قبل أن نحكم لشركاتنا بالنجاح

نشرت ''الاقتصادية''، أمس، قائمتها السنوية لأفضل بيئة عمل للمنشآت السعودية، والتي تضمنت معلومات وحقائق مهمة عكست، إلى حدٍّ كبيرٍ، بعضاً من واقع الإدارة الاحترافية الحديثة وبيئتها وممارستها في الاقتصاد السعودي سواءً القطاع العام أو القطاع الخاص. ولعل في قراءة هذه القائمة أيضاً مضامين جوهرية عن طبيعة هذه المنشآت التي شاركت في هذا التمرين المهني، خصوصاً عند دراستها وتحليلها بشكل دقيق، والتي منها الاستنتاج بأن النجاح لا يأتي من فراغ، بل إن العنصر البشري هو الأهم في إدارة الموارد والأصول.. إضافة إلى ذلك الانطباع الخاطئ عن تميُّز البيئة الإدارية في قطاع ما أو شركة قيادية، في حين أنها ليست كذلك. بل إن غيرها أدنى منها مقدرات وعدداً وعدة وفاقت في بيئتها تلك الشركة التي كان لدينا عنها ذلك الانطباع. وهكذا حتى في قطاع معين. إن النجاح لأي عمل لا يُنسب فقط إلى المقدرات التي تحت تصرف المنشأة، بل لربما أنها العامل الوحيد الذي رسم صورة خاطئة لدى المتابع لأعمال تلك المنشأة في كونها فعلاً تُدار بكفاءة عالية. لذا فتلك المقدرات سواءً كانت مالية أو تنظيمية شرعت لها احتكاراً لأعمالها هي التي أخذت بهذه المنشأة إلى عالم النجومية والنجاح، وليس الإدارة الكفؤة الفاعلة. فمثلاً، عندما تأتي إلى شركة ما أو قطاع بكامله وقد هُيئت له بيئة احتكارية في أعماله فلا يجب الحكم على نجاحه من واقع نتائجه التي قد تبهر الأبصار قبل الألباب دون النظر إلى كفاءة أدائه الإدارية لكون هذه النتائج قد تتحقق بأعلى من ذلك بكثير فيما لو أُديرت بشكل أكثر فاعلية. وعلى الطرف الآخر أيضاً فإن هذه النتائج قد تكون أقل مما هو متحقق فيما لو عملت هذه الشركة أو هذا القطاع بتنافسية حرة.
لذا فالحكم على النجاح من عدمه أو تدني أو ارتفاع مستواه لا يمكن أن يُنسب إلا إلى عوامله المتعدّدة والتي من أهمها الإدارة الاحترافية المهنية الكفؤة والفاعلة، وإلا فنحن كمَن يكذب على نفسه ويصدقها بوجود منشآت قادرة على التنافس الاقتصادي الدولي الحر، والذي يحتدم فيه الصراع لدرجة محمومة يوماً بعد الآخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي