من وصاياه.. احترموا معلميكم وتزودوا بالعلم
بالرغم من مشاغله الكثيرة الداخلية والخارجية، إلا أن الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله، كان شديد الحرص على التعليم والمعلم، وكان دائماً ما يوصي بالمعلمين خيراً، لما لهم من دور في تنشئة الأجيال.
ولعل تأكيده "رحمه الله" على أهمية تقدير المعلمين، حينما زاره وفد طلابي من مدارس الرياض، وحديثه عن دور المعلم في تنشئة الأجيال، وتزويدها بالمعارف والعلوم المختلفة، التي تسهم في رقي الأمم وعظم مكانتها، لم يكتف الأمير المعلم نايف بن عبد العزيز عند ذلك، بل دعاهم إلى أبعد منه، وقال: "إن للمعلم مكانته السامية في النفوس، حيث يحظى بإجلال وتقدير كبيرين، وهي مكانة رفيعة ويجلها الجميع، فهم ورثة الأنبياء، حيث يحملون مشاعل الضياء، والنور، والعلم إلى الناشئة".
ولم يغب عن الفقيد في ذلك اللقاء أن يدعو أبناءه إلى القراءة والاطلاع على العلوم والثقافات المختلفة، والاستفادة من معطيات العصر، ومن تجارب الدول المتقدمة في المجالات الفنية والتقنية، بما يعود بالنفع والخير على الوطن والمواطن دون الإخلال بثوابتنا ومرتكزات عقيدتنا الراسخة.
#2#
إلى ذلك قال مسؤولون في وزارة التربية والتعليم إن اهتمام الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله، بالعلم والتعليم تجسّد في دعم العلم والتعليم والبحوث العلمية في مختلف المجالات، من خلال إنشاء وتبني ودعم عديد من الكراسي العلمية في الجامعات السعودية.
وأوضحوا خلال حديثهم لـ "الاقتصادية" أنه دعم التعليم وأهله بإنشاء عديد من المسابقات العلمية من أبرزها: مسابقة الأمير نايف بن عبد العزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، التي حققت خلال مسيرتها المباركة إنجازات عظيمة للتعريف بقيم الإسلام وأخلاقياته، فبرز دورها الحيوي في نشر ثقافة السلام في العالم أجمع.
قال الدكتور حمد محمد آل الشيخ نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنين: "لقد رحل الأمير - رحمه الله - بعد أنْ كسر موجة الإرهاب وفكّك بُناها وذوّب فكرها المتطرف في الداخل والخارج وحصّن الوطن من شرورها، فهكذا دأب العظماء يرحلون فجأة مخلفين وراءهم موجة من الحزن والذهول والصدمة، فكيف بقامة مثل قامة الأمير نايف، وكيف تُطوى إنجازات بحجم إنجازاته الأمنية على مستوى الوطن والخليج بل والعالم".
#3#
وأضاف آل الشيخ: "كان الفقيد - رحمه الله - رجل وطن ورجل موقف، ورجل كلمة، ورجل حكمة ورجل مبادئ لا يكثر من الأقوال لكنه يجعل الأفعال تتكلم على الأرض، وما أبلغ لغة الأفعال، خاصة في مواقف الفتن والشرور".
وأشار نائب الوزير إلى أن الذين يعرفون الفقيد - رحمه الله - عن قرب يدركون ما وراء ذلك الهدوء والسكينة من رؤية متكاملة، ويدركون ما وراء تلك السحنة الحازمة من مشاعر عاطفية عميقة تكشفها الدموع التي تتساقط فجأة رحمة ليتيم أو ثكلى.
من جانبها، قالت نورة الفايز نائب وزير التربية والتعليم للبنات، إن وفاته - رحمه الله - فاجعة، ورحيله يقودنا لاستذكار العظيم من أفعاله التي لن نحصي عدها، فضلاً عما أسرَّ به من عمل لربه، فقد وأد فتناً متعاقبة، ورد عدواً متربصاً، وعضد بحنكته وسياسته إخوانه الملوك حتى وافاه الأجل، لقد كان السد المنيع في وجه النيل من وحدة الوطن والمواطن، وقمع أصابع التحدي لأمن الوطن وسلامة فكر أبنائه من الأفكار الضالة والمشوهة، وفي غمرة ذلك كان الأب الحنون الباحث عن من ترده الأقدار إلى جادة الصواب، فكانت القوة في الصد، والاحتواء والرعاية في المناصحة.
وأضافت الفايز أن نايف بن عبد العزيز اسم طبع في قلوب المسلمين وملأ سمعهم، فالمتأمل لحجاج بيت الله الحرام في أمن وأمان ورزق واسع، يعلم بأن وراء ذلك جهوداً عظيمة وبذلاً سخياً من أجل أن يجد قاصد بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة راحة وطمأنينة يشهد بها القاصي والداني، وقد كانت أياديه في تلك المناسبات جلية لا ينكرها منصف منذ أن يقصد الحاج مكة المكرمة وحتى يعود لوطنه.
وقالت: "لعلي أستذكر هنا جانباً مهماً من جوانب حياته - رحمه الله - التي سخرها لخدمة الإسلام والذب عن دين الله - عز وجل - والسعي نحو تنقية سنة رسول - الله صلى الله عليه وسلم - من التعدي عليها، والعمل على نشر حفظ السنة النبوية بين الناشئة في مدارس التعليم العام والجامعات، فقد أسس - رحمه الله - جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة في المدينة المنورة خدمة لسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وحثا وتشجيعا للباحث على العمل في مجال السنة النبوية وعلومها والدراسات الإسلامية المعاصرة، وإذكاء لروح التنافس العلمي بين الباحثين في كافة أنحاء العالم للإسهام في دراسة الواقع المعاصر للعالم الإسلامي، إضافة إلى تأسيس الكراسي العلمية في بعض الجامعات وتمويلها خدمة للإسلام والمسلمين".
ومن جانبه، بين الدكتور علي صدّيق الحكمي، مدير عام مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام "تطوير"، إن وفاة الفقيد تعد فاجعة وخسارة جسيمة للوطن والعرب والمسلمين، حيث كان - رحمه الله - مثالا حيا لرجل الدولة، ورجل الأمن الأول، الذي كان السد المنيع للوطن، القريب من قلوب المواطنين، إلى جانب أعماله الجليلة في مختلف المجالات، مشيراً إلى إسهامته بما يملكه من رؤية ثاقبة وحنكة سياسية وبعد نظر في الوصول إلى ما تعيشه المملكة من نهضة تنموية.
وفي السياق نفسه، قال صالح الحميدي، مدير عام الشؤون الإدارية والمالية في وزارة التربية والتعليم، أن الأمير نايف بن عبد العزيز أسس استراتيجية لنبذ الفكر الضال والمتطرف، فكانت رؤيته: "إن الفكر لا يواجَه إلا بفكر"، فصارت رؤية تحتذى عالميا للتعامل مع الإرهاب والفكر المتطرف، وقد عكس - رحمه الله - النظرية التي تقول: "إن العنف لا يجابه إلا بعنف"، فعبر ببلادنا بحورا متلاطمة من الفتن والقلاقل، كما استطاع أن يجعل بلادنا محط إعجاب العالم في هذه التجربة العظيمة في محاربة الإرهاب والتطرف، كما تمخضت استراتيجية الأمنية في محاربة الإرهاب ببرامج مناصحة أعادت كثيرا من معتنقي الفكر الضال إلى رشدهم أعضاء صالحين في مجتمعهم، ودحر بحنكته وحكمته كل من يضمر الشر لبلادنا.
وأضاف الحميدي أن الأمير نايف - رحمه الله - لم تقتصر جهوده على ذلك، بل قام بتمويل كراسي الأمن في كثير من الجامعات، وشجع ودعم عشرات الدراسات والأبحاث الخاصة بظاهرة التطرف، ففي مجال خدمة العلم والمعرفة فللفقيد عديد من الجهود النيرة منها: تأسيسه جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، التي نهضت بتطوير الخبرات الأمنية والعدلية، وتقديم برامج ومؤتمرات دولية تستفيد منها الدول العربية.
وأشار الحميدي إلى أن جهوده لم تقتصر على المستوى المحلي فحسب، بل تعدت إلى المستويين العربي والدولي، فأشرف على لجان وحملات الإغاثة والعمل الإنساني لمشاريع التبرعات الشعبية والحكومية التي تتبناها وتقدمها المملكة للشعوب العربية المتعددة، منوهاً بدعم الفقيد للجهود الإغاثية للشعب الأفغاني، وإنشائه اللجنة السعودية لإغاثة كوسوفا والشيشان، وإغاثة المتضررين من كارثة تسونامي في إندونيسيا، والمتضررين من الزلازل والفيضانات في الدول المتضررة، وإنشائه قسم الدراسات الإسلامية بجامعة موسكو.
إلى ذلك، أوضح الدكتور أنور أبو عباة مدير إدارة النشاط الطلابي في "تعليم الرياض"، أنه برحيل ولي العهد فقدت السعودية واحدا من رجالها الذين خدموا وطنهم بكل إخلاص، مشيراً إلى اهتمامه بشباب الوطن، من خلال مسابقاته المتنوعة، وحرصه في كل لقاءاته مع المسؤولين بالاستماع لهم، ومحاورتهم.
ويشاركه الرأي عبد اللطيف السريع، مدير مكتب الأندية الصيفية في الرياض، ويشير إلى أن الحدث جلل، مشيراً إلى تخصيص الأندية برامج خاصة للحديث عن مآثر فقيد الوطن الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية - رحمه الله - وإتاحة الفرصة للطلاب للحديث عما يكنونه لهذا القائد القوي.