«الصحة» تؤخر تعميم تجربة التأمين

«الصحة» تؤخر تعميم  تجربة التأمين

اتسم تطبيق نظام التأمين الصحي التعاوني الذي صدرت الموافقة عليه منذ 1999، كما صدرت لائحته التنفيذية في عام 2002 ببطء ملحوظ بسبب تردد الجهات المعنية والأطراف المشاركة في صناعة التأمين ببدء تطبيقه على المواطنين رغم النجاحات التي حققها في مرحلته الأولى من التطبيق على المقيمين والسعوديين العاملين في القطاع الخاص.
وأوضحت العديد من الدراسات أن التأمين الصحي يلعب دوراً بارزاً في الدول النامية والمتقدمة من خلال رفع توفير الخدمة الصحية ورفع مستواها، كما لا يزال دوره غامضاً لصناع القرار والباحثين في الدول التي تتردد في تطبيقه. وأوضحت دراسة تهتم بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضعف حجم إنفاق الفرد على التأمين الصحي في القطاع الخاص، حيث أوضحت الدراسة أنه يبلغ نحو 4.4 في المائة من إجمالي إنفاق الفرد على الصحة.
ورغم انخفاض الإنفاق على التأمين الصحي في القطاع الخاص في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط بشكل عام، إلا أن السعودية قد تميزت بتطبيقه بشكل شامل على هذه الفئة رغم التحديات. حيث بلغ عدد المؤمن عليهم من العاملين في القطاع الخاص في السعودية بحسب إحصائيات مجلس الضمان الصحي التعاوني التي صدرت أخيرا نحو 8.3 مليون سعودي ومقيم، يشكل السعوديون منهم 28 في المائة من إجمالي المؤمن عليهم أي ما يقارب 1.8 مليون مواطن.
وفي دراسة أجراها مجلس الضمان الصحي التعاوني نشرت عام 2010 بشأن إدراج الفحوص المبكرة لحديثي الولادة ضمن الفحوص الإلزامية المشمولة بوثيقة الضمان الصحي أظهرت أن عدد المواليد المؤمن عليهم حتى عام 2010 بلغ 59.9 ألف مولود سعودي مقابل 312 ألف مولود غير سعودي. ولم يتم إدراج هذه الفحوص المبكرة في وثيقة الضمان الصحي الموحدة منذ بداية تطبيقه رغم أهميتها في تقليل معدل الإصابة بالأمراض وتقليص المخصصات المالية الكبيرة التي تنفق على العلاج في المراحل المتأخرة لهذه الأمراض، مما يدل على البطء في شمولية التأمين الصحي على العاملين في القطاع الخاص وأفراد عائلاتهم وانعكاس هذا التأخير على آمال تطبيق التأمين الصحي على المواطنين العاملين في القطاع الحكومي.
وبينت الإحصائيات الأخيرة لمجلس الضمان الأخيرة أن قلة عدد الشكاوى الواردة للمجلس للعام 1431هـ مقارنة بعدد المؤمن عليهم، حيث بلغت نحو 529 شكوى، منها 67.8 في المائة ضد شركات التأمين و24.4 في المائة ضد أرباب العمل.
وأوضحت بعض الدراسات في مجال التأمين الصحي في القطاع الخاص في السعودية أن متوسط سعر بوليصة التأمين للفرد يبلغ نحو 800 ريال، وأن إجمالي المبالغ المدفوعة للتأمين على العاملين في القطاع الخاص بلغت نحو 6.4 مليار عام 2010، كما بلغ حجم التعويضات المقدمة من شركات التأمين لمقدمي الخدمة نحو أربعة مليارات ريال، مما يدل على النمو المتزايد والنجاح الذي حققته صناعة التأمين الصحي في القطاع الخاص. وقد تحقق بنهاية عام 2010 تأهيل وإعادة تأهيل 26 شركة تأمين صحي إضافة إلى خمس شركات إدارة مطالبات صحية، كما شهد عام 2009 نمواً مطرداً لأعداد مقدمي الخدمات الصحية التي تم تجد يد اعتمادها 1151 مقدم خدمة من مجلس الضمان الصحي التعاوني ليبلغ إجمالي عدد مقدمي الخدمات الصحية المعتمدين من المجلس2111 مقدم خدمة ممثلا زيادة تقارب 41 في المائة، مما أسهم في نمو حجم سوق التأمين الصحي بنسبة تقارب 14 في المائة بهدف توفير أفضل الخدمات الصحية للمؤمٌن لهم من المقيمين وكذلك السعوديين العاملين في القطاع الخاص، ضمن الشرائح التي يستهدفها نظام الضمان الصحي التعاوني.
كما أشارت الدراسات إلى انخفاض تكلفة التأمين في السعودية مقارنة بعدد من الدول المتقدمة، حيث تصل قيمة التأمين للفرد في سويسرا على سبيل المثال ألفي دولار وفي هولندا 647 دولار مقارنة بـ 220 دولارا للفرد في السعودية.
ومن التجارب الناجحة في مجال التأمين الصحي أوضح الخبراء أن تجربة التأمين الصحي في أبو ظبي كانت ناجحة بكل المقاييس طبقاً لمدير برنامج التمويل الصحي في هيئة أبو ظبي الصحية، حيث أكد في ورقة عمل شارك بها في مؤتمر "التأمين الصحي.. خيارات وآفاق" الذي عقد في المملكة في 2011 أن النظام الصحي يمول نفسه تلقائياً عبر التأمينات الصحية الإلزامية على جميع السكان.
غير أن عدداً من المختصين في برامج التأمين الصحي أكدوا أن القطاع الصحي المحلي يواجه تحديات استراتيجية تعوق تطبيق التأمين الصحي على فئات المجتمع كافة من أبرزها: النقص الحاد في القوى العاملة المدربة، وخيارات تمويل الرعاية الصحية؛ وازدواجية الخدمات الصحية وعدم كفاية التنسيق الفعال بين القطاعات الصحية.

الأكثر قراءة