لا تبلغوا الأربعين!
رغم ما لهذه المرحلة العمرية من مغايرة وجمال، وهذا ليس بسبب انتمائي لها مع أستاذنا نجيب الزامل، إلا أنني أرى فيها قدرة نوعية على العطاء. لذا، لم أستوعب حتى اللحظة ما السر في طرد سكان (عشَرة الأربعين) من ساحة الاحتواء؟! فمن قال وأكّد لصناع القرار في البلد أن من تجاوز الـ30 يستبعد أن يكون بلا عمل، بلا طلاق وترمّل (المرأة مثلا)، كما يستبعد أن يكون ذا طموح، قدرة، عطاء، ولاء، وصناعة نماء؟! وصلت في التحليل والتفكير إلى أن هذا القرار نابع من فزع البعض وتشاؤمهم من بقاء مسؤولين (ما) لـ30 و40 عاما في مناصب (ما).. دون إنتاج حقيقي يذكر!
إذا اتفقنا على أنه: نعم، تعوّد (أخي) المواطن أن يسكت طويلا، فهذا لا يعني بالضرورة ألا نسوق، حتى للصمت، تأويلا! وقياسا على أحدث الدراسات النفسية التي تؤكد ارتفاع نسب الإصابة بالاكتئاب خلال العامين الماضيين، وأن هناك ارتفاعا ملحوظا في لجوء المواطنين، والمواطنات بشكل أكبر، لمعبري الرؤى ومفسري الأحلام، إذًا لننضم للجوقة، ونعتبر أن ما يجري مجرد كابوس يبحث عن تعليل! لذا، وبعد اليقظة، حان وقت الرواية:
إذ رأيت، فيما يرى الشاخص، حربا شعواء تشن على كل من تجاوز الـ30 من المواطنين! وشاهدت بأم عين الرؤية كيف تمكن الذعر من قلوب المغار عليهم.. وإن استبسلوا، في جولات فر.. بعد كرّ للمغيرين! إلا أن الخوف بدا كامنا في مشهد التفتيش عن الغنائم ضمن تبعات وأثر هذه الحرب، وبما أسر لي به بعض جنود الدفاع في لحظات يسرقونها من عين معركة الغد.. ويبوحون بها متخيلين ما سيؤول إليه الحال بعد سنوات قليلة. وأيقنت، تقريبا، أن من حشد وجهز لهذه الحرب قانع بأمر استعصى علي فهمه!
وإليكم بعض شروط الهدنة التي تفرضها هذه الحرب على أهالي (عشرة الأربعين) من الجنسين:
- كل من تجاوز الـ30، ممنوع من شغل وظائف أكاديمية بمسمى (محاضر).. وما فوق!
- كل من تجاوز الـ35 محروم من "حافز"!
- كل من تجاوز الـ30 لا يمنح أولوية في التوظيف كحديثي التخرج!
- كل من لامس الـ40 لا يحق له التقديم على الوظائف التعليمية!
أمام هذا الحصار، وغيره الكثير، لا أستبعد أن نصل لما يلي:
- كل من قص شريط الـ40 يستثنى من حضور مهرجان "المزايين"..!.
- جميع من سيّر على الـ40 يمنع من شراء أي سلعة بالقروض أو بالدين!
- وحتى الموظف منهم، أخشى أن يقال له قريبا: وداعا، فأنت محال لزمرة المتقاعدين!