخليجي التأكيد على التمسك بمشروع الوحدة النقدية، وعلى استمرار العمل لإصدار العملة الخليجية الموحدة، والتأكيد على أنه لا يوجد هناك توجه لتأجيلها، وأنه يقتفي أثر تجربة الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالعملة الموحدة المنتظرة. جاء ذلك في إطار الرد على الشكوك والتساؤلات حول مصير مشروع الوحدة النقدية الخليجية في ضوء تداعيات الأزمة المالية التي تهدد منطقة اليورو.
ثانيا: الفرص والتحديات الناتجة من القرار وتحتاج إلى تعامل القطاع الخاص معها:
سيكون لقرار السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول مجلس التعاون تأثير واضح على مستقبل الشركات الخليجية؛ وذلك لأن هذا لقرار سيوفر كثيرا من الفرص التي ستساعد على تحسين أوضاع الشركات الخليجية، كما أن القرار سيفرض بعض التحديات على هذه الشركات في أسواقها المحلية، وهو ما سيتطلب التعامل معها من جانب هذه الشركات ومن جانب الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، لإزكاء مناخ المنافسة العادلة بين هذه الشركات في أسواق جميع الدول الأعضاء.
أ- أوضاع الشركات الخليجية في ظل التطورات الإقليمية والعالمية الراهنة:
لا يمكن إنكار تأثر الشركات الخليجية بتداعيات الأزمة المالية العالمية، وهي تداعيات تفاوتت من دولة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر في الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، ولكن العنصر المشترك في تأثر هذه الشركات بالأزمة العالمية هو تأجيلها لبعض مشروعاتها الجديدة ولتوسعاتها الاستثمارية الداخلية والخارجية، وتسريحها لعدد محدود من العمالة، وتراجع أرباحها بشكل واضح طوال الفترة من 2008 - 2010.
وعلى الرغم من أن تداعيات الأزمة المالية العالمية ما زالت تتفاعل في جنبات الاقتصاد العالمي وفي مختلف قطاعاته، وعلى الرغم من أن عام 2011 أضاف عاملا سلبيا للعوامل السلبية التي تعانيها الشركات الخليجية، وهو عنصر تراجع الثقة بسبب موجة الثورات العربية وما صاحبها من تداعيات اقتصادية واسعة على دول المنطقة، وعلى الرغم من ذلك فإن البحوث الميدانية والمؤشرات الخاصة بالشركات الخليجية تظهر العديد من الجوانب الايجابية في عام 2011، حيث تؤكد المؤشرات على تواصل أغلب الشركات الخليجية التعافي من تداعيات الأزمة المالية العالمية، والدليل على ذلك أن أرباح معظم هذه الشركات بدأت في الارتفاع عام 2011. وقد عكست هذه المؤشرات والبحوث الميدانية ما يلي:
1- أن الشركات الخليجية بدأت تتعافى من تداعيات الأزمة العالمية وحققت نموا في الأرباح بنسبة تجاوزت 17 في المائة، وأن هذا النمو في الأرباح جاء مدفوعا بالأداء القوي للبنوك والشركات المنتجة للبتروكيماويات والشركات المنتجة للسلع؛ وهو ما يجعل هذه الشركات مؤهلة لتوسيع استثماراتها الداخلية والخارجية خلال السنوات المقبلة.
2- أن النمو في أرباح الشركات الخليجية جاء مدعوما في الأساس بمعدلات النمو المرتفعة لأرباح الشركات في كل من السعودية وقطر، والتي حققت معدلات نمو نحو 26 في المائة، 31 في المائة على التوالي مقارنة بالعام الماضي، وذلك مقابل 13 في المائة في المتوسط للشركات في بقية الدول الأعضاء بالمجلس، وهو ما يعني أن معدلات وفرص الربح أعلى في الأسواق السعودية والقطرية مقارنة بأسواق بقية دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما سيجعل الشركات الخليجية تستهدف الأسواق السعودية والقطرية، وتقبل على فتح فروع لها للاستفادة من هذه الفرص.
3- تظهر المؤشرات أن نحو 49.2 في المائة من الشركات الخليجية تسعى لتشغيل المزيد من الموظفين، لكنها تواجه صعوبات في هذا المجال، حيث إن نحو 48 في المائة من هذه الشركات تواجه صعوبات في الحصول على موظفين من المواطنين، وهو ما يعني أن هذه المشكلة ستواجه الشركات وفروعها الجديدة التي ستفتحها في دول المجلس الأخرى، ومن ثم فإن تطبيق شروط السعودة على فروع الشركات الخليجية في المملكة لن يكون مؤثرا على فرص نجاح هذه الشركات؛ لأن الشركات الخليجية والسعودية تعاني المشكلة نفسها بشكل أكثر حدة في أسواق دول المجلس الأخرى.
4- احتل بند زيادة الصادرات أو البدء في التصدير مكانة متقدمة في أولويات الشركات الخليجية عام 2011، ويتوقع 70 في المائة من الشركات الخليجية زيادة صادراتها خلال الأعوام المقبلة، وفى حين أن 50 في المائة من الشركات الخليجية التي ليس لديها صادرات لديها خطط مؤكدة للتصدير خلال العامين المقبلين. وهذا يؤكد أن الشركات الخليجية في حاجة ماسة إلى أسواق جديدة تتمدد فيها وتصدر إليها، ومن المرجح أن أسواق دول المجلس ستكون الأنسب والأقرب لها لتوسيع نشاطها والتصدير لها، وهذا ما يعزز من تزايد توجهات الشركات الخليجية للاستفادة من قرار السماح لها بفتح فروع في دول المجلس خلال الفترة المقبلة.
وتشير التوقعات إلى أن المملكة ستكون مقصدا مفضلا لمعظم الشركات الخليجية لتقوم بفتح فروع فيها خلال السنوات المقبلة؛ وذلك لتميز السعودية بالعديد من المزايا المحفزة لقدوم هذه الشركات، التي من أهمها وجود العديد من المشاريع الاقتصادية الضخمة لدى المملكة في مختلف الأنشطة والقطاعات، وفى مقدمتها قطاع البتروكيماويات وقطاع الإنشاءات والعقارات والمدن الصناعية الجديدة، كما أن وجود الكوادر السعودية ذات الخبرة التي يمكن أن تلبي طلب الشركات الخليجية على العمالة الوطنية سيكون عنصر جذب لهذه الشركات، ومن ثم فإن تطبيق قرارات السعودة على الشركات الخليجية التي تريد فتح فروع لها في المملكة لن يشكل عائقا كبيرا أمامها.
ب- ماذا يحقق قرار المواطنة الاقتصادية لشركات القطاع الخاص السعودي:
إن القرار الذي اتخذته قمة دول مجلس التعاون الخليجي في كانون الأول (ديسمبر) 2010 بالسماح للشركات الخليجية بافتتاح فروع لها في الدول الأعضاء على قدم المساواة مع الشركات الوطنية، يعتبر من أهم قرارات مجلس التعاون منذ انطلاقته، وستكون آثاره الاقتصادية متمثلة فيما يلي:
1- المساهمة في تحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة بين دول مجلس التعاون.
2- تسهيل وزيادة حركة المنتجات والأفراد ورؤوس الأموال بين الدول الأعضاء.
3- توسعة الأسواق أمام الشركات والاستثمارات والمنتجات السعودية، ومن ثم زيادة فرص الاستثمار والتصدير أمام القطاع الخاص الوطني.
4- زيادة فرص الاندماج وتكوين الشراكات بين الشركات السعودية ونظيرتها في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ثم زيادة فرص رفع القدرة التنافسية لهذه الشركات.
ولذلك فإن هذا القرار يعني الكثير بالنسبة للقطاع الخاص السعودي، ومن أهم ما يعنيه هذا القرار للقطاع الخاص الوطني ما يلي:
1- تمتع القطاع الخاص السعودي بمعاملة وطنية في جميع دول المجلس الست.
2- تحرك القطاع الخاص السعودي بحرية كاملة لاستغلال الفرص الاستثمارية والتجارية في سوق يزيد إجمالي الناتج المحلي لها على نحو 800 مليار دولار.
3- تقديم القطاع الخاص منتجاته من دون أي أعباء إضافية لسوق قوامها نحو 40 مليون نسمة، لا يقل فيها متوسط دخل الفرد عن نحو 17 ألف دولار سنويا.
4- سهولة تدفق استثمارات القطاع الخاص السعودي لدول المجلس، وسهولة دخول هذا القطاع في شراكات تمويلية للاستثمارات في جميع الدول الأعضاء.
5- أن القطاع الخاص السعودي أصبح أمام بيئة خليجية مواتية لإعادة توطين رؤوس الأموال الخليجية المهاجرة، بالإضافة لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية.
6- تمتع القطاع الخاص السعودي بمعاملة وطنية في سوق أسهم يتسع لنحو 700 شركة، تتجاوز قيمتها الرأسمالية تريليون دولار.
والملاحظ أن كل ما سبق يعني بالنسبة إلى منشآت القطاع الخاص السعودي فرصا وآفاقا استثمارية وتجارية كبيرة، ودورا أكبر في مسيرة التنمية والتكامل الاقتصادي الخليجي، خاصة في ظل إفساح الدول الأعضاء المجال للقطاع الخاص لينهض بهذا الدور.
ج- التحديات التي يفرضها القرار على القطاع الخاص:
على الرغم من الإيجابيات المتعددة للقرار والسابق الإشارة إليها، إلا أن هذا القرار يفرض على القطاع الخاص الوطني تحديات عدة، أهمها ما يلي:
1- تعرض المنشآت السعودية وخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة لمنافسة حادة من المنشآت الخليجية التي ستفتح فروعا لها في المملكة.
2- احتمال نقل بعض الشركات السعودية مقراتها أو فروعها الرئيسة لدول مجلس التعاون للاستفادة من التسهيلات التي تقدمها هذه الدول للاستثمارات المختلفة.
3- ظهور تحدٍ خاص بتوفير الموارد البشرية المدربة والاحتفاظ بها من قبل منشآت القطاعين الحكومي والخاص، خاصة في ظل الإغراءات المقدمة للعمالة الوطنية الماهرة من قبل المنشآت في دول المجلس الأخرى مثل قطر والكويت والإمارات، أهمها الأجور والمرتبات المرتفعة ومزايا العمل الأخرى.
ثالثا: آليات استغلال الفرص ومواجهة التحديات التي يفرضها القرار على القطاع الخاص الوطني:
إن التعامل مع التحديات التي يفرضها هذا القرار على منشآت القطاع الخاص الوطني يتطلب العمل على حزمة من الآليات التي تمكن منشآت القطاع الخاص من زيادة الاستفادة من الفرص التي يوفرها هذا القرار، والتغلب على التحديات الناجمة عنه، وخاصة تحديات المنافسة على الأسواق والعمالة الماهرة؛ ولذلك فإن الأمر يتطلب سرعة الأخذ بحزمة الإجراءات التالية:
1- إسراع الجهات الحكومية في المملكة بإزالة المعوقات كافة أمام الاستثمار الوطني، وتقليل الأعباء المحملة على المشروعات الاستثمارية في القطاعات كافة؛ وذلك لتصبح الشركات السعودية الكبيرة والصغيرة أفضل أو على الأقل على قدم المساواة مع نظيرتها في دول مجلس التعاون الخليجي؛ لأن ذلك هو المدخل الأكثر فاعلية لتمكينها من المنافسة في الأسواق السعودية والخليجية.
2- أن تطالب المملكة عبر القنوات الرسمية لمجلس التعاون الخليجي بسرعة إقرار نظام خليجي موحد لحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية؛ وذلك لضمان عدالة المنافسة في أسواق دول المجلس في ظل هذا القرار.
3- مطالبة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بسرعة تطبيق نظام موحد لمراقبة وضبط المنتجات في أسواق دول المجلس؛ وذلك لحماية المنتجين والمستهلكين، ومنع دخول المنتجات غير المطابقة للمواصفات إلى أي دولة من الدول الأعضاء عبر أي دولة عضو أخرى، وأن تتعاون دول المجلس لتطبيق عقوبات صارمة في هذا المجال.
4- زيادة تركيز منشآت القطاع الخاص الوطني على محوري تحسين الجودة وتخفيض الأسعار لزيادة قدرة منتجاتها على المنافسة أمام مثيلاتها الخليجية.
5- التعجيل بعمليات الاندماج بين المنشآت السعودية الصغيرة والمتوسطة لمواجهة هذه المنافسة، ولزيادة قدرتها على النفاذ بمنتجاتها لأسواق دول المجلس.
6- سرعة قيام الشركات الوطنية بدراسة احتياجات أسواق دول مجلس التعاون، وجدوى فتح فروع لها في هذه الأسواق، وتبني سياسة "غزو الأسواق الخليجية من داخلها"، وذلك من خلال هذه الفروع.
7- تركيز الشركات الوطنية على استغلال فرص الاستثمار في مشروعات البنية التحتية المطروحة أمام القطاع الخاص في جميع دول مجلس التعاون، والاستثمار في مشروعات ربط الشبكات الخليجية، مثل شبكات الكهرباء، والغاز، والطرق، وغيرها من المشروعات المشتركة.
8- قيام الشركات السعودية بتكوين التحالفات للاستثمار في المشروعات العملاقة مثل المدن الاقتصادية، التي اتجهت إليها معظم دول المجلس في السنوات الأخيرة؛ إيمانا منها بقدرتها على خلق فرص عمل جديدة، وتنويع القاعدة الاقتصادية، والاستثمار في القطاع المصرفي، خاصة في ظل حاجة السوق المشتركة إلى تمويل مصرفي بمبالغ كبيرة، وفي ظل تزايد إقبال المصارف الأجنبية للعمل في دول المجلس لاستغلال فترة الطفرة الراهنة، والاستثمار في الطاقة المتجددة والحيوية في ظل ارتفاع أسعار البترول، حيث تتمتع المملكة بامتلاكها القدرات التصنيعية التي يمكن استغلالها في هذا المجال، بالإضافة إلى ما تمتلكه دول المجلس من سطوع للشمس لأكبر فترة زمنية في اليوم.
9- تكوين تحالفات سعودية خليجية للاستثمار في القطاع الصحي، خاصة في ظل التيسيرات التي منحتها المملكة في الفترة الأخيرة لهذا القطاع، حيث يمكن للقطاع الخاص السعودي أن يكون موردا رئيسا للخدمات الصحية وما يرتبط بها من خدمات ومستلزمات لدول المجلس، خاصة أن المملكة لديها سمعة دولية وإقليمية طيبة في هذا المجال.
10- ينبغي للجهات الحكومية أن تكثف جهودها في تقديم المعلومات اللازمة للشركات السعودية للاستفادة من فرص الاستثمار والتصدير المتاحة في دول مجلس التعاون؛ وذلك حتى تتمكن هذه الشركات من الاستفادة القصوى من القرار الخليجي الخاص بالمواطنة الاقتصادية للشركات.
إجمالا، فإنه أمام الشركات الوطنية فرصة ذهبية لتحسين أوضاعها وزيادة حجم استثماراتها ونشاطها ومن ثم أرباحها، وذلك من خلال إعادة ترتيب خططها المستقبلية على أسس جديدة، ومن أهم هذه الأسس هي كيفية الاستفادة من الفرص الاستثمارية والتصديرية الموجودة في الفضاء الخليجي الواسع الذي فتحه أمامها قرار تطبيق المواطنة الاقتصادية الكاملة للشركات الخليجية.