مذبحة الحولة.. امتحان المنظمات الحقوقية
للأطفال وضع خاص جداً في الإسلام، فالرسول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ إذا هم في الصلاة وسمع صوت طفل يبكي تعجل في صلاته. كذلك وكما هو معلوم، أن الحركة في الصلاة غير مستحبة، وقد تبطلها، ولكنه ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ حمل الأطفال في ركوعه وسجوده، وسن بذلك منهجا لم يشهد التاريخ البشري مثله، فكان الإسلام أكثر الديانات رحمة بالأطفال والضعفاء.
كم هو مؤلم أننا لم نر منظمات حماية الأطفال ترتقي إلى مستوى هول مذبحة الحولة التي راح ضحيتها عشرات الأطفال، ولو أنها حصلت في بلد أوروبي أو في إسرائيل، لانقلب العالم وجيَّش الجيوش لنصرة الأطفال وحمايتهم. تعجب في المقابل كثيراً، أن تلك المنظمات صرخت كثيراً وطبل لها كثيرون منا، حول زواج القاصرات، والآن هؤلاء القصر يقتلون وتستباح أعراضهم ولم نسمع من تلك المنظمات إلا بيانات شجب محدودة.
أين العالم المتحضر من محاسبة شركاء النظام السوري في تلك المجزرة، التي فاقت أهوالها مذبحة دير ياسين؟ أكبر شريك ومشجع في تنفيذ تلك المجزرة هم الروس، فهم من لا يزال يضخ الأسلحة لإبادة الشعب السوري. بل هو المنافح عنه في المحافل الدولية، وأصدروا بياناً رسمياً بتبرئة النظام السوري من المجزرة، وأن الذين قاموا بذلك على حد زعمه، هم مجموعات إرهابية معادية للنظام. عذر أقبح وأشنع من الفعل. السؤال المهم في هذه القضية، ألا يمكن ممارسة أي ضغط دبلوماسي على الروس؟ هل يمكن أن يكون لدولنا الخليجية، دور ضد روسيا لإجبارها على تغيير موقفها؟!
تعجب كثيراً كذلك، أن الصين تلك الدولة المؤثرة دولياً، التي يعتمد اقتصادها كثيراً على النفط الخليجي والسوق الخليجية، هي الأخرى تساند النظام السوري الطائفي. الصينيون المعروف عنهم اهتمامهم بمصالحهم الاقتصادية، هل يمكن ممارسة أي نوع من الضغط الاقتصادي للانحياز لعدالة الثورة السورية.
دولة إيران الطائفية تقوم بدور إجرامي في سورية، يتمثل في دعم النظام بالرجال والمال والسلاح، على مسمع ومرأى العالم. بل تعدى الأمر إلى القتل المباشر للشعب السوري، بإرسال مرتزقة إيرانيين وعراقيين ولبنانيين، ومن المؤسف جداً أن الدول الأوروبية وأمريكا على علم بذلك ولكن لم تتخذ تجاه تلك الدولة المعتدية إلا تصريحات لا تحمل شيئا من الجدية وكأنها من اللقطات الهوليوودية المتفق على أدوارها.
كم هو مؤلم أن يصرح أمين عام الأمم المتحدة، بافتراء أعلن فيه أن بعض من عناصر القاعدة يقاتلون مع الشعب السوري الأعزل! في ذلك التصريح كأن يعطي النظام غطاء لارتكاب مزيد من القتل، بدعوى وجود مسلحين وإرهابيين، وهو ما دفع النظام إلى ارتكاب مزيد من القتل وقصف المدن وتدميرها.
لا يزال العالم الذي يدعي التحضر يدعم ذلك النظام، ويطيل من عمره، بالسماح لدول مثل إيران وروسيا، بتسليح جيش النظام بأحدث أسلحة على القتل، وبمنع تسليح الجيش الحر. لذلك فإن مبادرة السعودية وقطر بالدعوة لتسليح الجيش الحر، هي مطلب شعبي سوري، بل هي الحل الأمثل لإنهاء حالة القتل اليومي للمدنيين، حيث إنه بتسليح ذلك الجيش تكون فيه حماية للأطفال والمدنيين العزل، ونهاية لتسلط نظام فاسد.
العجيب أنه قبل أربع سنوات في قمة الدوحة بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، خطب رئيس النظام السوري خطبة عصماء، دعا فيها بأن نجعل من صور أطفال غزة وشهدائها لوحة تذكارية، تدرس في المدارس حتى لا تنسى الأجيال بشاعة العدو الصهيوني. أثبتت أحداث الثورة السورية أن جرائم عصابته الطائفية الوحشية في حق الشعب السوري، لا يكفيها لوحة بل تحتاج إلى معارض لاستيعابها. لقد ذكرت كتب التأريخ أن أجداده الباطنيين، قد فعلوا في بلاد الشام من تقتيل أكثر بشاعة مما قام به الصليبيون. لقد صار الصمت العالمي يمثل الدعم المبرمج، لتمكين بعض الأقليات الطائفية، من التسلط على الأكثرية، ونشر الفوضى والتقتيل!