فنيات تعليم تحمل المسؤولية
إن الشخصية تبنى من خلال عناصر متعددة حيث تتحد مجموعة من العناصر لتنتج لنا شخصيات مختلفة متضمنة حصيلة الأسرة والمتغيرات الأخرى التي يحتك بها الإنسان خارج الأسرة، ولعل الشخصية الحقيقية هي تلك التي قامت من الأساس على مفهوم تحمل المسؤولية من خلال تقدير الموضوعات والمواقف التي يتعرض لها الفرد واختيار الطريقة الفكرية والسلوكية لحلها أو على الأقل التكيف معها والبعض يعتقد أن مفهوم تحمل المسؤولية يجلب الكثير من الألم النفسي للفرد، لذا فإن كثيرا من الأسر تبتعد عن إلقاء المسؤولية على عاتق أبنائها انطلاقا من شعور الحنان والرحمة والمحبة التي يكنها الآباء لأبنائهم لأنهم في المقابل يعتقدون بأنهم يجب أن يقوا أبناءهم عناء الحياة وعثرات الزمن، بينما في الواقع فإن تحمل المسؤولية يبدأ تدريجيا منذ الصغر فيكبر رويدا رويدا حتى يجد الإنسان نفسه، وقد تعامل بشكل تلقائي مع الأحداث والأمور من خلال مواجهتها وليس التملص منها والهروب بعيدا، وفي سن مبكرة يستطيع الآباء أن يغرسوا في أبنائهم ذلك الشعور ربما بأمور أبسط مما يتخيل الجميع، فمثلا ونحن نعيش الآن موسم شراء الأدوات المكتبية لاقتراب المدارس نجد أن الطفل يسرف في شراء تلك المستلزمات حتى يصل الأمر إلى شراء ما لا يحتاج إليه الطفل، ومع ذلك تجد أن بعض الآباء لا يبالي بذلك بمبرر أن تلك الأغراض التي جمعها الطفل لا تكلف ماديا، ومع الأسف فإن الطفل لا يدرك هذا المفهوم المادي في عمر صغير وهو فقط ينظر للسلعة التي أخذها كجانب عيني ليس أكثر، وبالتالي هنا أدرك بأنه اقتنى ما لا يحتاج إليه، ومن هنا يبدأ لينعدم عنده مفهوم التصنيف وفق مسؤولية اختياره، حيث لا يبالي بتحمل قراره لأنه لن يدفع أي ثمن أو بالأصح لن يكن هناك أي عواقب لاختياره الخاطئ، ومن هنا تتساوى الأمور بالنسبة له فتموت الدافعية في تحديد أي من الاختيارات التي تطرح أمامه وينتقل إهمال تحمل المسؤولية من الطفولة للمراهقة، وهنا يصعب الأمر وتكون الخسائر الناتجة عن عدم المبالاة في اتخاذ القرار أكبر من مرحلة الطفولة التي يتحمل فيها الآباء أخطاء الطفل دائما، وهذا يعني أن بناء الشخصية الحقيقية تقوم على بناء أكبر لتحمل المسؤولية كاملة لا سيما مسؤولية اتخاذ القرار والذي لا يدفع الفرد ثمنه فحسب بل ربما يدفعه الكثيرون من حوله حيث تحمل مسؤولية التعليم والتوظيف والزواج ومسؤوليات كثيرة مختلفة تحددها الحياة إذا ما أقبلت على الفرد.