العلاج التقليدي للأورام يسبّب تلفا للخلايا السليمة

العلاج التقليدي للأورام يسبّب تلفا للخلايا السليمة

أكد استشاري سعودي أنه على الرغم من المساهمة الفعالة لتقنيات العلاج بالأشعة التقليدية في علاج الكثير من مرضى الأورام السرطانية، إلا أنها قد تتسبب في بعض المضاعفات والأعراض الجانبية للمرضى. وأضاف أن هذه المضاعفات تنشأ بسب تعرض الأعضاء السليمة للمريض والقريبة من الورم لجرعات من هذه الأشعة تتسبب في قتل بعض خلاياها مما قد يتسبب في حدوث مضاعفات لهذا المريض ـــ لا قدر الله ـــ.
وقال الدكتور أحمد بن محمد علي عطيف استشاري الفيزياء الطبية ورئيس قسم الفيزياء الطبية في مدينة الملك فهد الطبية إن من الأمثلة على هذا أنك حينما ترغب في علاج ورم ما داخل الجسم بالعلاج الإشعاعي الخارجي بالأشعة السينية، فإن على هذه الأشعة أن تخترق الجسم من الجلد إلى موقع الورم ثم تنفذ من الجانب الآخر. وأثناء اختراق هذه الأشعة للجسم فإنها تتسبب في تلف الكثير من الخلايا السليمة الواقعة في مسارها مما يتسبب في مضاعفات وأعرض جانبية تنشأ بسبب هذا التلف غير المقصود لهذه الأعضاء الواقعة أمام وخلف الورم.
وأشار عطيف إلى أن الأطباء يلجأون لتقليل هذه المضاعفات إلى إعطاء العلاج الإشعاعي للمريض على عدة جرعات قد تصل إلى أكثر من شهر وبمعدل جرعة واحدة أو أكثر يوميا.
حيث يوفر هذا التقسيم للجرعات الإشعاعية العلاجية وقتا مناسبا للخلايا السليمة بالتعافي من آثار الإشعاع خلال الفترة الزمنية بين كل جرعتين.
وعلى الرغم من فعالية هذه الطريقة في العلاج الإشعاعي إلا أنها تحد في كثير من الأحوال من إعطاء الجرعة العلاجية اللازمة بسبب عدم تحمل هذه الأعضاء السليمة للجرعات التي يمكن أن تصلها، لهذا فإنه على الطبيب المعالج دوما أن يوازن بين الأثر الجانبي للأشعة على الأعضاء السليمة من ناحية وإمكانية إيصال الجرعة العلاجية اللازمة للسيطرة على الورم من ناحية أخرى. وفي كثير من الأحيان تقف جرعة الأعضاء السليمة حائلا أمام إمكانية إيصال الجرعة العلاجية اللازمة.
وكشف عطيف عن ظهور علاج جديد للأورام السرطانية أكثر أماناً من خلال نوع آخر من الأشعة على شكل جسيمات صغيرة تدعى ''البروتونات'' لتفادي ما تسببه الأشعة السينية من تلف للخلايا الواقعة في مسارها، وتقوم هذه البروتونات باختراق جسم المريض دون أن تتسبب في أي تلف يذكر للخلايا الواقعة أمام الورم أو خلفه أو الملاصقة له، حيث تفقد هذه الجسيمات طاقتها عند وصولها إلى الورم ففي مدى صغير جدا مما يتسبب في إعطاء جرعة علاجية عالية ومحددة في منطقة الورم تقتل الكثير من خلايا السرطان القريبة من نقطة توقف هذه الجسيمات، مضيفاً أنه من خلال استخدام هذه التقنية يمكن إعطاء جرعات عالية جدا لمنطقة الورم دون المساس بالأعضاء السليمة حول الورم مما يتسبب في رفع نسب الشفاء من هذا المرض بإذن الله، حيث قد ثبت علميا أن هناك تناسبا طرديا بين احتمالية السيطرة على الورم والجرعة الممنوحة للورم.
وذكر عطيف أن التفكير باستخدام البروتونات في العلاج الإشعاعي بدأ منذ منتصف الأربعينيات الميلادية، وبدأ استخدام البروتون في العلاج عام 1954 في مختبر لورانس بركلي الوطني ثم بدأت بعض مختبرات أبحاث فيزياء الطاقة العالية High energy physics labs بتقديم العلاج بالبروتون على المستوى البحثي. وتم علاج أول مريض بالبروتون في لومالندا في الولايات المتحدة نهاية عام 1990. ومنذ عام 1990 إلى تاريخنا شيد ما يزيد على 20 مركزا للعلاج الإشعاعي بالبروتون في مختلف دول العالم وعولج به آلاف المرضى.
وبين رئيس قسم الفيزياء في مدينة الملك فهد الطبية أن الدراسات العلمية أثبتت فعالية البروتون في علاج أورام الأطفال والعين وقاع الدماغ وأورام البروستات والأورام القريبة من أعضاء حساسة للأشعة، كما أن للعلاج بالبروتون فائدة لا تضاهى في علاج الأورام الكبيرة الملتفة حول أعضاء حساسة، لافتاً إلى أن تكلفته الباهظة لا تزال العائق الأكبر أمام امتلاك كثير من دول العالم لهذه التقنية. ولتقليص هذه التكلفة لأقل ما يمكن، فإنه عادة ما تحتوي مراكز العلاج الإشعاعي بالبروتون على معجل واحد يغذي ثلاث إلى خمس غرف للعلاج الإشعاعي، كما أنه عادة ما يعمل المركز لمدة تصل إلى 16 ساعة في اليوم، وبهذا يصبح هذا النوع من العلاج مجديا اقتصاديا. هذا علاوة على ندرة الأعراض الجانبية للعلاج بالبروتون، وبالتالي توفير تكلفة علاج الأعراض الجانبية المصاحبة للأنواع الأخرى من أنواع العلاج الإشعاعي.
واختتم عطيف أن العلاج بالجسيمات سينطلق قريباً في مدينة الملك فهد الطبية من خلال شراكة بين وزارة الصحة والقطاع الخاص على مرحلتين، تتمثل المرحلة الأولى في تجهيز خمس غرف علاج بالبروتون سيتم تخصيصها لعلاج العين وأورام الرأس والعنق، كما سيخصص يوم للباحثين من جميع مراكز الأبحاث المحلية والعالمية لإجراء أبحاثهم في غرف خصصت لهذا النوع من البحث العلمي. وسيعمل المركز لمدة 14 ساعة في اليوم. أما المرحلة الثانية من المشروع والتي سيتم البدء فيها لاحقا فتتمثل في إضافة جهاز معجل لتعجيل الكربون وغيره من الجسيمات.

الأكثر قراءة