كي تنجح استثماراتنا في الأمن الغذائي
من المعلوم أن المملكة انتهجت سياسات متباينة في المجال الزراعي، بحسب معطيات الظروف الاقتصادية وقتها، والتي أضافت إلى هدف الأمن الغذائي أيضاً رفع المستوى المعيشي للمزارعين وتحسين مداخيلهم في وقت من الأوقات. وبعد أن لمست الدولة بشكل جدي الشح في المياه للزراعة والاستنزاف لها لبعض المحاصيل الزراعية تم انتهاج سياسات أخرى هدفها الترشيد في المياه وتحسين الجودة والنوعية والكفاءة للإنتاج الزراعي بشكل عام.. إضافة إلى ذلك رُئي أخيراً الاستثمار في الزراعة خارج المملكة في البلدان الزراعية والتي لديها مقومات نجاحها بكفاءة عالية، خصوصاً من حيث التكلفة، حيث بدأ رجال أعمال سعوديون مشاريع زراعية في إثيوبيا والسودان، وأُنشئت شركة حكومية تهدف إلى البحث عن فرص استثمارية زراعية في الدول الأوروبية، خصوصاً أوروبا الشرقية ومن ثم الدخول فيها. هذا الحراك الاستراتيجي جاء أيضاً كمواكبة لاهتمام عالمي في السنوات الماضية بقضية الأمن الغذائي وتوفيره.
إن من بين أهم مقومات نجاح مثل هذا الاستثمار الزراعي في البلدان الأخرى هو وجود بنية أساسية في البلد المستثمر فيها، حيث تتوافر سبل نجاح الاستثمار.. فمثلاً إذا لا توجد شبكة نقل داخليه فعالة سواءً طرق أو قطارات أو غيرهما، فالنتيجة لهذا الاستثمار الزراعي حتماً هو الفشل. لذا فاختيار البلد يجب أن يُبنى على دراسة حصيفة مهنية نحو تقويم مقومات الاقتصاد فيه، والتأكد من وجود بنية أساسية جيدة سواءً كانت هذه البنية ملموسة أو غير ملموسة كالأنظمة التشريعية والقضائية علاوة على الاستقرار السياسي ومنظومته الكاملة. وهذه من أهم عناصر الاختيار وبالتالي نجاح الاستثمار الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي بنسب جيدة. وإضافة إلى ما تقدم لهذه المقومات للنجاح ينبغي أن يكون العمل مؤسساتياً وليس بمبادرات فردية. لذا فالواجب يقتضي تشجيع هذه الشركة الحكومية ودعمها وهو الأولى من الارتباط مع رجال أعمال أفراداً كانوا أو مؤسسات كي ننتهي بمشاريع تخدم الأهداف الاستراتيجية التي اختطتها الدولة لغرض الأمن الغذائي.