تغيير المسكن من بهارات الحياة
إن الإنسان بطبعه كائن متغير ويعيش في هذه الحياة أطوارا متنوعة من المهد إلى اللحد، وتهدف الدراسات الحديثة للهندسة النفسية أو الهندرة إلى تغيير ما في النمط الذي يعيشه الفرد أو المجموعة أو المؤسسة ليحدث بعدها الأثر المطلوب في النتائج التي ترجى، والإنسان إذ يتطلع إلى التغيير المستمر في أنماط كثيرة من حياته، يفعل ذلك بغية إيجاد بيئة أفضل تشعره بالنشاط والحيوية والتجديد في روتين حياته، وسأتحدث عما يمكن أن يحدثه التغيير في محيط المنزل لأربط ذلك بمهنتي.
من المسلم به أن الأسس والقواعد إذا كانت ثابتة صافية سليمة في المسكن وأمور الحياة الأخرى، فهي ثوابت يجب المحافظة عليها والتأكد من سلامتها واستقرارها والعمل على صيانتها دوما.
ويهدف التغيير داخل المنزل إلى أمور عدة منها تعدد وظيفة الفراغ، ما يجعل استخدامات الفراغ الواحد وحدة متنوعة ولأغراض مختلفة، ويمكن لنا أن نفعل ذلك إذا أحدثنا التغيير المطلوب في الحوائط بحيث نجعل بعض حوائط المنزل الداخلية متحركة، أو أن تراعى في التصميم سهولة تغيير وتنويع أثاث الفراغ ليناسب استخدامات متعددة.
وبقدر ما يجعل المعماري المصمم بعض العناصر المعمارية تتمتع بالمرونة والحركة بقدر ما يتيح لنا أن نستفيد من الفراغ الواحد بصور متعددة مفيدة تجعل هذا التغيير أمراً سهلا غير مكلف، ما يؤدي إلى تقليل التكلفة الكلية للمسكن وذلك بالاستغلال الأمثل للفراغ، دون أن يكون استخدامه قاصراً على شيء واحد، أو أن نوجد فراغين اثنين لا يتم استغلالهما بصورة مثلى، ما يزيد في مساحة البناء، وبالتالي زيادة التكاليف.
وإذا كانت فصول السنة تتطلب أحياناً تغييراً في الطعام والشراب والملبس والأثاث، وربما كان لتغيير الفراغ الذي نجلس فيه بتتبع الشمس شتاء والهرب منها صيفا مطلب آخر للتغيير.
وما يهدف إليه التغيير أيضاً إضافة طعم آخر إلى الفراغ وبعث الحيوية والانشراح فيه، وهو أمر معنوي، إذ إننا كلما شعرنا بالملل والسآمة والرتابة من رؤية الفراغ بصورة واحدة متكررة نحتاج إلى هذا التغيير داخله سواء كان ذلك بالصورة السابقة أو على شكل تحريك للأثاث من مكان إلى آخر أو بطلاء الفراغ بألوان مختلفة عن السابق أو إضافة قطع من الأثاث والفرش، ما يضيف الحيوية والانشراح والتجديد إلى حياة ساكنيه، ولهذا قيل: ''التغيير بهارات الحياة''.
ودون شك أن التغيير داخل المنزل حتى إن كان بصورة سهلة يتطلب جهداً ووقتاً لإتمامه، ما يعنى أن الأمر قد يتعذر على من يعشق الكسل والدعة. كما أن التغيير المطلوب هو التغيير في الاتجاه الصحيح، الذي يحوي نوعا من الإبداع الفني في تغيير الأثاث والتذوق الحسي في نقل وتحريك أي من العناصر المعمارية من مكان إلى آخر، الذي يمكن أن يجعل من المنزل في النهاية واحة سعادة وبهجة على الدوام.