مزارعو أمريكا يشككون في علاقة الاحتباس الحراري بتلف محاصيلهم

مزارعو أمريكا يشككون في علاقة الاحتباس الحراري بتلف محاصيلهم

زار الطقس المتطرف مزرعة كيفن مينورد مرتين خلال العامين الماضيين. في عام 2011 غمر حائط من الماء حقول الذرة وفول الصويا الخاصة به بعد أن فجرت السلطات الأمريكية أحد السدود لتخفيف فيضان نهر المسيسيبي. وجاءه هذا العام بجفاف وأسابيع من الحرارة المدمرة.
وحذر علماء منذ فترة طويلة من حدوث فيضانات وحالات جفاف أكثر تكرارا، بينما يتغير مناخ العالم. لكن بالنسبة لمينورد وكثيرين من أمثاله، يعتبر الاحتباس الحراري شيئا وهميا. وقال مزارع من ولاية ميزوري هذا الأسبوع، بينما كان يحصد محصول الذرة الذي لم يتجاوز ربع حجمه الطبيعي: ''هذا نتيجة لقدر الله (...) أكثر من كونه حدثا من صنع الإنسان''.
وتساعد حالة التشكك بشأن المناخ بين المزارعين على تفسير لماذا تكون انبعاثات الكربون خارج جدول أعمال الجهاز التشريعي في الولايات المتحدة، على الرغم من درجات الحرارة الأكثر سخونة على الإطلاق.
وبالأمس قالت الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي: إن الجفاف سيطر على مساحة واسعة من حزام الذرة في الولايات المتحدة تتجاوز في حجمها المناطق التي تأثرت بموجات الجفاف الحادة السابقة في الثمانينات والثلاثينات.
وحتى مع وجود الكثير الذي يمكن فقدانه، قاتل أنصار المزارعين في واشنطن، أو حوّلوا الانتباه عن السياسة الخاصة بالمناخ، لمحاربة التنظيم والضوابط، والتركيز بدلا من ذلك على الإعانات. ويتحدى موقفهم دليل يشير إلى أن المنطقة المركزية في البلاد تتغير، بسبب الاحتباس الحراري. والمزارعون يتكيفون مع هذه التغيرات، مهما كانت آراؤهم المعلنة.
وقال ديكي أرندت الذي يعمل في فرع رصد المناخ في مركز البيانات المناخية التابع للإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي، في الولايات الواقعة في حزام حقول الذرة، مثل أيوا وإلينوي، إن متوسط درجات الحرارة كان يزحف إلى أعلى تدريجيا على مدار عقود خلال الشتاء والربيع، وسط تغيرات على أساس سنوي.
ودرجات الحرارة الأكثر ارتفاعا تجعل السماء تحتوي على المزيد من بخار الماء. وعندما يسقط المطر يكون من المرجح أكثر أن يأتي مصحوبا بعواصف قوية، بدلا من وابل منتظم من المطر.
وقال أرندت: ''لقد شهد الغرب الأوسط حقا تغيرا ملحوظا خلال العقود الأخيرة في نمط الأمطار. الاتجاه العام للأعلى، لكن الصفة هي المزيد، والمزيد من هطول الأمطار في جرعات كبيرة''.
ولهذه التغيرات نتائج متباينة بالنسبة للمنطقة. فالحرارة الأكثر ارتفاعا خلال الليل تجعل النباتات تهدر طاقة كبيرة في عملية التنفس. وهذا ما أدى إلى تقليص غلال الذرة في الصيف الماضي، وأعد الساحة للارتفاع القياسي للحبوب في عام 2012.
و قال براد ريبي، وهو عالم أرصاد جوية في وزارة الزراعة الأمريكية: ''كانت المرة الأولى التي شهدنا فيها مشكلة كبيرة بشأن الافتقار إلى التبريد في المساء في عام 1995. وهذه بالذات من وظائف المناخ الذي ترتفع فيه درجة الحرارة باستمرار، والذي شهدناه في العقود القليلة الماضية''. وقال جيري هاتفيلد، مدير المختبر القومي للزراعة والبيئة في أيوا، التابع لوزارة الزراعة: إن هطول الأمطار المتزايد حفز المزارعين على شراء معدات أكبر للزراعة في الفترات الآخذة في القِصر بين العواصف وتركيب أنظمة صرف للحقول.
ولاحظ هاتفيلد أن الطقس الأكثر رطوبة، والأرض الأرخص، والممارسات الجديدة للحرث حولت ولاية داكوتا الجنوبية، في السهول الشمالية، إلى منتج كبير لفول الصويا. وكانت الولاية على المسار الصحيح نحو حصاد 4.5 مليون فدان من بذور الزيوت هذا العام، وهو محصول يزيد 456 في المائة عما كان عليه قبل 30 عاما.
وقال هاتفيلد: ''بعض الأشياء التي كان يتحدث عنها الناس فيما يتعلق بتغير المناخ بدأت تظهر فعليا''. وتابع: ''الظروف الأكثر دفئا، وهطول الأمطار المتغير، والأحداث الأكثر تطرفا – كلها أشياء نتحدث عنها وهي تظهر بالفعل. يوجد فعليا بعض التغير (...) ومن المهم ملاحظة مقادير هذه التغيرات''.
وقالت كارين جاريت، وهي اختصاصية في أمراض النبات في جامعة ولاية كانساس: إن التغيرات الأخرى المتوقعة في بيئة أكثر دفئا، مثل أنواع جديدة من الآفات، يصعب الاستشهاد بها على أنها بصمة للتغير المناخي، لأن هناك عوامل أخرى كثيرة أيضا حددت بقاءها.
ولم يتلاءم جفاف عام 2012 مع الاتجاه نحو الطقس الأكثر رطوبة. ويتردد الكثير من العلماء في أن يقولوا ما إذا كانت الأحداث العابرة تعكس اتجاهات أكبر. لكن دراسات أكاديمية حديثة أجراها جيمس هانسن، من وكالة ''ناسا''، ومسؤولون من الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي، ومكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، ربطت بين موجات الحرارة في الصيف وتغير الطقس. وكتب هانسن: ''تحدث الحالات الشاذة المتطرفة في الحاضر نتيجة لمساهمات متزامنة من قبل نماذج معينة من الطقس والاحتباس الحراري''.
وقال اقتصاديون في وزارة الزراعة الأمريكية الشهر الماضي: إن تغير الطقس سيكلف مزارعي حزام حقول الذرة بحلول عام 2030 ما بين 1.1 مليار دولار و4.1 مليار دولار سنويا، بينما تقلل الآفات حجم المحاصيل.
وكثيرون من أصحاب الأراضي غير قلقلين فيما يبدو. وأظهر استطلاع أجرته جامعة أيوا أن 5 في المائة من مزارعي أيوا مقتنعون بأن المناخ يتغير، و28 في المائة مقتنعون بأن هناك دليلا غير كاف لمعرفة ما إذا كان المناخ يتغير أم لا. واعترف 68 في المائة بتغير المناخ، لكن 10 في المائة فقط أرجعوه للبشر. وقال 46 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع: إن التأمين على المحاصيل والبرامج المشابهة ستحمي المزارع بصرف النظر عما إذا كان تغير المناخ يحدث. وكلف التأمين على المحاصيل، المدعوم من قبل الحكومة، دافعي الضرائب أكثر من ثمانية مليارات دولار العام الماضي.
وتترجم هذه الآراء في هيئة سياسة عامة. وقد ساعدت المعارضة من قبل اتحاد مكاتب المزارع الأمريكية على هزيمة محاولة جرت أخيرا في الكونجرس لاستصدار تشريع خاص بالمناخ.
وقال دون ليبتون، المتحدث باسم الاتحاد: إن المزارعين لم يهتموا ''بشكل زائد'' بالاحتباس الحراري. وأضاف: ''إنهم جزء من المشهد، وهذا تعميم واسع. العلم ليس حاسم بالضرورة بشأنه''.وأعلن توم فيلساك، وزير الزراعة، أن الحكومة ستنفق 170 مليون دولار لشراء اللحوم، لمساعدة مزارعي الثروة الحيوانية الذين تضرروا من الجفاف. وقال أيضا: إنها ستدفع باتجاه مشروع قانون لمساعدة المزارعين ومربي الماشية.

الأكثر قراءة