الثلاثاء, 6 مايو 2025 | 8 ذو القَعْدةِ 1446


انتعاش متوقع لشركات الاتصالات والتكنولوجيا والطيران

بينما كانت المملكة المتحدة تتأرجح على حافة الركود منذ أربع سنوات من جراء الأزمة الاقتصادية العالمية، يحدوها الأمل الآن بتحقيق انتعاش اقتصادي من خلال تنظيمها دورة الألعاب الأولمبية التي تنطلق فعالياتها في الخامس والعشرين من تموز (يوليو) المقبل 2012.
منظمو الحدث والشركات المشاركة فيه يبدون ثقة بإحداث طفرة في النمو الاقتصادي للبلاد في زمن قصير بعد سنوات مضت من العناء والشقاء، فيما يشكك مختصون في إمكان تعزيز دورة الألعاب الأولمبية الاقتصاد المتعثر.
يقول ريك ديريوث الخبير الاقتصادي في المعهد الوطني للاقتصاد والتنمية لـ ''الاقتصادية'': ''أنفقت الحكومة 9.3 مليار جنيه استرليني على الدورة، كما أنَّ جزءاً كبيراً من هذا المبلغ تم إنفاقه على الأمن فقط لمكافحة التهديدات الإرهابية والقضايا الأمنية الهائلة.
وتعاقد منظمو الدورة مع شركة ''جي 4 إس'' أكبر وأعرق شركات الأمن في العالم لتأمين الحماية لنحو 10.5 ألف من الرياضيين الأولمبيين و4200 رياضي من المعوقين وما لا يقل عن 800 ألف زائر لمشاهدة الألعاب في أماكن عدة، إضافة إلى تأمين المواقع الإلكترونية من عمليات التخريب أو القرصنة، حيث رصدت بعض العصابات جملة من المواقع الإلكترونية للاحتيال على مئات الآلاف الراغبين في شراء تذاكر الألعاب وحجز الفنادق ووسائل النقل في بريطانيا، وأصبحت بطاقات الائتمان عرضة للاحتيال، والبيانات الشخصية للعملاء باتت هدفا مغريا للقرصنة.
ولكن المشكلة أن الحكومة لم تنفق كل هذه المليارات على استثمارات أو منشآت وملاعب وحدائق، فبسبب الهاجس الأمني ذهب الجزء الأكبر من المصروفات منها لتوفير أمن عدة آلاف ولبعض الوقت فقط، ولذلك فإن العائد المادي المتوقع من الأولمبياد لن يساعد بريطانيا على الخروج من عثرتها، فطريق الانتعاش ما زال طويلا وشاقا''.
ولا يزال هناك بعض الجدل قائم حول ما إذا كانت الألعاب الأولمبية ستقدم دفعة قوية لاقتصاد المملكة المتحدة أم لا، وقد توقع بعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين أن الأولمبياد ستعيق بعض الأعمال كقطاع البناء وتؤدي إلى حدوث تباطؤ في النشاط.
من جانبه، يقول بول كوبهام من منظمي الألعاب: ''الطلب قوي للغاية على نقل فعاليات الألعاب إلى جميع أنحاء العالم وواصلت شركات التكنولوجيا العملاقة عملها الدؤوب لوضع أحدث روابط الفيديو اللاسلكية الحديثة بما في ذلك آخر منتجات شبكات الراديو وكاميرات عالية الدقة والوضوح وستكون دورة الألعاب الأولمبية مذهلة من الناحية التنظيمية وعلى مستوى مبهر من ناحية النقل والبث التلفزيوني والمباشر والفضائي والبث للمواقع الإلكترونية والهواتف المحمولة''.
في هذا الإطار يقول إيريك راي مدير مركز كناري وارف التجاري في لندن: ''إن دورة الألعاب الأولمبية ستضع المتاجر القريبة من الفعاليات في طليعة اهتمام العالم، وقد تتحول أنظار المتسوقين فيما بعد من المراكز التجارية الشهيرة في وسط العاصمة لندن إلى المتاجر الأقل شهرة في شرق لندن وغربها''.
ولوحظ ارتفاع الثقة بين أصحاب العمل لرفع مستوى الآمال على حدوث تحول في سوق العمل، ومن المتوقع انخفاض البطالة بين الشباب مع زيادة التوظيف أثناء الدورة.
وفي دراسة استقصائية لغرفة التجارة البريطانية أجريت على ألفين من أرباب العمل، أظهرت توجههم لتوظيف آلاف الشباب في الأشهر الثلاثة المقبلة، كما وفرت متاجر التجزئة أكثر من 4500 وظيفة للفئة العمرية من 16 إلى 24 عاما، إضافة إلى تعاقد شركات التكنولوجيا والإعلام واللجنة المنظمة للبطولة لعدة مئات آخرين بمتوسط راتب سنوي قدره 27 ألف جنيه استرليني سنويا، فيما تتطلع شركة الأمن ''جي 4 إس'' لتوظيف نحو ثلاثة آلاف فرد أمن للعمل في دورة الألعاب خاصة. من طرفه، يقول مييل كاهيل مسؤول قطاع القوى العاملة، إنه يشعر بتفاؤل حذر بعد تحليل بيانات الدراسة الاستقصائية، مؤكدا أنه على الرغم من أنه من السابق لأوانه القول إن مشكلة البطالة في طريقها للتقلص وأنَّ الاقتصاد البريطاني تعافى من عثرته، إلا أننا سنشهد طفرة في النمو خلال الأولمبياد وعلينا العمل على تحقيق نمو مستدام''.
ويتوقع الخبراء انتعاش أسواق التجزئة والمطاعم والمراكز الترفيهية وشركات النقل، حيث بلغ عدد الشركات التي يتوقع تأثيرها الإيجابي على النمو الاقتصادي 72 شركة تقف في مقدمتها الخطوط الجوية البريطانية التي قامت بوضع ''حمامة السلام'' شعار الألعاب على أجسام تسع طائرات من علامة أيرباص A319 وسوف تنقل الزائرين من أنحاء أوروبا لنشر رسالة السلام أينما ذهبت، وصبغت الطائرة باللونين الأبيض والذهبي.
وبخصوص اعتبار حمامة السلام رمزا لروح القدس التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالبشارة بالمسيح (يسوع) في الديانة المسيحية، قال منتقدون لفكرة التصميم أنها تبشر بنهضة روحية لشركة الخطوط الجوية البريطانية، التي حظرت على المضيفات ارتداء الصليب.
وفي المقابل يقول الناقد الفني يوثان جونز: ''من الرائع أن يرتبط الفن بالطيران كارتباطه بوسائل المواصلات الأخرى كالقطارات والحافلات التي تهتم بنشر الفنون على أجسامها''.
وتساءل قائلا: ''من ينتقد رسم حمامة سلام على طائرة تنقل أجناساً مختلفة من بلدان عدة وتذهب بهم حول العالم ترى ماذا يريد أن يضع! فالفن لا ينفصل أيضا عن الاقتصاد للمردود المالي من الدعاية والإعلانات المرتبطة بالإبداع الفني والثقافي''.
من جانبه يقول هيللي والش الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الدولية ''اي ايه جي'': ''على الرغم من أن الألعاب الأولمبية ستكون ايجابية على المنتج السياحي إلا أن الخبرة السابقة للمدن التي سوف تستقبل الألعاب قليلة جدا مقارنة بالعاصمة لندن وأخشى أن تسبب قلة خبرتها خللا تنظيميا وأن يؤثر ذلك بوجه عام على سمعة بريطانيا كدولة سياحية من الطراز الأول'' .
وعلى الجانب الآخر يقول المحلل الاقتصادي لشركة ''تي ام تي'' الهندسية المعمارية مايكل بول: ''إنَّ القطاع الأكثر تضررا من جراء الألعاب الأولمبية هو قطاع البناء والتشييد، وهو القطاع الذي حقق انتعاشا ملموسا في شهر آذار (مارس) وبلغ أعلى مستوياته منذ سنتين وسيواجه انخفاضا حادا في العمل مع بدء الدورة لقرار الحكومة بفرض حظر على كافة مشروعات البنية التحتية ومنع صيانة الطرق والنقل في جميع أنحاء الألعاب الاولمبية.''
وستشهد الألعاب الأولمبية توظيف عدد ليس بالقليل من الموظفين المعاقين إضافة إلى عدد هائل من المتطوعين.

الأكثر قراءة