القلوب الصغيرة.. عندما يتطوع الطبيب السعودي

عند المشاريع الناجحة الكبيرة يستهوي بعض الناس البحث في أوراق الماضي للتعرف على صفحة البداية والتأمل في كيفية تحول الأفكار في أذهان أصحابها إلى مشاريع ناجحة في أرض الواقع. في هذه السطور لن ننتظر حتى يكبر المشروع بل سوف نقف على مشروع ناجح منذ بدايته ومرافقته في رحلة النجاح والنمو خطوة بخطوة.
القصة تبدأ حين يدرك مجموعة من الأطباء السعوديين حجم المعاناة التي يعيشها مئات الآلاف من الأطفال في العالم الفقير، حيث قلوب صغيرة بريئة أنهكها المرض، وأسر تتطلع إلى علاج فلذات أكبادها، وإمكانات تقصر عن تحقيق المأمول وتخفيف المعاناة. وعندما ينادي الإنسان الإنسان تستجيب الفطرة وهكذا فعلاً يستجيب هؤلاء النخبة من الأطباء السعوديين ويستشعرون مسؤوليتهم وقدرتهم على تخفيف معاناة هؤلاء الأطفال وأسرهم من خلال برنامج تطوعي احترافي لا يوجد له نظير في العالم العربي ليكوّنوا مشروع ''القلوب الصغيرة'' الذي يهتم بعلاج أمراض القلب لدى الأطفال في الدول الفقيرة. ولكي تتكامل الجهود يدخل الفريق في شراكة استراتيجية مع المنتدى الإسلامي: إحدى أكبر المنظمات الخيرية الإسلامية العاملة في إفريقيا وأوروبا.
وعندما تجتمع خبرة خيرية مؤسسية تمتد أكثر من 25 سنة مع مهارة طبية احترافية في مجال جراحة قلب الأطفال فإن نجاح المشروع التطوعي هذا لا ينقصه سوى توفيق الله - تعالى - وهو ما نرجوه لهذا المشروع التطوعي المتميز.
تتمحور فكرة مشروع ''القلوب الصغيرة'' في إقامة حملات طبية في البلدان الفقيرة لا تتجاوز مدتها الأسبوع، يتم خلالها إجراء عشرات العمليات الجراحية للأطفال المرضى وتقديم العلاج المطلوب وتدريب الطاقم الطبي المحلي. ويتطوع في مشروع ''القلوب الصغيرة'' قرابة الـ70 متطوعا محترفا منهم الاستشاريون والجراحون في تخصص قلب الأطفال وإخصائي تخدير وممرضون وفنيون وطاقم إداري مساند، من أكثر من 14 جنسية ويشرف على المشروع كوادر طبية سعودية والمجال مفتوح لمن أراد التطوع.
اليوم - والمشروع ما زال في بدايته - أقام فريق ''القلوب الصغيرة'' ست حملات طبية لعلاج قلوب الأطفال في كل من اليمن ومصر وسورية وكازخستان والمغرب والسودان، وأجريت فيها 700 عملية قسطرة وجراحة قلب للأطفال.
عندما تعود النضارة إلى وجه ذلك الطفل بعد سنوات من الشحوب ويسترد عافيته بعد معاناة مع المرض ثم تشاهده يجري ويلعب كما يفعل أقرانه الأصحاء، وتتسلل إلى المسامع دعوات الآباء والأمهات لذلك الطبيب المسلم العربي السعودي عندها تدرك كم هو رائع وعظيم ما يقوم به أعضاء فريق ''القلوب الصغيرة'' وهم يمثلون دينهم ووطنهم بكل نبل واحترافية.
تشير أدبيات التطوع إلى أنه عندما تكون متخصصاً كالطبيب والمهندس والمحاسب فإن تبرعك بالوقت والخبرة أبلغ أثراً من تبرعك بالمال، وهو ما ترجمه فريق ''القلوب الصغيرة'' على أرض الواقع العربي المتعطشة لمثل هذه التجارب المحترفة في حقل الاحتساب والتطوع، فكل الشكر لأصحاب القلوب الكبيرة في مشروع القلوب الصغيرة.
حسنا، لا تخلو البداية من تحديات والانطلاق من عقبات كما هي عادة المشاريع الناجحة، لكن أثرها سيزول إذا وجد المشروع منا مسؤولين ومجتمع الدعم والتقدير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي