التقييم الصحي للنفايات والملوثات البيئية في العالم العربي
تواجه منطقتنا العربية تحديات كبيرة تجاه التنمية الصحية المستدامة المرتبطة بالبيئة بسبب التحورات البيئية العالمية، وكذا بسبب التقدم الصناعي الذي تشهده هذه المنطقة في جميع مجالات التطور المستقبلي للطاقة والصناعة، ما أدى إلى الضغط على النظام الصحي واستنزاف الموارد والثروات الطبيعية وتوافر مشكلات وصعوبات تهدد صحة الإنسان، نتيجة لتراكم المخلفات الصناعية وكثرة مصادر التلوث بسبب عدم اتباع الطرق المناسبة الكفيلة لمعالجة المسببات الناتجة عن الاستخدام السلبي للتطور الصناعي والتخلص غير السليم من مخلفاته وآثاره الضارة للبيئة وعدم تفعيل التشريعات القانونية المرتبطة بالمحافظة على الصحة والبيئة.
تعتبر صحة البيئة من التوجهات التطبيقية العلمية التي تلاقي اهتماما كبيراً على كل الأصعدة في جميع دول العالم، حيث يلاحظ كيف أصبحت تحتل موضوعاتها الصدارة في وسائل الإعلام، ولقد زادت أعداد علماء البيئة في العالم وتشكلت العديد من الجماعات التي تقوم أفكارها على حماية البيئة من الأخطار التي تهددها، واتحد الجميع نحو هدف إنقاذ كوكب الأرض من التلوث والمخاطر الصحية.
ويمكن لنا في هذه القراءة أن نلخص ''أهم مصادر التلوث البيئي والمخاطر الصحية لكل مصدر على حدة''، والتي نطمح من خلالها المساهمة في التشخيص، وكذلك إيجاد الحلول العملية للحماية والوقاية من تداعياتها على بيئة وصحة مجتمعنا العربي، وهي على النحو التالي:
1 - المياه السطحية الملوثة، حيث إن استخدام هذه المياه للشرب أو إعداد الطعام هي الوسيلة الأكثر شيوعاً لنقل عدوى الإصابة بالأمراض المعوية والمعدية والوفاة، لكونها ملوثة بالبكتريا والفيروسات وبعض المواد الكيماوية العضوية.
2 - ملوثات المياه الجوفية، تكمن خطورة هذا الملوث بسبب اعتماد فئة من الناس على المياه الجوفية من خلال الآبار المحفورة المكشوفة التي أصبحت هدفا لمكبات النفايات المكشوفة والمجاري والنفايات الصناعية وتسرب المواد الكيماوية للمياه الجوفية، وتكمن الخطورة الصحية في الإصابة بالسرطان، وكذلك التشوهات الخلقية.
3- مياه الصرف الصحي غير المعالجة والأمراض المصاحبة معها مثل ''الكوليرا، البلهارسيا، التهاب الكبد الوبائي، التهاب الدودة الشريطية المعوية.. إضافة إلى الوفاة.
4- النفايات المشعة ومناجم اليورانيوم التي تستعمل المواد المشعة لتوليد الطاقة لبعض الاستخدامات العلمية، حيث يمكن لهذه الرقائق المشعة أن تدخل الجسم من خلال الماء، الهواء والطعام، وتتسبب في أمراض سرطانية أو خلل في الشفرة الوراثية ينتهي ببعض التشوهات الخلقية.
5- التنقيب عن الذهب هو من المصادر الخطرة والملوثة، وذلك بسبب استخدام مادة الزئبق ومزجها بالطمي النهري الحامل لخامات الذهب ثم يتم تسخين هذا المزيج على اللهب فيتبخر الزئبق، ويتم استنشاقه في هذه المناطق، وكذلك البيئة المحيطة بها، وهنا تحدث المخاطر الملوثة للبيئة والصحة مثل ''اضطرابات في وظائف الكلى، التهابات المفاصل، اضطرابات نفسية وعقلية وعصبية''.
6 - صناعة التعدين، يحدث التلوث نتيجة للتخلص من النفايات المعدنية التي تحتوي على بعض العناصر الكيماوية السامة، التي تتطاير في الهواء عن طريق الرياح أو تترشح إلى المياه الجوفية أو تستهلك من قبل النباتات والحيوانات أو تدخل جسم الإنسان عن طريق الاستنشاق أو الملامسة أو الأكل، وتؤدي هذه النفايات إلى مشكلات صحية مثل ''التهابات وحساسية للعين والأنف والحنجرة، أمراض الجهاز الهضمي والتنفسي، وكذلك بعض أنواع الأمراض السرطانية''.
7- صهر المعادن، يحدث التلوث من هذا المصدر عند معالجة كميات كبيرة من مكونات صهر المعادن وتصاعد الأدخنة والملوثات الهوائية لبعض الغازات ''ثاني أكسيد الكبريت، فلوريد الهيدروجين، أكاسيد النيتروجين، وغيرها''، وكذلك بعض المعادن الخطرة مثل الرصاص والزرنيخ والكروم والكادميوم والنحاس والنيكل، حيث تستقر هذه الملوثات على الحقول الزراعية المجاورة التي يستهلكها الإنسان وكذلك على المجاري المائية، ومن الأضرار الصحية التي تحدث من جراء هذا المصدر ''الحساسية، والتهييج، أمراض تنفسية، أمراض القلب، أمراض الكلى، أمراض الأجهزة العصبية''.
8- تلوث الهواء الداخلي، يحدث هذا التلوث داخل المنازل عند حرق الفحم أو الحطب لأغراض الطبخ والتدفئة والإضاءة، حيث تتجمع وتتركز هذه الأبخرة السامة مسببة مخاطر صحية على العائلة.
9 - تدوير بطاريات السيارات، إن التواجد في بعض المناطق أو المدن التي تستورد بطاريات السيارات التالفة من أجل استخلاص مادة الرصاص منها من خلال تدوير البطاريات وصهرها داخل أماكن تجمع السكان والزوار هو في واقع الحال مصدر خطير لاستنشاق هذه النفايات المشبعة بالرصاص والتي تؤدي إلى بعض المخاطر الصحية مثل ''الصداع، ألم العضلات، فقدان الشهية، اضطرابات النوم''.
10 - تلوث هواء المدن، من خلال عوادم المركبات، السيارات، المصانع، المولدات الكهربائية، محطات الطاقة، وغيرها هو من الأسباب التي تؤدي إلى الوفاة حسب تقرير منظمة الصحة العالمية، الذي ذكر أن هناك ما يقارب من 865 ألف حالة وفاة سنويا تعزى إلى التعرض المباشر للهواء الملوث خارج المنازل، إضافة إلى بعض المشكلات الصحية الأخرى ''سرطان الرئة والقلب، الحساسية، الربو، نقص المناعة، التهاب الرئة والجهاز التنفسي''.