تطوير أنظمة صناديق وبنوك التنمية الحكومية
سعت الدولة - أيدها الله - لاستغلال ما أنعم الله به على هذا الوطن من ثروات نفطية ومعدنية للقيام بتنمية شاملة تستهدف جميع مناحي الحياة، وحرصت على الاستفادة من الزيادات الاستثنائية في إيرادات الدولة خلال السنوات المالية القليلة الماضية بسبب ارتفاع أسعار النفط بالشكل الذي يعود بالفائدة على المواطنين في جميع مناطق المملكة، مع التركيز على المناطق الأكثر احتياجا، وذلك من خلال تبني وتنفيذ مجموعة كبيرة من المبادرات والبرامج والمشاريع، ومن بينها الزيادات الكبيرة في رأس مال صناديق وبنوك وبرامج التنمية الحكومية المتخصصة في تقديم القروض في المجالات الصناعية والزراعية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بما يدعم التنمية الاقتصادية ويحفز التمويل التجاري.
وبالرغم من أن تلك الزيادات المالية كانت مستمرة ومتواصلة، وكان آخرها ميزانية العام المالي الحالي 1433/1434هـ التي صدرت يوم الإثنين الموافق 1/2/1433هـ، فإنه لم يواكب ذلك تطوير إداري لمعظم تلك الصناديق والبرامج؛ لكي تتمكن من تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للخطط التنموية للدولة، ومن أهمها تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل للمواطنين، فلا تزال معظم تلك الصناديق والبنوك والبرامج تعمل وفقا لأنظمتها الإدارية وضوابطها القديمة، التي يعاب عليها اقتصارها على تمويل الاستثمارات في المجالات الصناعية والزراعية دون القطاعات الاقتصادية الواعدة الأخرى المنتجة لفرص العمل للمواطنين مثل قطاع الثقافة وقطاع التراث بشقيه المادي واللامادي وقطاع السياحة وقطاع المعارض والمؤتمرات، كما أن شروط وضوابط تمويل تلك الصناديق والبنوك والبرامج لا تأخذ في الاعتبار بشكل أساسي الأثر الاقتصادي للمشروعات المطلوب تمويلها، وخصوصا في توفير فرص العمل للمواطنين، بل تقتصر على طلب دراسة الجدوى للمشروع بغض النظر عما سيحققه من خلق فرص عمل للمواطنين ومدى مساهمته في تنويع مصادر الدخل الوطني وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للخطط التنموية للدولة، إضافة إلى أن تعدد تلك الصناديق والبنوك والبرامج وتشتت إشرافها بين أكثر من جهة قد يؤدي إلى الازدواجية وتشتيت للمستثمرين، وربما يجعل بعضهم يلجأ إلى التحايل للحصول على قروض متعددة من تلك الصناديق والبنوك والبرامج لمشروع واحد، فضلا عن احتمال تغليب الجهة المشرفة على الصندوق لمصلحتها القطاعية على حساب المصلحة العامة.
وعليه، أقترح على الأمانة العامة للجنة الوزارية للتنظيم الإداري بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، أن تعيد النظر في الوضع الإداري القائم لصناديق وبنوك وبرامج التنمية الحكومية القائمة، ودراسة مدى مناسبة إعادة الهيكلة الإدارية لها، وإمكانية توحيدها وربطها بالجهة المسؤولة عن الاقتصاد الوطني والخطة العامة للتنمية الممثلة في وزارة الاقتصاد والتخطيط، وكذلك تطوير أنظمة هذه الصناديق والبنوك والبرامج التمويلية، وخصوصا المواد النظامية المتعلقة بالشروط والضوابط التي تحكم عملية التمويل، على نحو يمكّن هذه الأدوات التمويلية المهمة من المشاركة في تمويل وتحفيز الاستثمار في المشروعات الاقتصادية المنتجة لفرص العمل للمواطنين، والتي تسهم في تنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة في جميع مناطق المملكة.