المصارف السعودية تتحوط لمواجهة مخاطر الاحتيال المالي

المصارف السعودية تتحوط لمواجهة مخاطر الاحتيال المالي
المصارف السعودية تتحوط لمواجهة مخاطر الاحتيال المالي

أكد المختصون والمشرعون والمنظمون لأعمال المصارف التجارية والمصارف الاستثمارية على مستوى العالم، ومن بينها مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما''، أن ظاهرة الاحتيال المالي تشكل أحد التحديات الكبيرة التي تواجه المنشآت المالية والمصرفية على حد سواء، كونها تعيق تلك المنشآت من بلوغ المستوى المنشود من التميز في الأداء، وتتسبب بشكل مباشر في هدر الأموال والموارد، إضافة إلى أنها تلحق الضرر والأذى بالمنشأة وبسمعتها وبقدرتها التنافسية.
وعرف الاحتيال المالي، وفقا لدليل مكافحة الاختلاس والاحتيال المالي وإرشادات الرقابة الصادر عن إدارة التفتيش البنكي في مؤسسة النقد عام 2008، على أنه أي ممارسة تنطوي على استخدام الخداع للحصول المباشر أو غير المباشر على شكل من أشكال الاستفادة المالية لمرتكب الجريمة، أو تسهيل ذلك لغيره لتؤدي إلى شكل من أشكال الخسارة للطرف الذي تعرض للاحتيال. وغالباً ما تتصل الخسارة الفعلية الناتجة عن الاحتيال في المصارف - على سبيل المثال - بالموجودات السائلة مثل النقد والأوراق المالية، وإن كان هذا لا يعني بالضرورة أن الاحتيال المالي يقتصر على المنافع النقدية والمادية، حيث إن تعريف الاحتيال الوارد في المرجع هو ''التحريف المتعمد للحقيقة لإغراء أحدهم بالتنازل عن شيء ذي قيمة أو عن حق قانوني''، وبالتالي يشمل الاحتيال المالي وفقاً لهذا التعريف الكسب المالي، إلى جانب منافع أخرى مثل حق الدخول أو الحصول على معلومات يمكن اكتسابها بالخداع أو بأي سلوك آخر غير شريف، وسواء كانت الخسارة مادية أو كانت تتصل بشيء غير ملموس مثل حقوق الملكية الأدبية، فغالبا ما ينطوي الاحتيال على خسارة للبنك وللمساهمين وللعملاء على حد سواء.
وتعددت أنماط ونماذج الاحتيال المالي في العصر الحديث خصوصا مع تقدم التقنية الحديثة، التي يراها خبراء الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية على أنها سلاح ذو حدين، حيث من ناحية استفادت البشرية من هذه التقنية.

#2#

ومن الناحية الأخرى برع المحتالون في استخدام هذه التقنية في تعزيز قدراتهم الاحتيالية، حيث على سبيل المثال لا الحصر، قد سَهل الانتشار الواسع لأجهزة الحاسب الآلي زهيدة الثمن وعالية القدرة والكفاءة، وما يتصل بها من تقنيات أخرى كالمساحات البصرية وطابعات الليزر والناسخات والبرامج الحاسوبية المختلفة في استخدامها في تنفيذ أعمال تزوير يصعب جداً اكتشافها، حيث حلت محل وسائل تزوير الشيكات البسيطة في السابق، وسائل أعمال تزوير عالية الجودة لجميع الأوراق المالية القابلة للتداول بما في ذلك الشيكات. ومن بين أنماط ونماذج الاحتيال المشهورة على مستوى العالم، سرقة بطاقات الصرف الآلي أو بطاقات الائتمان واستخدامها بطرق غير شرعية وغير نظامية شتى، مثل تسريب معلوماتها أو استخدامها في تنفيذ عمليات غير سوية. ومن نماذج الاحتيال أيضاً، تحويل الأموال لأفراد وهميين أو شركات وهمية، بغرض استغلالها في تنفيذ عمليات غير مشروعة وغير نظامية.
أمام ذلك، تنبهت المصارف التجارية العاملة في السعودية منذ وقت بعيد جداً لخطورة عمليات الاحتيال المالي والمصرفي، وتبعاً لذلك أهمية مكافحتها والقضاء عليها من خلال تطبيق أعلى وأفضل المعايير المتوافرة على مستوى العالم في مجال حماية وأمن المعلومات، حيث على سبيل المثال طبقت المصارف المعيار الخاص بأمن معلومات بطاقات الدفع، والذي يعرف باسم المعيار الأمني لصناعة بطاقات الدفعPCI DSS – Payment Card Industry Data Security Standard، الذي أقره مجلس يختص بإصدار مثل هذا المعيار ومتابعته ومراقبته على مستوى العالم، والذي يهدف بنهاية المطاف إلى توفير مستوى عال من الحماية والسرية للبيانات الخاصة بعمليات بطاقات الدفع (بطاقات الصرف الآلي ATM والبطاقات الائتمانية)، والتقليل من مخاطر الاحتيال الخاصة ببطاقات الدفع.
كذلك نفذت المصارف السعودية في السياق ذاته العديد من حملات التوعية المصرفية بعمليات الاحتيال المالي والمصرفي وسبل الوقاية منها، بغرض تنبيه عملاء المصارف وغيرهم من أفراد المجتمع بنماذج مختلفة من عمليات الاحتيال المالي، بما في ذلك أضرارها المادية والاقتصادية، وكيف يمكن تجنب الوقوع ضحية لها، حيث أطلقت المصارف السعودية حملتها التوعية الرابعة بعمليات الاحتيال المالي والمصرفي وسبل الوقاية منها بتاريخ 9/6/2012 تحت عنوان ''لا تِفشيها''، تزامناً مع بداية موسم الصيف والإجازة الصيفية، مستخدمة في ذلك العديد من وسائل وقنوات الإعلام المحلية بما في ذلك الإعلام الجديد أو ما يعرف بأدوات أو قنوات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عددٍ لا بأس به من المواقع الإلكترونية المشهورة، ورسائل الجوال النصية لإيصال أكبر عدد ممكن من رسائل التوعية لأوسع شريحة ممكنة من عملاء المصارف وغيرهم من أفراد المجتمع بعمليات الاحتيال المالي وسبل الوقاية منها. كما استخدمت المصارف السعودية لأول مرة منذ أن بدأت إطلاق حملات التوعية في عام 2009، المراكز والمجمعات التجارية الكبرى المتواجدة بعددٍ من مناطق ومدن المملكة في إيصال رسائلها التوعوية لأفراد المجتمع كافة بما في ذلك عملاء المصارف. وهدفت حملة التوعية ''لا تِفشيها'' بتوضيح السبل الآمنة والسليمة لتنفيذ العمليات المصرفية وتحديداً عبر القنوات المصرفية الإلكترونية كالهاتف المصرفي، الإنترنت البنكي، وأجهزة الصراف الآلي، إلى جانب البطاقات الائتمانية بهدف تحقيق أقصى درجات توفير الحماية اللازمة لمدخرات عملاء المصارف المالية وتجنيبها من أن تكون عرضة للسرقة أو الاختراق لا قدر الله.

الأكثر قراءة