الملك عبد الله .. مبادرات تصنع التاريخ وتحدد مسار الأحداث

الملك عبد الله .. مبادرات تصنع التاريخ وتحدد مسار الأحداث

عندما يتحدث القادة التاريخيون والاستثنائيون أو يتحركون باتجاه معين، فإنهم يخرجون دائما بقرارات ومبادرات تاريخية وليس مجرد كلمات إنشائية.
وتصب مبادرات القادة التاريخيين دائما باتجاه السلم والتنمية الاقتصادية والسلام الإقليمي والعالمي كما فعل ويفعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي كان لمبادراته المحلية والإقليمية والدولية تأثير كبير على المحيطين بهذه المبادرات، وتوجه تاريخي لمسار العديد من القضايا والأحداث والتكتلات.
وقد صنع الملك عبد الله التاريخ ورسم الأحداث والأخبار بمبادراته، ومنها مبادراته في مكافحة الإرهاب أو مبادرات الأزمات المعلقة كالقضية الفلسطينية وأزمة العراق ولبنان وأفغانستان وسورية وكل الأزمات المزمنة.

قفزة تاريخية
وعندما أعلن خادم الحرمين الشريفين أمس الأول مبادرته في اجتماع قادة وممثلي مجلس التعاون الخليجي في الرياض لتجاوز "مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد" لم تكن هذه المبادرة إلا إعلانا جديدا لقفزة تاريخية أخرى للمجلس قد تغير أسلوبه وآلياته إلى مراحل أخرى تتجاوز كل ما تم سابقا إلى الأفضل سواء من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وقد أعلن الملك عبد الله هذه المجموعة من المبادرات لإيمانه بأن تنمية الإنسان وازدهاره لا يمكن أن تتم دون أمن وسلام واتحاد.
ويعد إعلان قادة المجلس في ختام قمتهم أمس "تبني" اقتراح خادم الحرمين الشريفين الانتقال إلى مرحلة الاتحاد لمواجهة "التحديات"، تأييدا مطلقا لهذه المبادرة والفكرة المميزة، التي تأتي امتدادا لمبادرات بدأت من داخل المملكة وتجاوزت الحدود إلى آفاق أشمل كانت لها ردود فعل واسعة وتصدرت الأخبار والتحليلات في وكالات الأنباء العربية والدولية.
وقال الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني إن القمة قررت "تبني مبادرة الملك عبد الله لتشكل دول المجلس كيانا واحدا يواجه التحديات".
وأضاف إن زعماء دول الخليج "إيمانا منهم بأهمية المقترح وإيجابيته لشعوب المنطقة وبعد تبادل الآراء وجهوا المجلس الوزاري بتشكيل هيئة متخصصة لدراسة المقترحات التي تم تداولها". وحديث الزياني إضافة أخرى للإشادات التي تتلقاها مبادرات ومقترحات الملك عبد الله.

تأمين حل شامل للصراعات
ولم تكن مبادرة أمس الأول الأولى ولن تكون الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين، فقد سبق أن طرح عدة مبادرات حتى عندما كان وليا للعهد حيث طرح مبادرة السلام العربية، التي اقترحها وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد في قمة بيروت (مارس 2002م) لحل النزاع العربي الإسرائيلي، والتي توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وتؤمن حلاً دائماً وعادلاً وشاملاً للصراع العربي الإسرائيلي. وتتلخص المبادرة فيما يلي: الانسحاب من الأراضي المحتلة حتى حدود 4 حزيران (يونيو) 1967م، القبول بقيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

مبادرة حوار الأديان
ولا ينسى العالم "مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات"، التي أعقبها افتتاح الملك للمؤتمر العالمي للحوار في العاصمة الإسبانية مدريد بحضور ملك إسبانيا خوان كارلوس الأول ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثباتيرو ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وعدد كبير من الشخصيات العالمية. وخلال كلمته في افتتاح المؤتمر أكد الملك عبد الله أنه جاء من بلاد الحرمين حاملا رسالة من علماء الأمة الإسلامية تؤكد أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال والبناء لتحل هذه الرسالة محل الصراع. وأضاف: "إننا نؤمن برب واحد، واقتضت الحكمة أن يختلف الناس في أديانهم واجتمعنا لنؤكد أن اختلاف الناس في أديانهم يجب أن يكون سببا في سعادتهم" وأوضح أن "المآسي التي مر بها البشر لم تكن بسبب الأديان بل بسبب التطرف والغلو في كل دين". واختتم المؤتمر أعماله بإعلان مدريد الذي أكد أن "الإرهاب ظاهرة عالمية تستوجب جهوداً دولية للتصدي لها بروح الجدية والمسؤولية والإنصاف، من خلال اتفاق يحدد معنى الإرهاب ويعالج أسبابه، ويحقق العدل والاستقرار في العالم". كما دعا منظمو المؤتمر منظمة الأمم المتحدة إلى تنظيم دورة خاصة للحوار بين الأديان للتصديق على نتائج مؤتمر مدريد.

مكافحة الإرهاب
وكان لمكافحة الإرهاب نصيب من مبادرات خادم الحرمين عندما اقترح إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تابع للأمم المتحدة. وتناول مشروع القرار تعهد المملكة بتمويل مركز لمكافحة الإرهاب الدولي وبرئاسة المندوب السعودي الدائم. وسيعمل المركز ضمن فريق عمل لتطبيق سبل مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، أي أنه سيكون أداة من أدوات المنظمة لمكافحة الإرهاب. كما سيشجع مشروع القرار جميع الدول الأعضاء على التعاون مع هذا المركز في جهوده ضمن استراتيجية دولية لمكافحة الإرهاب. أما مبادرة خادم الحرمين الشريفين لرأب الصدع الفلسطيني واجتماع أطراف النزاع في مكة المكرمة، فقد انتهت بتوقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل اتفاق مكة المكرمة بين حركتي (فتح) و(حماس).
وتم التأكيد على تحريم الدم الفلسطيني واتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات التي تحول دون إراقته مع الإشارة إلى أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود الوطني والتصدي للاحتلال وتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني واعتماد لغة الحوار كأساس وحيد لحل الخلافات السياسية في الساحة.

حقوق الإنسان
وإذا كانت مبادرات الملك عبد الله قد شملت التنمية والسلام وحقن الدماء ومكافحة الإرهاب، التي ترتبط ببعضها البعض، فإنها لم تغفل حقوق الإنسان فقد أكد تقرير لهيئة حقوق الإنسان بمناسبة الذكرى الـ61 لليوم العالمي لحقوق الإنسان "أن خادم الحرمين الشريفين عزز حماية حقوق الإنسان بجملة من المبادرات والقرارات محلياً وعالمياً رعت النازحين وذوي الظروف الخاصة وضحايا كارثة جدة وهي مواقف طوقها الملك عبد الله بإنسانيته في سعى دؤوب إلى إيجاد نقلة نوعية لبناء إنسان متكامل" وقالت الهيئة :" إن الذكرى الحادية والستين لليوم العالمي لحقوق الإنسان، تصادف مرورها بعد اتخاذ خادم الحرمين الشريفين عدة قرارات إنسانية عظيمة خلال فترة وجيزة إثر أحداث محلية دللت على اهتمامه ورعايته الشديدين بقضايا حقوق الإنسان.

الأكثر قراءة