التحالفات الخليجية.. هل أصبحت ضرورة؟

في مدينة يالاوا التركية وعلى بحر مرمرة، وجدت رجلاً وزوجته يتكلمان اللغة العربية باللهجة العراقية، حيث هناك قرابة 400 عائلة من اللاجئين العراقيين في تلك المدينة الصغيرة، نتيجة ديمقراطية بوش وحلفائه الذين سلموا العراق للاحتلال الإيراني. كان ذلك الرجل يريد شيئا من صاحب العقار ولا يعرف معناه في اللغة التركية، واكتشف أنه يحمل نفس الاسم العربي، فقال لي والله استفدنا من الاستعمار التركي الكثير، حيث هناك الكثير من الكلمات المشتركة كما كانت هناك قطارات وأنظمة ولم نسمع أيا من أهلنا قد شرد أو قتل، وهذا عكس ما حدث نتيجة الحكم الطائفي المسير من قبل دولة الفرس. فكانت كلمته مؤثرة ومن رجل مشفق، قال لي فيها: لم يبق للعرب إلا الجزيرة العربية، فهي أصلنا ونخاف على أمنها من تعاون الأمريكان مع الإيرانيين، فالأمريكان هم من شجع صدام على غزو الكويت، وهم من سلم بلدنا للإيرانيين.
أردت بهذه المقدمة أن ألخص تشرد أكثر من مليوني عراقي تحت اسم ''نشر الديمقراطية''، وكذلك تعبر عن العلاقة الخفية والمبرمجة بين الأمريكان والإيرانيين، فقد أصبح من المؤكد أن التوسع الإيراني الاقتصادي والفكري هو مشروع أمريكي صهيوني لضرب وتمزيق الأمة العربية.
كم كانت القيادة السعودية موفقة في أنها ساعدت على وأد مخطط ابتلاع البحرين الذي حصل على مباركة أمريكية تحت مصطلح ''الربيع العربي''، موقف يتطلب منا أن نعيد علاقاتنا وتحالفاتنا مع من نجد فيه شيئا من المصداقية، فلا مجال لاختراق الطوق الصفوي الذي يراد فرضه علينا كدول خليجية إلا بفتح شراكات تنموية وعسكرية وسياسية بعيدة عن الخلافات المؤدلجة بين دول الخليج العربي ودول محورية مثل مصر وتركيا.
علينا أن نسعى جاهدين إلى جذب مصر بقيادتها الجديدة لجانبنا ولا نسعى إلى الدخول في ملفات الخلاف، فقوة مصر هي قوة للعرب، مثلما أصبحت تركيا بعد الاستقرار السياسي والاقتصادي مركزا عالمياً مؤثراً يصب في مصلحة الشعوب والدول العربية.
كم نتمنى أن تنطلق صحفنا وتخطيطاتنا للتركيز على التحالفات مع تلك الدول ذات الكثافة السكانية التي نتشارك معها في قواسم مشتركة تصغر عندها كل الخلافات، كما أن تحالفنا مع تلك الدول أو على الأقل نبذ الخلافات نوع من إيقاف المد الفارسي الذي يعيش ويتربص بخلافاتنا، بل يسعى إلى تأجيجها.
وختاماً تقع على قيادات الدول الخليجية مسؤولية كبيرة لمواجهة التمدد الصفوي وسعيه إلى زعزعة أمن تلك الدول وتأجيج الخلاف بين شعوبها، وهذا لا يتم ما لم تسع تلك الدول الخليجية إلى تحقيق وحدة خليجية ذات علاقات استراتيجية متينة مع دول محورية عربية وإسلامية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي