الإقامة في المستشفيات قد تشكل خطرا حقيقيا لمرضى الزهايمر

الإقامة في المستشفيات قد تشكل خطرا حقيقيا لمرضى الزهايمر

قد يؤدي المكوث في المستشفى إلى كارثة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون مرض الزهايمر، وهم الأشخاص الذين يعانون تدهور الوظائف العقلية (الخرف / الجنون) هم أكثر عرضة للبقاء في المستشفى من غيرهم من كبار السن.
وغالبا ما يكون ذلك لأسباب يمكن الوقاية منها مثل العدوى التي لم تكن قد لوحظت في وقت مبكر. وقد يكون البقاء في المستشفى أمرا مزعجا لأي شخص، ولكن نظرا لإضافة عامل الخوف إذا كنت لا تتذكر أين أنت أو لماذا يظل الغرباء يفحصونك بفضول.
وحسبما نشرته وكالة (أ. ب) من واشنطن أنه توجد الآن دراسة جديدة تلقي الضوء على الآثار السيئة المترتبة على ذلك: حيث أفاد باحثون في جامعة هارفارد بأنه على ما يبدو أن البقاء في المستشفى يزيد من فرص انتقال مصابي مرض الزهايمر إلى دار رعاية مسنين – أو حتى الموت – في غضون عام. ويرتفع عامل الخطر إذا ما أصيب هؤلاء المرضى بما يسمى الهذيان أثناء إقامتهم، وهي حالة من الارتباك الإضافي والهياج.
وليس من الواضح تماما ما السبب وراء ذلك، على الرغم من أن المتخصصين يقولون إن حالة الهذيان سيئة خاصة في حالة التلف المخي القائم بالفعل. ولكن أجمع باحثون وخبراء في مرض الزهايمر على أن القائمين على رعاية هؤلاء المرضى بحاجة إلى معرفة المخاطر حتى يتمكنوا من مساعدة ذلك الشخص المقرب إليهم المصاب بتدهور الوظائف العقلية على تجنب البقاء في المستشفى إذا أمكن.
وتقول الدكتورة تمارا فونج، الباحثة في مستشفى ديكونز بيث التابعة لهارفرد ''فترة البقاء في المستشفى فترة مجهدة للغاية''. وغالبا ما تخبرها بعض العائلات قائلة: ''أن الأب لم يعد أبدا كما كان في السابق قبل إجراء الجراحة وأنه أصبح حائرا ومرتبكا''.
فهذا المرض يعد تحد حتى للمهنيين الصحيين. فقد كانت ليزيلي فوشس، طبيبة نفسية، تراقب بعدم تصديق الانهيار السريع الذي لحق بوالدتها، التي كان يزداد مرض الزهايمر لديها ببطء لعدة سنوات، خلال إقامتها في أحد المستشفيات في مدينة نيويورك العام الماضي.
وتتذكر ابنتها قائلة إن الأقارب قاموا بالاتصال برقم الطوارئ 911 عندما أصيبت ثيلما فوسش (79 عاما) بنوبة قصيرة. وسريعا ما تم علاج المشكلة ولكن أحجمت المستشفى عن التصريح لها بالخروج لأسباب غير واضحة. وخلال أيام قليلة، أصيبت فوسش بحالة من الذهول المتزايد، وحاولت التسلل إلى غرف أخرى، وانتهى بها الأمر إلى تناول بعض العقاقير المضادة للذهان.
وأصرت ليزلي فوسش على إرسال والدتها إلى المنزل، حيث هدأت ولم تعد بحاجة إلى تناول الأدوية. واتخذت العائلة خطوات لتوفير رعاية صحية أكبر لها في المنزل على أمل تجنب الإقامة في المستشفيات مستقبلا.
وقالت ليزلي: ''يجب أن تكون والدتها في بيئة مألوفة. فهي لا تستطيع الاحتفاظ بذكريات جديدة ولكن يمكنها استدعاء الذكريات القديمة''. وفي المنزل،لاحظت أن أفراد العائلة لا يزالون هم أصحاب القرار. وبمجرد وجودك في غرفة الطوارئ، ستعلم طبيعة ما ستخسره.
هناك ما يقرب من 5،4 مليون أمريكي مصاب بمرض الزهايمر أو أنواع مماثلة من الخرف. ومعدلات هذا المرض في ازدياد بسبب تقدم العمر السريع لدى السكان. ويتكلف هذا المرض رعاية طبية وصحية نحو 140 مليار دولار في العام الواحد، وذلك وفقا لجمعية الزهايمر. وعلى الرغم من عدم وجود علاج لمرض الزهايمر، إلا أن كثيرا من هذه التكاليف ليست لعلاج الخرف ذاته ولكن لعلاج الظروف الصحية الأخري التي قد تؤدي الخرف إلى تفاقمها. ويوضح ويليام ثيس، مدير الرابطة العلمية، أن مرضى الزهايمر يفقدون تدريجيا القدرة على التحكم في مرض السكري لديهم، وارتفاع ضغط الدم، والأمراض المزمنة الأخري، أو حتى التعبير عن شعورهم بأعراض المرض إلى أن يصبح خطيرا.
وقد أفاد باحثون من جامعة واشنطن في وقت سابق من هذا العام أن الأشخاص الذين يعانون الخرف أكثر عرضة للبقاء في المستشفيات من غيرهم من كبار السن، وخاصة بالنسبة للحالات التي تعاني أمراض الالتهاب الرئوي، والتهابات المسالك البولية، وتفاقم قصور القلب أو الجفاف، والتي يمكن معالجتها في عيادة الطبيب إذا ما تم اكتشافها مبكرا.
ولقد ألقت الدراسة الجديدة نظرة فاحصة على العواقب الصحية المحتملة جراء البقاء في المستشفيات. حيث فحص فريق دكتور فونج السجلات الطبية لـ 771 حالة تعاني مرض الزهايمر وكانوا يعيشون في المنزل ويتلقون رعاية جيدة إلى حد ما، ليرون ما قد يحدث إذا ما انتهى بهم الأمر إلى الانتقال إلى المستشفى. ووجدوا أن ما يقرب من النصف أصيبوا، بأشياء معظمها مثل حالات الإغماء أو السقوط، والالتهاب الرئوي، وآلام الصدر. بينما أصيب الربع بالهذيان أثناء تواجدهم بالمستشفيات.
وتوصل فريق فونج إلى أن 4 في المائة من المرضى الذين لم يمكثوا في المستشفيات ينتقلون للبقاء في دار رعاية مسنين، ويتوفى 2 في المائة منهم كل عام. وانتهى الأمر بـ 29 في المائة من المرضى الذين كانوا داخل مستشفيات إلى الانتقال إلى دار رعاية مسنين – كما فعلت نسبة مفاجئة بلغت 43 في المائة ممن يعانون الهذيان.
وأفادت فونج يوم الإثنين في مجلة ''مدونات الطب الباطني'' أن 9 في المائة ممكن تلقوا الرعاية الأولية في المستشفى قد وافتهم المنية في العام التالي مع العلم أن 15 في المائة من هذه الحالات عانوا الهذيان.
ولم تستطع الدراسة تفسير تلك الصلة. فمن الممكن أن يكون الأشخاص الذين انتهى بهم الأمر إلى البقاء في المستشفيات أو المصابون بالهذيان بدأ الأمر لديهم في التدهور بالفعل أكثر من نظرائهم الذين لم يتم إدخالهم إلى المستشفيات. وترغب فونج في عقد مقارنة بين أولئك الذين تم إرسالهم للبقاء في المستشفيات وبين الذين يتلقون رعاية صحية بالمنزل بالنسبة للحالات ذاتها، مثل الذين لديهم حالة متقدمة من التهابات المسالك البولية، لمعرفة ما إذا كان تجنب البقاء في المستشفى يُحدث فرقا حقيقيا أم لا.
ويقول السيد ثيس، في الوقت الحالي، ''إن تلقي العلاج داخل المستشفيات أمر صعب للغاية على مرضى الزهايمر''، ويشكل خطرا أيضا خاصة لأولئك الذين يعانون الهذيان.

ما النصيحة التي يمكن توجيهها إلى الأسر؟
أن يكونوا منتبهين وفي حالة تأهب لأي أعراض جديدة، والتي يمكن أن تكون غامضة مثل التهيج من الألم، وتقديم الرعاية الصحية في وقت مبكر لتجنب دخول المستشفيات. وتعلم أيضا كيفية التعامل مع المشكلات السلوكية لمرضى الزهايمر – مثل الهلوسة عند حلول الظلام – قبل أن تتفاقم إلى قلق لا يمكن السيطرة عليه، وذلك وفقا لما قاله السيد ثيس.
إذا كان من الصعب تجنب البقاء في المستشفى، عليهم أن يستفسروا عما إذا كان المركز الطبي يحاول التقليل من الإصابة بالهذيان عن طريق وضعهم في غرف خاصة، وتجنب إيقاظ المريض ليلا، والتقليل من الوقت الذي يمضونه في غرف الطوارئ.
وأضافت الدكتورة فونج قائلة إنه يجب أيضا على أفراد الأسرة طمأنة المريض والبقاء إلى جانبه، التأكد من ارتدائهم النظارات والمساعدات السمعية الخاصة بهم، وجلب الأشياء المألوفة لديهم.

الأكثر قراءة