تعزيز النزاهة والشفافية في القطاع الخاص

ذكر محمد بن عبد الله الشريف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عبر لقاء في صحيفة ''الاقتصادية'' يوم السبت الموافق 3/4/1433هـ، أن القطاع الخاص مشمول بقطاع الهيئة، لكن شموليته ليست كشمولية الوزارات، بل هو مشمول بأن يقدم للهيئة برامج وخطط مكافحة الفساد لديه في شركاته، والهيئة تتابعها وتقيمها، وتراقب تنفيذها، وذلك لأهمية مكافحة الفساد في جميع المجالات الحكومية أو القطاع الخاص.
وما ذكره هو بحق من صميم مهام الهيئة كما نص على ذلك تنظيمها الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (165) وتاريخ 28/5/1432هـ، سواء في مادته الأولى، التي حددت الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، ومن بينها الشركات التي تمتلك الدولة نسبة لا تقل عن 25 في المائة من رأسمالها، أو في مادته الثالثة التي حددت أهداف الهيئة واختصاصاتها ومن بينها تشجيع جهود القطاعين العام والخاص على تبني خطط وبرامج لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، ومتابعة تنفيذها وتقويم نتائجها، ومراجعة أساليب العمل وإجراءاته في الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة بهدف تحديد نقاط الضعف التي يمكن أن تؤدي إلى الفساد، والعمل على معالجتها بما يضمن تحقيق أهداف الهيئة وتنفيذ اختصاصاتها.
وأود أن أشير في هذا الخصوص إلى ما قامت به هيئة السوق المالية من وضع لائحة لحوكمة الشركات عام 1427هـ بناء على نظام السوق المالية التي تعنى بتحديد القواعد والمعايير المنظمة لإدارة الشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية، من أجل ضمان الالتزام بأفضل ممارسات الحوكمة التي تكفل حماية حقوق المساهمين وحقوق أصحاب المصالح، وإيضاح حقوق المساهمين، إضافة إلى الإجراءات المتعلقة بالإفصاح والشفافية ووظائف مجلس الإدارة ومسؤولياته ولجانه. وهي لا شك تُعدّ خطوة نوعية لتحقيق الإقرار بمبدأ الشفافية ومن ثم تعزيزه داخل الشركات المساهمة واعتماده كممارسة للوقاية من الفساد، ويحتاج إلى أن تعقبها خطوات أخرى، منها تقييم تلك اللائحة بصفة عامة سواء أحكامها التي أصبحت إلزامية أو الأحكام التي لم يتم بعد الإلزام بها ولا تزال استرشادية، وبحث إمكانية التسريع في تطبيقها، إضافة إلى دراسة إضافة أحكام جديدة للائحة تتضمن ضوابط مرشّدة لإجراءات التعاقد وتعيين الموظفين، خصوصا من لهم أقارب سواء في الشركة نفسها أو الجهة الحكومية المشرفة على نشاط الشركة.
كما أشير إلى ما تضمنه نظام الشركات في المملكة من أحكام تهدف إلى حماية حقوق المساهمين في مختلف أنواع الشركات، خصوصا شركات الأموال والشركات المختلطة كشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة، ومن ذلك المواد النظامية التي تضمنها هذا النظام وأخضع بموجبها هذه الشركات لأنواع مختلفة من الرقابة، تقوم بها أجهزة داخلية وأخرى خارجية، وضرورة تزويد الإدارة العامة للشركات في وزارة التجارة والصناعة بصور من ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر ومن تقرير مجلس الرقابة ومراقب الحسابات وغير ذلك من التقارير التي نص عليها النظام، وهي أيضاً تحتاج إلى مراجعة وتقييم، خصوصا مستوى تفعيل تلك الأحكام ومدى وجود الكوادر الإدارية والموارد المالية اللازمة لتفعيل تلك المواد.
ونظرا للأهمية القصوى لهذه اللائحة التي تصب في تعزيز الجانب الوقائي الذي يسهم في حماية النزاهة والوقاية من الفساد وحماية المال العام للدولة وأموال المساهمين وخصوصا الصغار منهم الذين في حاجة إلى حماية خاصة، فإنني أقترح على رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد العمل مع هيئة السوق المالية ووزارة التجارة والصناعة لإجراء دراسة تهدف إلى مراجعة وتطوير لائحة حوكمة الشركات لتواكب ما يستجد في نظم الحوكمة وفق أفضل الممارسات العالمية، خصوصا أن هناك تغيرات ومستجدات تطرأ بصورة متسارعة في هذا الفرع من قوانين الشركات، لذلك نرى كثرة انعقاد الدورات والمؤتمرات وورش العمل التي تناقش أساليب الحوكمة، وكذلك الأمر مع نظام الشركات الحالي الذي صدر قبل نحو نصف قرن ومع مشروع النظام الجديد الذي ربما حدث تراجع في إقراره، بحيث يتضمن الأحكام المناسبة التي تضمن الشفافية وعدم تضارب المصالح في أداء مسؤولي أنواع الشركات كافة التي يشملها النظام. كذلك نرى تطوير لوائح تنظيم العمل واللوائح المالية للشركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة التي تتملك الدولة نسبة 25 في المائة من رأسمالها، بهدف تحديد نقاط الضعف التي يمكن أن تؤدي إلى الفساد، والعمل على معالجتها بما يضمن تحقيق أهداف الهيئة وتنفيذ اختصاصاتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي