القطاع الخاص وجامعاتنا.. نظرة لا تدل على شراكة

لست أكتب هذا المقال لكوني أنتمي إلى الوسط الأكاديمي أو انتصاراً للجامعات السعودية، بل لأنني عايشت وأعايش واقع الشراكة بين القطاع الخاص والجامعات الذي أقل ما يُوصف به هو التواضع في المشاركة لدرجة لا تتوازى وحجم هذا القطاع الذي ينتج نحو النصف من الناتج المحلي وإمكانات الجامعات السعودية وقدراتها ومقدراتها العلمية وغيرها. إن ما أثار اهتمامي تقرير نشرته ''فاينانشيال تايمز'' في 14 أيار (مايو) 2012 عن التعليم والتدريب للتنفيذيين وترتيب الجامعات العالمية في هذا النوع من التدريب واقتفاء أثر تغيرات محاوره المختلفة خصوصاً مواضيع الإدارة المختلفة كالمالية والتسويق والإدارة والمحاسبة وغيرها. وما يهمنا هنا ليس الترتيب أو الإحصاءات التي وردت في التقرير، بل إن من بين ما ورد هو أن أكبر حجم نمو لتدريب التنفيذيين عالمياً يوجد في الاقتصادات الناشئة، خصوصاً في أمريكا الجنوبية وآسيا والشرق الأوسط، حيث تلجأ الشركات إلى جامعات في الغالب خارج مناطقهم. ولعل هناك أسباباً عديدة لذلك غير أن التبرير لا يرقى إلى إقناع المتابع لهذا النوع من التعاون بين القطاع الخاص والجامعات لكيلا يكون شاهداً على تدني مستوى الشراكة بين هذين القطبين: الجامعات والقطاع الخاص.
القطاع الخاص عليه مسؤولية اجتماعية وأدرك أنه يجب ألا يكون جمعية خيرية؛ لكنه في المقام الأول يجب أن يكون له الإسهام المباشر وغير المباشر في التنمية وتناغم ذي بال مع المؤسسات التعليمية، خصوصاً الجامعات. كما استدرك بألا يُؤخذ هذا المطلب على عواهنه، بل يجب أن تكون هناك محدّدات للتنافس المهني والاحترافي بين هذه المؤسسات التعليمية نحو الإبداع وإعطاء الفرصة بعدل حين مقارنة مؤسساتنا التعليمية وقريناتها الدولية. فمثلاً حيث تأخذ محور التكاليف لدورة تدريبية وتنافس عليها جامعة محلية مع الدولية فستجد أكثر من علامة استفهام والإحساس بعدم قناعة القطاع الخاص في دفع مثل تلك المبالغ التي يمكن أن تدفع لهذه الجامعات الدولية. هذا بخلاف ما يتحمله القطاع الخاص (الشركات) من مصروفات أخرى على المتدربين إذا كان خارج المملكة وبالذات أوروبا أو أمريكا.
إن تحكيم التكاليف بقيم مطلقة كأحد محددات الاختيار لهو خطأ في المقارنة علماً بأنه لا يجب القول إن على القطاع الخاص إعطاء كل دورة تدريبية إلى الجامعات المحلية أو المؤسسات التعليمية المحلية ذات العلاقة. لكنني ومن خلال خبرتي المتواضعة في هذا المجال شهدت على كثير من النماذج لعدد من الدورات والتي أدرك أن في كثير من جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية المحلية من هو أهل لها ولربما بأكفأ من الدولية، خاصةً أن القائمين عليها أكثر خبرة ودراية في الاقتصاد المحلي ممّن فقط لا يعرف هذا الاقتصاد إلا من خلال تقارير المؤسسات الدولية.
ولا ينكر أيضا أن في القطاع الخاص مؤسسات مختلفة وشركات متعددة طوّرت شراكتها مع الجامعات السعودية في مناحٍ عديدة لكن الأمر يبقي دون تطلعات الإمكانات الموجودة في هذه الجامعات وبما يحقق أيضاً فرصة الريادة للرفع من مستوياتها العملية وتراكم الخبرات وإطلاع الباحثين فيها والمهتمين على أمثلة واقعية من الاقتصاد المحلي لكيلا يُؤخذ علينا نحن مجتمع الأكاديميين بأننا مرتهنون بنظريات ندرسها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي