أسرار البحر في صحراء «الجنادرية» .. الصيد لم يعد مهنة الخطر
وأنت تتجول في صحراء الجنادرية ووسط كل ملامح التراث القديمة تجد نفسك تنتقل فجأة لوسط البحر وأنت تستمع لأهازيج الصيادين من المنطقة الشرقية الذين اتخذوا من مجسم لسفينة مكانا لهم، وأمامهم على سطح السفينة تجد الشباك التي وضعوها وكأنهم في رحلة صيد فعلا، لا يعنيهم المهرجان ولا الصحراء. هذا الجو المختلف جعل العديد من الزوار يقترب من تلك السفينة ويتعرف على القائمين عليها أو يكتفي بسماع الأهازيج تاركا الخيال لعقله لينقله أين يشاء.
ويقول لـ ''الاقتصادية'' فهد عبد الله إن مهنة الصيد تعتبر مهنة وراثية وهي على رغم قدمها إلا أنها تجد إقبالا من الكثير من الشباب فلا خوف عليها من الانقراض، ويعتبر الربح المادي العامل الأول في جذب الشباب لها فمعدل ربح الصياد يصل إلى نحو ٢٥ ألف ريال أسبوعيا وهو ما يجعل الكثير يحاول أن يتعلمها أو يخوضها، إضافة إلى أن أخطار مهنة الصيد لم تعد كالسابق فبسبب الأرصاد الجوية ووقت خفر السواحل قلت الأخطار كثيرا ولم تعد المهنة التي عرفت بأنها مهنة الخطر والموت.
ويؤكد أن أفضل وسائل الصيد هي الشبك أو ما يعرف باسم القرقور وهو عبارة عن قاعدة شبكية توضع تحت قاع البحر مع طعم لتجتمع فيها الأسماك جميعها وبعدها يقوم الصياد بفصلهم وتسعيرهم وبيعهم، ويختلف سعر السمك بحسب نوعه، فهناك أسعار من ٣٥ ريالا للكيلو وتزيد إلى 80 - 100 للكيلو الواحد.
وقال ''غالبية الزوار يسألونا عن أحسن أداة للصيد متوقعين أننا سنقول السنارة الكهربائية أو المصيدة الإلكترونية ولكن تكون إجابتنا أنها الشبك التقليدية أو نحدثهم عن القرقور الذي لا يعرفونه غالبا، فالأدوات الحديثة تصلح للهواة فقط أو من يرغب في اصطياد سمكة أو اثنتين لكن استخدامها بالصيد الكثير أو للصيادين غير صالح أبدا''.
وقال ''يكون عددنا على السفينة من ثمانية إلى عشرة أفراد وبالعادة نجلس قرابة الأسبوع الكامل في البحر فنضطر لقضاء الوقت بسماع الأهازيج أو غنائها يشترك زميله خالد مهنا بالحوار قائلا ''إن أكثر أسئلة يسألونها من الزوار هي أخطر المواقف التي يتعرضون لها ولكن الإجابة تكون عادة عن مواقف تعرض لها جدودهم أو سمعوها من آبائهم، فالآن ومع الاتصالات اللاسلكية ومنع خفر السواحل للصيد في الظروف الجوية غير المناسبة لم تعد هناك أخطار تذكر، لدرجة أن بعض الصيادين قد يكون وحده مع هنود فقط على السفينة، أي أنه لم يعد بحاجة لرفاق طريق يدعمونه ويساعدونه في حال حدوث خطر ما أو تعرض السفينة للغرق''.
ويرى أن أهم ما يميز مهنة الصيد أنها تشبه الحياة بشكل كبير فعندما تنزل البحر أنت لا تختار ما تصطاده، فالصيد يصيد الزين والشين والوسط وهكذا الحياة أنت لا تختار ما يأتيك من أحداث ومواقف بل تتعامل معها ونحن نتعامل مع ما نصطاده أيا كان. ويضيف ''لا يحتاج الصيادون لجمعية أو ضمانات فهم يعتبرونه عملا حرا ومكسبه جيد خاصة أن هناك قرضا يقدم لمن رغب في امتلاك سفينة صيد، ويرى أنها أفضل للشباب من أي وظيفة لدرجة أنه يستغرب الشكوى الدائمة من عدم فرص عمل، وهناك كنوز في البحر موجودة وتنتظر فقط من يكتشفها.