الإنترنت ومصباح علاء الدين!
كان الإنترنت للشعب السعودي كما إبريق علاء الدين السحري! فحين تسأل أحدهم عن مصدره في أي معلومة؟ يقول لك : الإنترنت.. ربما يدهشك جوابه، ففي تصورهم تكفي الإشارة إلى الإنترنت للدلالة على المصدر، بينما هي في الحقيقة لا تعدو كونها وعاء لمعلومات بحاجة إلى تحديد المصدر بشكل أدق.
والمتابع اليوم يلحظ انهماك الناس واستغراقهم في تطبيقات الإنترنت فابتدأوا بالمواقع الإلكترونية فالمنتديات والمجموعات البريدية ثم فيسبوك وأخيراً تويتر ، ولعل ما يجمع ما بين هذه التطبيقات : إتاحة التواصل بحرية أكبر من الموجودة واقعياً سواء بكسر الحاجز الاجتماعي أو الحاجز القانوني في الحديث عن كل شيء بمستوى خوف معدوم أو أقل.
الإشكالية التي تشهدها الساحة - الإعلامية - في جانبها الإلكتروني هي مدى مسؤولية الإنسان عما يكتب في الإنترنت ومدى تحمله لمصداقية ما يبثه، فالمواقف والأحداث الأخيرة في البلاد تشهد ظهور قوم يكتبون دون تأن ولا دقة في المعلومات، وقوم آخرون يسجلون خلفهم ويترافعون عليهم، هذه المنازعات القانونية الواضحة المآل ليست هي مجال الحديث، إنما كلامنا حول المعلومات التي تبث في الإنترنت والتي تصعب المرافعة القانونية فيها ومدى مصداقيتها!
في الدراسة الميدانية التي تمت على عينة من طلاب جامعات سعودية تبين أن الجمهور المستخدم للإنترنت لا يزال غالبه متخفياً وراء الأسماء المستعارة أو يستخدم الاسم الأول دون اللقب (العائلة)، إذ بلغت نسبة المستخدمين للاسم المستعار أو الاسم الأول ما يفوق 75 في المائة وهو يعني أن غالبية المتعاملين في الشبكات الاجتماعية لا يتحملون مسؤولية ما يكتبونه إذ لا يمكن تحميل اسم مستعار المسؤولية ولا يمكن نسبة الكلام إليه.
الغريب.. أن ذات العينة المستهدفة في الدراسة كانت راضية بشكل كبير فيما يقارب نصف العينة عن مصداقية الشبكات الاجتماعية في نقل الخبر والمعلومة! فكيف يمكن تفسير ذلك؟
هذا التساؤل المبرر يمكن الجواب عنه بأن غالب ما يكتب في الشبكات الاجتماعية هو من إنتاج فئة قليلة من المستخدمين - غالباً تكتب بأسماء صريحة تتحمل مسؤولية ما تكتب، وبالتالي يمكن الثقة بها - والبقية من المستخدمين هم مجرد أدوات نشر وإعادة بث للمحتوى، وهذا التبرير يتفق مع دراسة قامت بها جامعة هارفارد في مايو 2009م على 300.000 مستخدم لتويتر والتي جاء في أبرز نتائجها، أن 90 في المائة مما يبث على تويتر ينتجه 10 في المائة من المستخدمين.
كل هذه الأرقام تعني أننا أمام إعلام لايزال يرسم ملامحه عدد محدود من المستخدمين - الموثوقين - وأنه في مرحلة تشكل وبناء لم ينته بعد، إذ لغياب التنظيم القانوني الواضح والمنصف الأثر القوي في المسألة باعتباره أحد عوائق النمو النوعي وبالتالي يغيب فيه الحراك الشعبي الواسع والمأمول على مستوى (صنع) الرسالة الإعلامية وتحمل مسؤوليتها.