«درب زبيدة» .. تاريخ يشكو الإهمال

«درب زبيدة» .. تاريخ يشكو الإهمال

على الرغم من كون ''درب زبيدة'' يمثل أشهر الطرق التاريخية التي يسلكها الحجاج من العراق إلى الديار المقدسة الذي شيد في عهد الدولة العباسية عام 800 م تقريبا، إلا أنه لم يلقى العناية الكافية كأثر تاريخي يجب الاهتمام به من قبل الجهات المعنية.
بدأت قصة إنشاء هذا الطريق عندما شارفت زوجة هارون الرشيد، الخليفة العباسي، زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، على الهلاك وهي في طريقها لأداء مناسك الحج، ونذرت على نفسها ألا يعاني الحجاج بعد ذلك العطش وهم في طريقهم إلى الحج. حيث أنشأت الطريق من الكوفة مروراً بالحدود الشمالية من البلاد السعودية، ثم حائل فالقصيم، ثم إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة.
وتتوزع على طول الطريق الآبار وخزانات المياه بمسافات متساوية لا تزيد على 30 كيلومترا. وكانت الجمال تعبر من نقطة توقف إلى أخرى للتزود بالماء، كما توج الطريق بنظام رائع من قنوات المياه خارج مكة المكرمة لتأمين المياه خلال فترة الحج، كما زود الطريق بخزانات للمياه تعرف بالبرك، وذلك خلال عدة قرون، ولا يزال البعض منها باقيا إلى هذا اليوم.
الكثير من المعالم التاريخية الواقعة على هذا الدرب اندثرت، والبعض منها يصارع من أجل البقاء. وقد ناشد العديد من المهتمين بالآثار في المنطقة الجهات ذات العلاقة الاهتمام بهذا الدرب التاريخي وأن يولى عناية كافية من خلال ترميم العديد من البرك والآبار والآثار الأخرى التي سقطت أجزاء منها نظرا لعدم صيانتها والاهتمام بها.
ويبلغ طول هذا الدرب داخل الأراضي السعودية نحو 1400 كيلومتر ورفحاء بوابته الأولى في السعودية، ويربط بين الكوفة في العراق ومكة المكرمة. وينقل هذا الدرب الحجاج إلى الديار المقدسة، وهو من أهم وأشهر الآثار في الجزيرة العربية، ويعود تاريخ بناء هذا الدرب إلى بدايات العصر العباسي وينسب للسيدة زبيدة بنت جعفر الأكبر بن أبي جعفر المنصور زوجة الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد. ويقع على هذا الدرب العديد من البرك والحصون والقلاع لتأمين الحجيج ويبلغ عرض الدرب نحو 15مترا ويمر بالعديد من الجبال والرياض والمرتفعات والمنخفضات، ويروى أن الحسين بن علي رضي الله عنه سلك هذا الدرب في رحلته المشهورة بين مكة والكوفة حتى وصل كربلاء في عام 60 للهجرة.
اهتم الخلفاء العباسيون بهذا الدرب اهتماما كبيرا.
وقد ذكر الدرب في كتب الجغرافيين والرحالة القدامى من المسلمين وغيرهم، حيث ذكره ابن إسحاق اليعقوبي في كتابه (البلدان)، وذكره الرحالة المعروف ابن جبير في كتابه (رحلة ابن جبير) كما ذكره الرحالة الفنلندي جورج فالين، وذكرته السيدة الليدي آن بلنت في كتابها (رحلة إلى بلاد نجد) ولا يكاد يعرف هذا الدرب في الوقت الحالي إلا كبار السن أو المهتمون بهذا المجال إذ إنه اندثر تماما ولا توجد لوحات تشير إليه. ومن البرك الأثرية قرب محافظة رفحاء (بركة الظفيري) وتقع شمال المحافظة بالقرب من الحدود السعودية العراقية، وهي دائرية الشكل، وهناك برك زبالا التي تهدمت أطراف الكثير منها ودفنت بالتراب وعليها لوحات قديمة لا ترى كتابتها، وهناك برك الشاحوف وأم العصافير والشيحيات، والتي تعاني هي أيضا. ومن الآثار الواقعة على الدرب التاريخي حصن زبالة، وزبالة قرية تقع جنوب محافظة رفحاء بنحو 25 كيلومترا وهي إحدى المحطات الرئيسة على درب زبيدة، وفيها نحو 300 بئر بأحجام مختلفة، ولكن الباقي منها الآن نحو 50 بئرا إذ إن معظمها دفن تماما، وحصن زبالة يقع في مكان مرتفع ومشرف على هذه الآبار ولم يتبق منه الآن سوى جدرانه وأكتافه التي بدأت تتساقط بفعل السنين وعدم الاهتمام. وتروى عن هذا القصر العديد من القصص والحكايات التي تشبه الأساطير، وهو كما يبدو مجوفا من الداخل ويمكن معرفة ذلك بالصعود عليه وضربه بالقدم، ويقال إن بالقرب منه مسجدا صلى فيه الحسين بن علي رضي الله عنه ولا يرى الآن.

الأكثر قراءة