وقفتان حول مسيرة الأمير نايف

مسيرة الأمير نايف بن عبد العزيز ـــ رحمه الله ـــ لا تكفي الكتابة عنها بالوقفات، بل تحتاج إلى مجلدات، وحيث إن غيري شاركوا في ذكر شيء من سيرة حياته، لذا في هذا المقام لدي وقفتان، إحداهما شخصية مع سموه - رحمه الله، والأخرى تتعلق بالأمن الخليجي.
الوقفة الأولى حصلت من أول لقاء لي بسموه عندما كان وزيراً للداخلية، حيث كان ذلك في أواسط الثمانينيات الميلادية، جئت متشفعاً في معاملة تجنيس أيتام، وكان معي رسالة خاصة فيها توصية من الأمير مساعد بن أحمد السديري - رحمه الله وجعل ذلك في موازين أعماله، وكانت الوزارة في مبناها القديم في شارع المطار في مدينة الرياض، وأوقفت سيارتي على بعد أمتار قليلة جداً من مجلس سموه - رحمه الله، تشرفت وغيري من المراجعين بالسلام على سموه وقدمت له الخطاب وعرضت عليه الموضوع باختصار، فكان - رحمه الله - يستمع كثيراً ولا يقاطع المتكلم، وكان جوابه لي: يصير خير يا ابن حيدر. وبالفعل وبعد يومين فقط هاتفني أحد المسؤولين من الوزارة بأن سموه - رحمه الله - قد وجه بتسهيل إجراءات المعاملة التي كانت متعثرة لأكثر من ست سنوات، كما استفسر عن أحوال الأيتام وهل يحتاجون إلى مساعدة مالية ونحوها.
أما الوقفة الثانية فهي منطلقة من منهجية ومبدأ الأمير نايف، حيث اشتهر - رحمة الله - بالصرامة والحزم ولا يحب التردد إذا كان الأمر منطقياً مقنعاً، وتتطلبه المصلحة العامة، كما لا يحب المواقف الضبابية والتلاعب في الكلمات، فهذه الصفات جعلت الأمير نايف - رحمه الله - من القامات السياسية الفاعلة في الدولة السعودية، وكذلك ممن أسهم كثيراً في تماسك منظومة الدول الخليجية، لذا وبمراجعة أحداث الشغب التي حصلت في البحرين والتي كان وراء إشعال فتيلها إيران، وبمباركة شبه دولية على التهام البحرين وحذفها من منظومة دول الخليج العربي، فقد كان لسموه - رحمه الله - الأثر الكبير والفاعل في تهدئة الأوضاع وحماية الشعب البحريني وحكومته من تلك الخطة التي كان يصبو إليها النظام الإيراني منذ زمن طويل، كما أن تلك الوقفة الخليجية الشجاعة وضعت حداً للطموحات الإيرانية في دول الخليج العربي.
خلاصة القول: تعجز الكلمات عن وصف شخصية الأمير نايف - رحمه الله - لكن لا نملك شيئا غير أن ندعو الله له بالمغفرة، وأن يجعل أبناءه وذويه من البررة الصالحين الذين يدعون له ويكثرون من فعل الخيرات، وأن يلهمنا جميعاً الصبر والسلوان، ''إنا لله وإنا إليه راجعون''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي