ريتشارد ليو .. مؤسس ومدير «360 باي» يتعلم دروسا مفيدة من فشل قديم
عندما حاول ريتشارد لو، مؤسس شركة 360 باي ورئيسها التنفيذي، وهي ثاني أكبر متاجر البيع بالتجزئة من حيث حجم التعاملات في الصين، أن يجرب حظه في العمل، فشل فشلا ذريعا.
عندما كان طالبا، أقدم على شراء مطعم فأفلس في غضون شهور، فقد اختلسه فريق الموظفين، ولم يفقد أمواله فقط بل احتاج إلى أن يقترض من والده 200 ألف ين صيني (31 ألف دولاراً). ويستعيد ذكرياته فيقول: "كنت محبطاً للغاية ونظرت إلى الأمر من زاوية الطبيعة البشرية، وتساءلت هل الإنسان خير أم شر؟ كيف أعامل الموظفين بطريقة جيدة فيعاملوني بعكسها؟".
لقد كان يشعر أيضاً بالحرج الشديد أمام والده الذي كان يأمل الربح في هذا المشروع.
ولد ليو عام 1974 لعائلة من الطبقة العاملة في الإقليم الساحلي، جيانسجو الصيني، وجاء ليو إلى بكين في عمر الثامنة عشرة لدراسة العلوم الاجتماعية. وتيقنا منه بأن هذا المجال لن يجد له فرصة العمل، قام بدراسة ترميز الكمبيوتر وكسب بعض المال في العام الثالث من الجامعة، وبذلك نوى أن يبدأ عمله كرجل أعمال.
#2#
بعد فشل المطعم، اضطر إلى أن يجد عملا لسداد ديونه. لذا عاد للعمل في "جابان لايف"، شركة يابانية لصناعة المنتجات الصحية. ويقول: "خلال العامين الذين عملتهم في هذه الشركة، فهمت تدريجيا أن إفلاس المطعم كان خطأي لأني لم أنشئ هياكل إدارية".
ويتذكر ليو تلك الأيام الأولى الصعبة أكثر مما يود أن يتذكر، لأن شركة 360 باي تستعد للعمل في الولايات المتحدة فيما قد يكون أكبر مبادرة صينية من شركة تعمل على الإنترنت. ولكن مع الأسئلة التي يطرحها المستثمرون حول الهوامش الربحية الضعيفة وكذلك معنويات السوق العالمية الضعيفة، اضطرت الشركة إلى إيقاف هذا المشروع الآن. وبما أن الأعمال تتوسع توسعا سريعا، فإن المنافسة الشرسة قد أثارت أحاديث عدائية. ويقول ليو: "الأمر معقد جدا أن تتحول الشركة الكبيرة إلى شركة خاصة. لأن الأموال فيها تكون غير شفافة وبالتالي تظل وسائل الإعلام في تخمينها، فتواجه كل أشكال الإشاعات مثل أن أموالك الخاصة قد نفدت وأنك مفلس".
ويصر ليو على أن هذه القصص غير صحيحة، ويقول إن الفشل الأول لقنه درساً كيف يقدر على إدارة الشركة بحصافة.
وبعد العمل لمدة عامين في شركة جابان لايف، وبعض أعمال البرمجة، استطاع ليو تسديد ديونه واستعد مجدداً للعمل على إنشاء شركة أخرى. كان أحد الأسباب أنه ذاق طعم العمل الحر فأراد أن يجرب ذلك مرة ثانية.
لا يزال ليو يحترم شعوره عند امتلاك أول هاتف محمول – موتورولا بريك - عندما كان طالباً. ويقول في هذا الصدد: "كان هذا المحمول كبيرا لدرجة أنه لا يمكنك وضعه في جيبك، لذا فكان عليك أن تضعه على المنضدة أينما ذهبت فيظنك الناس من رجال المافيا".
لذا، في عام 1998، أنشأ متجر لبيع المنتجات للمستهلكين بنحو 12 ألف ين صيني في مقاطعة تشونج جوان تسون في بكين. وبحلول عام 2003 افتتح 12 فرع متجر وربح ما يزيد على عشرة ملايين ين صيني.
إلا أن مرض سارس، وهو مرض يصيب الجهاز التنفسي، ضرب الصين و37 دولة بعدها. ولعدم مقدرته على إدارة محاله التجارية كالمعتاد لأن كلا من العملاء والموظفين قابعون في منازلهم يخشون العدوى، قام ليو بالعمل على الإنترنت.
ويقول: "لولا مرض سارس لم أكن لأدخل عالم التجارة الإلكترونية"،
ومن ثم بدأ في توسيع نطاق عمل شركة 360 باي من الإلكترونيات إلى الملابس والكماليات ومستحضرات التجميل وغيرها من المنتجات. وعندما وقع على الشركة شكوى متكررة تخص التوصيل البطيء وغير الجدير بالثقة، دخلت الشركة سوق التوصيل وخدمات الإمداد في عام 2007.
وبعد التوسع الكبير في العمل، حصلت الشركة على نصف قيمة التعاملات التجارية عبر الإنترنت في الصين، وأعطته وسائل الإعلام سمعة رجل الأعمال الذي يمضي قدما دون خشية مخاطر الخسارة. ويعتقد الأصدقاء القدامى أن الشاب البدين الذي تزين صوره ممرات شركة 360 باي مضى قدماً غير عابئ بالمخاطر والخسارة. ولكن نظرة إلى كيفية إدارته للشركة يوحي بأن العكس صحيح. لقد أمده فشله الأول بجنون العظمة الذي وضعه في نفس كل من أعضاء الإدارة.
قبل هذه المقابلة، كان قد اختتم أعماله أخيرا في الجلسة الصباحية اليومية حيث إنه يأخذ تقارير واردة من نحو 200 مدير عن كل التفاصيل عن الأشياء التي لم تكن على ما يرام في اليوم السابق، وأي خطط لليوم القادم، ويقوم بطلب جميع مراكز الإمداد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.
وخلال هذا الاجتماع، يتحدث ليو في كثير من الأحيان عن الإدارة، فعلى سبيل المثال يقول إن فشل كبير مسؤولي التسويق في الشركة في الوصول إلى تايوان كجزء من الوفد الذي ترأسه الحكومة لأنه حاول الحصول على تأشيرة دون حق وهذه تجربة للتعلم. ويقول ليو في هذا السياق: "في الصين، عديد من الناس لا يحبون اللعب على أصول القواعد، لكنني أخبرتهم أننا لا نستطيع فعل ذلك. على كل موظف أن يمر على السجلات، وبهذا فقط يمكننا أن نكون شركة عظيمة".
ويسلك ليو طرق أخرى لغرس ما يريده من آراء في نفوس الموظفين، فكل عام تعين الشركة نحو 100 من خريجي الجامعات وتدربهم من الصفر. ويقول: "نحن نطلب ألا يكونوا قد عملوا في شركات أخرى من قبل حتى لا يكونوا قد أصابهم التلوث".
ويخضع المتدربون، الذين أغراهم الراتب السنوي الذي يبدأ من 100 ألف ين صيني - وهو راتب يعد عاليا نسبة إلى المعايير الصينية، لتدريب لمدة عام يعمل خلاله على تقوية العلاقات بين العامين بعضهم بعض.
يحضرون في هذا العام محاضرات يلقيها بنفسه، ويكتبون تقارير أسبوعية لتقدم إليه ويصطحبهم لتناول الغداء بالترتيب، وكذلك الصيد في عطلة نهاية الأسبوع ورحلات العمل.
ولبناء الخدمات التي تقدمها الشركة من الصفر، أقنع بعض الموظفين، جميعهم من خريجي الجامعات، للعمل في توصيل الطرود معه واستقطبهم باحتمالية إدارة الأعمال الناشئة، وفي حين يشترك معظم المديرين التنفيذيين فيما لا يقل عن 360 عملية شراء من الشركات الأخرى، فإن نحو 80 في المائة من مديري الشركة المتوسطين وحتى نائب المدير محليين.
ومع ذلك، في حين يقيم الرئيس التنفيذي علاقات قوية معهم، فإنه يخضعهم لنظام محكم، فيه يخسر الموظف الذي يصدر منه مشكلة كامل إضافي الشهر ونصف راتبه، وبعد صدور ثلاثة شكاوى يتم فصل الموظف.
ويقول مسؤول تنفيذي كبير عن ليو: "إنه يشبه كثيرا الرئيس ماو، في محاسنه وسيئاته".
حكم ماو تسي تونج، الرجل الذي قاد الثورة الاشتراكية الصينية، البلاد بقبضة من حديد حتى وفاته عام 1967. إلا أن لو، رغم قيادته الشركة التي حققت أرباحا وصلت إلى 21 مليار ين صيني، لا يزال يشعر أنه لم يتقدم خطوة عندما يتذكر الأموال التي بدا بها مشواره من والده.
تعمل عائلة ليو في شحن الفحم من شمال الصين إلى الجنوب. "عندما تحدثت مع والدي، قال: ألست تفاخر بالعمل عبر الإنترنت، إن ما تعمله الآن لا يختلف عما كنت أعمله طوال حياتي".
السيرة الذاتية
- ولد في سوكيان في مقاطعة جيانسجو الصينية في عام 1947.
- تلقى تعليمه في بكين حيث درس العلوم الاجتماعية في جامعة رينمين في عام 1992.
- تعلم البرمجة وكسب أول أمواله من العمل في البرمجة أثناء دراسته في عام 1994.
- اشترى مطعماً لكنه أفلس في غضون بضعة شهور في عام 1994.
- تخرج في جامعة رينمين والتحق بالعمل في شركة جابان لايف اليابانية في عام 1996.
- أسس شركة 360 باي كمتجر للإلكترونيات في عام 1998.
- بدأ العمل في البيع بالتجزئة عبر الإنترنت في عام 2003.
- دخل مجال تجارة الإمدادات في عام 2007.
- الهوايات: صيد السمك، المشي، والسباحة.