البديل الجيد للسكر.. و «الفركتوز» الضار جداً

البديل الجيد للسكر.. و «الفركتوز» الضار جداً

تعتبر الفكرة الأساسية حول كيفية عمل البديل الجيد للسكر فكرة بسيطة بأن هناك بروتينات معينة على سطح اللسان تعمل في دور كواشف مذاقات معينة. ويتألف المركب المُستقبِل للمذاق الحلو من اثنين من البروتينات، ويعتقد العلماء أن تركيبهما يشبه النبات الآكل للحشرات المعروف باسم ''خانق الذباب''، حيث يتأرجح نصفا نصل الورقة نحو الأعلى والأسفل فيحصران الحشرة بينهما عندما ينطبقان. فحين يرتبط أحد جزيئات السكر بالمستقبِل، يقوم بهز ودفع الخلايا العصبية التي ترسل إشارة إلى الدماغ تقول إن اللسان يتذوق الآن شيئاً حلواً.
أما مركبات التحلية الاصطناعية فلا تزيد على كونها مواد خالية من السعرات الحرارية لكنها تعمل على استثارة مستقبِلات المذاق الحلو نفسها.
وحتى مع ذلك يستطيع معظم الناس أن يدرِكوا على الفور إن كانت المادة طبيعية أم اصطناعية. وأحد الأسباب وراء ذلك هو أن جزيئات المادة المُحلِّية توجه أيضاً ضربة جانبية لمستقبِلات المذاق المر، وهذا ما يُخلِّف طعماً مختلفاً في الفم.
كذلك يوجد لدى الناس مستقبِلات مرارة مختلفة إلى حد ما، وبعض الناس يكون رد فعلهم على المذاق أقوى قليلاً من رد فعل الآخرين على مواد التحلية الاصطناعية. على سبيل المثال يقول تيري أكري، وهو أستاذ لعلوم المواد الغذائية في جامعة كورنِل، إنه لا يطيق طعم المشروبات الغازية ''الدايت'' المحلاة بمادة الإسبارتيم، لأن مستقبِلات المرارة لديه تتسم بدرجة عالية من النشاط.
ومن الممكن أن تكون أنواع المُحلِّيات الأخرى، مثل ستيفيا stevia، لا يكاد يحس بها الشخص في البداية، لكن الطعم الذي تخلِّفه وراءها يظل فترة أطول.
قال بول بْرِسلِن، وهو باحث للتذوق في جامعة رتجَرْز وفي مركز مونيل، الذي يركز على المذاقات والروائح، في فيلادلفيا: ''حين تعطي الناس شيئاً حلواً لكنه مختلف، فإنهم يعلمون بينهم وبين أنفسهم أن هذا الشيء مختلف''.
في السكر الطبيعي تصيب الجزيئات اللسان بسرعة وتختفي بسرعة. وحتى تتم محاكاة هذا الإحساس بالمذاق الحلو بصورة وثيقة فإن شركات المواد الغذائية تجمع بين عدد من المُحلِّيات الاصطناعية، حيث تستخدم بعضها لتغطية النقص الموجود في المُحليات الأخرى. ورغم أن التقديرات تشير إلى أن صناعة المُحلِّيات تبلغ نحو مليار ونصف المليار دولار في السنة، إلا أنه لا توجد شركات كثيرة تبحث في الوقت الحاضر عن مُحلِّيات جديدة. ذلك أن الطريق إلى السوبر ماركت يمكن أن تكون طويلة ومتعرجة ومليئة بالعراقيل التنظيمية والتجارية.
من جانب آخر، فإن جلبرت ليفن، العالم والمهندس الذي طور التجربة التي أظهرت إمكانية وجود حياة على كوكب المريخ، اكتشف كذلك بديلاً له طعم يشبه طعم السكر، وهو حلو بالقدر نفسه تقريباً لكنه خالٍ من السعرات الحرارية. والواقع أن هذه المادة المُحلية، واسمها تاجاتوز، هي أحد أنواع السكر الموجود بصورة طبيعية، لكن بكميات ضئيلة، في الحليب والشمندر. وتشير الدراسات السريرية إلى أن هذه المادة تعمل على شكل دواء لعلاج السكري لدى البالغين. لكن لم يكن بمقدور ليفن قط أن يتوصل إلى طريقة لتصنيع هذه المادة بكميات كبيرة بتكلفة معقولة، كما أن التعثر كان من نصيب الجهود الرامية إلى الحصول على الموافقة الرسمية لتكون هذه المادة دواءً للسكري.
أمضى ليفن معظم حياته وهو يسعى إلى إقناع جهة معينة أو شخص معين بتصنيع وبيع سكر التاجاتوز، الذي استُخدِم لفترة قصيرة في أحد منتجات بيبسي دايت (هو النوع المعروف باسم Slurpees)، لكنه لا يُستعمل في الوقت الحاضر في أية أطعمة أو مشروبات. لكن لاحظ أنه فشل كذلك في إقناع العلماء الآخرين بأنه اكتشف وجود المريخيين رغم أن تجربته على مركبات ناسا التي أرسلت إلى المريخ في عام 1976 أعطت، بالتأكيد، نتائج تشير إلى إمكانية وجود الميكروبات على المريخ. (لكن الطبيعة الجرداء وعدم وجود مكونات البناء الكربونية على الكوكب تشير إلى وجود تفسير آخر).
وهناك منهج آخر يقوم ليس على استبدال السكر وإنما على البحث عن الجزيئات التي تضاعف حلاوته. ذلك أن تحفيز مستقبِلات الحلاوة في اللسان يحتاج إلى كمية كبيرة من السكر، وتعتقد شركة سينوميكس، التي مقرها في ساد دييجو في كاليفورنيا، أنها تستطيع العثور على مركبات من شأنها تخفيض كمية السكر اللازمة للتحفيز. وتعمل الشركة مع مجموعة من الشركات الأخرى، من بينها شركة بيبسي كولا.
السكر العادي الذي يستخدمه الناس هو السكروز، الذي يتألف من نوعين من السكريات الصغيرة، وهما الفروكتوز والجلوكوز. (لاحظ أن شراب الذرة الذي يحتوي على كميات عالية من الفروكتوز يتألف هو أيضاً من مزيج من الفروكتوز والجلوكوز، بالنسب نفسها تقريباً). من الممكن أن يتبين أن معززات الحلاوة لها دور مهم إذا ثبت أن سكر الفروكتوز هو السبب الرئيس للأمراض التي من قبيل السكري وأمراض القلب والسرطان. وحيث إن الجسم يحتاج إلى تفكيك الفروكتوز في الكبد، فإن اندفاع السكر يمكن أن يكون هو السبب في إنهاك الكبد. وقال برسلِن إن الشخص حين يتناول المشروبات الغازية مثل الكوكا فإن كل ما يقوم به هو ''صب الفروكتوز صباً داخل الكبد''.
وتقوم كثير من خلايا الجسم بتفكيك الجلوكوز إلى جزيئات أصغر، لكنه بحد ذاته لا يعمل على إرهاق الكبد مثل الفروكتوز. لكن الجلوكوز وحده لا يتمتع بالقدر نفسه من الحلاوة.

الأكثر قراءة