«مؤشر التعاون الإسلامي» شكلي ولا يحفز اقتصادات وبورصات الأعضاء

«مؤشر التعاون الإسلامي» شكلي ولا يحفز اقتصادات وبورصات الأعضاء

اتفقت آراء خبراء اقتصاديين ومحللين ماليين تحدثوا لـ "الاقتصادية" أمس، أن إعلان منظمة التعاون الإسلامي عن تدشين مؤشر خلال عام 2012 في منتدى الأوراق المالية في العالم الإسلامي يأتي كإجراء شكلي، ولن يكون له دور بارز في تحريك البورصات أو تحفيز الاقتصاد في الدول الأعضاء، مشيرين إلى أنه من الأجدى ألا يتم التركيز على مجال أسواق الأوراق المالية التي تندرج تحت الأنظمة التجارية المتعددة المختلفة من بلد لآخر، حيث إن الاحتياج الفعلي في الوقت الحالي يتمثل في إيجاد تعاون اقتصادي على مستوى المشاريع والبنى التحتية لبناء العالم الإسلامي ومعالجة الفقر، الذي تسبب في وجود المجاعات في بعض البلدان الإسلامية. ويرى المحللون الماليون أن على المنظمة في حال رأت ضرورة تدشين المؤشر ووجود أهمية فيه، أن تقتصر على حث الدول الأعضاء بتزويدها بالبيانات لتحليلها وتزويد المنظمات الدولية بها، وكذلك استخدامها في نطاق عالمي بعيداً عن العزل في داخل منظومة لا تتناسب مع عصر العولمة، الذي نعيش فيه في الوقت الحالي، وذلك خاصة بعد تأخر معظم دول العالم الإسلامي عن العيش ضمن منظومة الاقتصاد العالمي والانضمام للمنظمات الدولية كالبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من الكيانات الدولية الاقتصادية الكبرى.
آراء المحللين الماليين والاقتصاديين جاءت بعد أن أعلن أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، في تصريحات صحافية في جدة ظهر أمس أن عام 2012 سيشهد الإعلان عن جملة من المشاريع الاقتصادية في الدول الأعضاء في المنظمة.
وقال أوغلي: "في سنة 2012 سيتم تدشين مؤشر منظمة التعاون الإسلامي في منتدى الأوراق المالية في العالم الإسلامي، حيث إن الاتفاق تم على إعلان المؤشر، الذي سيعمل على تحريك القطاع المالي في الدول الأعضاء في المنظمة، كما سيحرك الاقتصاديات في دول العالم الإسلامي، ويزيد من التعاون فيما بينها"، كما أعلن أن العام الجاري سيشهد إنشاء اتحاد الصناعات الزراعية في الدول الإسلامية، بالإضافة إلى إطلاق برنامجين منفصلين، يُعنى الأول بريادة الأعمال في وسط الشباب، ويتمثل الآخر في تنمية الشباب في الأوساط الريفية، وذلك من أجل تدريب الشباب وصغار المزارعين في الريف.
وقال الدكتور علي التواتي, المحلل المالي ورئيس قسم المحاسبة والتمويل في جامعة الملك عبد العزيز: "لا أرى وجود جدوى اقتصادية فعلية من تدشين مثل هذا المؤشر، إذ كان من الأفضل أن يكون هناك تركيز على إيصال البيانات الصحيحة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، والتركيز كذلك عوضاً عن تجميع البيانات في المنظمة على تحليلها وتقديمها بشكل صحيح وشفاف لتسليمها للمنظمات الدولية المختصة بجمع المعلومات وتنظيم الإحصاءات"، مشيراً إلى أن الحاجة ليست ماسة لإيجاد قاعدة بيانات جديدة عن الأسواق، إذ إن هناك قاعدة بيانات سابقة موجودة في تركيا وتحديداً في "اسطنبول"، ولم يتم الاستفادة منها بشكل جاد، نظراً لعدم تحديث بياناتها بشكل دوري ووجود بعض البيانات قد مضى عليها نحو خمسة أعوام، ولم يتم تحديثها.
ويرى التواتي أن إطلاق المؤشر لن يستفاد منه سوى في خلق فرص وظيفية جديدة تحت مظلة المنظمة، وتكبيد أعضاء المنظمة مزيدا من النفقات التي يمكن أن توجه لمشاريع أخرى ذات جدوى ومردود اقتصادي، لافتاً إلى أنه من الأجدى أن تحث المنظمة الدول الأعضاء بتزويدها بالبيانات لتحليلها وتزويد المنظمات الدولية بها، وكذلك استخدامها في نطاق عالمي بعيداً عن العزل في داخل منظومة لا تتناسب مع عصر العولمة الذي نعيش فيه في الوقت الحالي.
وأشار التواتي، إلى أن الحاجة في تعاون الدول الأعضاء لا تكمن في مجال أسواق الأوراق المالية التي تندرج تحت الأنظمة التجارية المتعددة، التي قد تختلف من بلد لآخر، حيث إن الاحتياج الفعلي يتمثل في إيجاد تعاون اقتصادي على مستوى المشاريع والبنى التحتية لبناء العالم الإسلامي، لافتاً إلى أن على المنظمة ألا تسير في مسارات فرعية لا تضيف جديدا على العملية التنموية، بل إنها تحمل ميزانية التنمية في العالم الإسلامي فوق ما يجب أن تتحمل.
وأردف التواتي: "يجب أن نكون واقعيين ونمضي مع زخم الاقتصاد العالمي، وذلك حتى لا ننعزل ولا نتخلف ونضيع الوقت، كما حدث عندما أضاعت دول العالم الإسلامي الوقت وتأخرت عن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، ما جعل الدول الأخرى تكسب قصب السبق وتحصل على مراكز قوية في المنظمة"، مستدركاً أن المملكة بالكاد تداركت ذلك التأخر وحصلت على مركز لا بأس به في صندوق النقد الدولي.
ووصف التواتي، الخطوات والإجراءات التي تضمنها بيان منظمة التعاون الإسلامي الصادر ظهر أمس بالانعزالية، التي يرى أن الأجدى عوضا عنها أن يتم تسخير الأموال في المنظمة فورا لصالح المشاريع التنموية من خلال خطة استراتيجية موضوعة على مستوى العالم الإسلامي، وذلك بالتركيز أولا على الدول الأقل نموا ثم الدول التي تعلوها ممثلة في الدول النامية ثم الدول ذات الدخل العالي، مؤكداً أن الحاجة ماسة بشكل أكبر في مجال معالجة الفقر في العالم الإسلامي، الذي يعد سببا رئيسا في وجود المجاعات.
من جهته، يقول محمد الضحيان، رئيس مكتب الضحيان للاستشارات المالية "المؤشر لن يكون له دور بارز في تحريك البورصات وتحفيز الاقتصاد في الدول الأعضاء في المنظمة، وإنما سيكون مجرد أداة لقياس الأسواق تحقق النفع في توجيه المستثمرين فلن يكون منه ضرر". ويرى رئيس مكتب الضحيان للاستشارات المالية أن المؤشر لن يكون دوره فاعلا إلا في الفترة المستقبلية إذا أثبت قدرته، وتم التعامل معه، وارتفع مستوى الثقة به، خاصة إذا رمز للدول بشكل شفاف وواضح عن مدى قوة الدول الأعضاء اقتصاديا، مطالباً بضرورة التمثيل الوزني العادل والصحيح للدول الأعضاء التي ستدرج أسواقها وشركاتها ضمن قطاعات المؤشر.
وعلق خالد الجوهر، المستثمر في سوق الأسهم السعودية والعضو المنتدب لشركة الجوهر للاستثمار، على البيان وقال: "صدور البيان من المنظمة كان غير واضح، ولا يحمل تفاصيل توضح آلية عمل المؤشر أو جدواه". ويرى الجوهر أن من الأجدى كان أن تعمل المنظمة على إنشاء صندوق استثماري والقيام بتوزيعه كحصص على أسواق الأوراق المالية في الدول الأعضاء وفقا لأحجام الأسواق ومتانتها الاقتصادية وجاذبيتها للاستثمارات وقيمتها السوقية، لافتاً إلى أن السوق السعودية في حال تم تدشين المؤشر فإنها ستكون المستحوذة على الحصة الأكبر في المؤشر، إذ إنها التي أثبتت خلال عام 2011 أنها الأنشط من حيث القيمة السوقية وحجم التداول.
وتابع الجوهر: "من الواضح أن أسواق الأوراق المالية في العالم الإسلامي هي بحاجة إلى صناديق استثمارية تقوم بالشراء الانتقائي لصالح الشركات التي تتحقق من خلال الشراء فيها الجدوى الاستثمارية"، لافتاً إلى أنه حتى الوقت الحالي لا يوجد هناك سوق إسلامية مشتركة تستدعي وجود مثل المؤشر، الذي أعلنت المنظمة رغبتها في تدشينه، خاصة في ظل وجود أنظمة مختلفة في بلدان تلك الأسواق والأوراق المالية وطرق إداراتها لعمليات الشراء والبيع وتحديد النسب، مستدركاً أن فكرة المؤشر من حيث الفكرة قد يكون قابلا للتطبيق، ولكن من الصعب أن يحدث التنفيذ الذي سيواجه العقبات.

الأكثر قراءة