خرج الشواغر!
كلنا، تقريباً، يذكر حوادث الصدام بين العاطلين وبعض المسؤولين، والتي لولا الإعلام الجديد لما وصلت لـ (يد) الصغير والكبير! وبالأمس طالعتنا الصحف عن بشارة باستحداث فوري لـ 14 ألف وظيفة في القطاع الصحي لخريجي وخريجات الدبلوم. هذه الصدمة المبهجة تركت فرصة لخيال بدأت أشك أنه واقع! فالصورة الآن في ذهني كما يلي:
بدأت أتخيل أن هناك خرجا، يقوم بعض المسؤولين باستخدامه لتخزين ما وجب فوراً.. لغد قد يستغرق دهراً! وإلا كيف تظهر حلول كهذه كلما تبدلت إدارة خلال السنوات القليلة الماضية؟ من أخرج ''الخُرج'' للنور.. ونثر ما فيه للملأ؟ إنه الوريث الذي جاء وفتش في بقايا البيت وزواياه العتيقة.
المشهد الأهم هو: هل سيكتفي الوريث بما وجد؟ وهل سنحتفي طويلاً بالخُرج اليتيم وليلة نثره السعيدة؟ ربما كان هذا النمط من الحفاوة بكل إدارة جديدة (سابقة) هو السبب في ركون البعض للراحة والتسويف. وهنا يأتي دور الصحافة، الذي قد لا يأتي أبداً! ولا أحسب أن لي حاجة إلى تفصيل الدور وشرح أهميته.
الطبيعة ''الصامتة'' في لوحة البطالة، رغم بؤر الضوء التي تظهر هنا وهناك، تكاد تؤكد ما يلي: معضلة الشواغر باقية للأبد، والسبب اجتماعي في المقام الأول، وكلنا يعلم ما للواسطة والقبلية والمناطقية من دور في هذا المجال. يليها المعضلة الإدارية، فنظام التوظيف السائد ركيك جداً ولا يوفر حلولا عملية أو حتى لمعيّة! بدء من الملف الأخضر العلاقي.. وانتهاء بالمواقع الإلكترونية التي يستحيل من خلال أغلبها أن تستكمل رفع نسخة عن شهادة ''المتوسط''.. فما بالك بالماجستير أو الدكتوراه!
هل الحل في إطلاق هيئة للبطالة؟
لا.. ''تكفون''! وأستأذنكم أن أدون رأياً يقول: الحل الإداري كفيل بالقضاء على المعضلة الاجتماعية! وإليكم التصور:
في تصوري أن على وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل، أن يبتدئا بنفسيهما أولاً، وذلك بمضاعفة عدد الموجود من موظفين ''حقيقيين''، وهذا في غاية الأهمية! لنتخيل أن لهم دورا قريبا من دور وزارة الخارجية، فبقدر ما تلحق الخارجية من موظفين للخارج، تقوم في السنة ذاتها بتعيين مستجدين! وهذا يجب أن يتشابه مع ما تقوم به الخدمة المدنية والعمل، توظيف المزيد من المؤهلين الذين مارسوا العمل في إدارات للموارد البشرية.. وبالعربي الفصيح، لديهم خبرة في الـ HR!! وبعد ذلك، تقوم بتوزيعهم على مناطق المملكة للقيام بمهمة التوظيف المحلّي في المناطق، وهذا مكفول الآن في ظل هذه الموازنات الكبيرة. وبهذا يخف الضغط عن المدن الكبرى، ويتحقق شغل كثير من الشواغر المنسية بتحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من المناطق.