جدل تأنيث المحلات النسائية
شهدت قضية عمل المرأة في مجتمعنا السعودي خلافا وتباينا في الآراء لدى مختلف أطياف المجتمع ،وهذا الاختلاف صنع تضاريسا اجتماعية مختلفة تتعاطى مع قضايا المجتمع برؤى وأفكار متعددة.
ومن القضايا التي كانت تعد من أولويات المواضيع الخلافية، قضية عمل المرأة ، ماهيته ، ونوعه. فهنالك أعمال تقريبا يتفق عليها المجتمع ككل كالعمل في مجال التعليم،وبعض الوظائف التي تقتصر فيها الدائرة على التواجد النسائي. بينما هنالك مجالات أخرى من الأعمال التي قد تتاح للمرأة ، تكون محل خلاف أو بالأصح صراع بين التيارات المختلفة التي يتشكل منها مجتمعنا.
وسأتناول في حديثي هذا الموضوع الأبرز والذي شغل الساحة الاجتماعية ، والمتمثل في قرار وزارة العمل بتأنيث المتاجر الخاصة بالمستلزمات النسائية.
في عصر ما قبل الإسلام وما بعده ، عرفنا ومن خلال التاريخ أن كثيرا من النساء عملن بالتجارة ووقفن في الأسواق لبيع بضائعهن ، ولا أعتقد أن أحدا منا لم تقع عينه في حداثة عصرنا هذا على بسطات النساء أمام الكثير من أسواقنا ومجمعاتنا التجارية تحت سطوة الظروف المناخية المختلفة بحثا عن لقمة عيش أحلها الله سبحانه وتعالى.
فحين يفتح المجال لنساء المجتمع للعمل كموظفات في المتاجر النسائية فهي خطوة أكثر من رائعة من المسؤولين ، موفرين بذلك ما يقارب 300 مائة ألف وظيفة نسائية ،ونجد بالمقابل من يحاول تنشيط هذه الخطوة التي ستحقق عدة مكاسب أبرزها ،تقليص نسبة البطالة ، وتحقيق الإستقرار النفسي والوظيفي والاجتماعي للراغبين في شغل هذه الوظائف ، و الحد من الحوالات الخارجية التي تستهلك من اقتصادنا الشيء الكثير .. إلخ.
البعض أخذ بالأحوط باب درء المفاسد. أعتقد أن احتمالية وقوع المفسدة محققا بنسبة أكبر حين يكون أحدنا محتاجا للمال ولا يجده , وكلنا يعرف أن قضايا السرقة وغيرها من أمور مبررها الأول هو المال .فليس من المنطق أن نحرم شريحة كبيرة من المجتمع من فرصة عمل كهذه ستحقق لهم إلى حد كبير الاكتفاء المادي والنفسي.
أيضا لا نغفل أو نغمض أعيننا عن الوضع الحالي لنسائنا حين يذهبن لقضاء حوائجهن من المتاجر، فهنالك مستلزمات ليس من اللائق أن تناقش فيها المرأة البائع. فلا أعتقد أن رجلا يرغب في أن يعرف الباعة تفاصيل مقاسات ملابس أهل بيته أو يناقشنه فيه. ولكن حين تتعامل المرأة مع بائعة فأنها ستكون أكثر راحة في قضاء ما تريد من حوائج .
فقط لنوازن الأمور ، هل المفسدة في أن نقفل باب رزق لنساء المجتمع بحجة درء الوقوع في المحرمات ، أو نفتح هذا الباب لتحقيق الاكتفاء المادي والنفسي لهن.