«سوق ذي المجاز» التاريخي يعود إلى الذاكرة بسور من الشبك!
تفتخر العرب بتراث أسواقها التاريخية وما كانت تحويه من بيع وشراء، إضافة إلى تباري أكبر شعراء الجزيرة العربية داخل ساحتها. ومن تلك الأسواق الشهيرة سوق ذي المجاز، الذي كان من أشهر أسواق العرب، إلى جانب سوقي عكاظ ومجنة.
يقول الدكتور يوسف الثقفي، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة أم القرى، إن سوق ذي المجاز يقع على بعد 15 كيلومترا تقريبا شمال منطقة عرفات على ما ذكره المؤرخون. وفي هذا المكان يقع جبل كبكب، ومع مرور الوقت لم يعد يذكر هذا السوق وأصبح محاطا بشبك بعد التعديات التي أحاطت بالمكان من كل جانب، وهو لا يقل أهمية عن سوق عكاظ.
وأضاف الثقفي، مدة انعقاد السوق ابتداءً من أول شهر ذي الحجة حتى يوم التروية الثامن من الشهر، وهو بذلك ينعقد بعد انتهاء تسوق القبائل العربية في سوقي مجنة وعكاظ اللذين ينتهيان في نهاية شهر ذي الحجة فينتقل التجار والحجاج والمعتمرون والمشاركون في هذين السوقين إلى مقر سوق ذي المجاز ومعهم ما تبقى من البضائع لممارسة البيع والشراء في ذي المجاز ومباشرة أعمال مناسك الحج وبعد ذلك يفد إلى سوق ذي المجاز الكثير ممن لم يشهدوا سوقي مجنة وعكاظ، وخاصة أولئك الذين يفدون إلى الحج عن طريق الساحل من مينائي جدة والشعيبة.
وأشار الثقفي إلى أنه قبل الإسلام اشتهر سوق ذي المجاز ببعض الممارسات التي يغلب عليها صفة اللهو، كما مارس التجار في سوق ذي المجاز تجارة الرقيق. وذكرت المصادر التاريخية أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشترى غلامه أسلم الحبشي من سوق ذي المجاز، كما شهد السوق الكثير من أعمال الخير، حيث كان التجار والموسرون يذهبون إلى السوق من أجل افتداء الأسرى ودفع الديات. وشهد السوق وصول من يطلب الحماية والمجاورة، ويجد هناك من يعلن على مرأى ومسمع لمن في السوق حماية وقبول مجاورة من يريد ذلك.
وأفاد الثقفي، أن السوق شهد ظهور بعض الشخصيات على مرتفع ما يعلن الافتخار بقبيلته أو نسبه. وباشر المكيون التجارة بمختلف أنواعها في سوق ذي المجاز، فمنهم من يبيع الملابس ومنهم من يبيع الدهن واللحوم، ومنهم من يبيع الأواني المنزلية، والسلاح، والعقاقير الطبية المعروفة آنذاك.
وقال الثقفي، عرف أن التجارة في مكة المكرمة كانت من أهم أسباب ثراء القرشيين، حيث جمعوا بواسطتها الذهب والفضة، وامتلكوا الأراضي القريبة من الحرم المكي. وكانت العملة المتداولة في البيع والشراء هي عملة نقدية من الذهب والفضة، إضافة إلى بيع سلعة بسلعة. وكانت النقود المتداولة من ضرب دولة الروم وبعضها من دولة الفرس، وبقيت على هذا الحال حتى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان عندما أمر من الحجاج الثقفي بتعريب العملة ونقش كلمتي لا إله إلا الله محمد رسول الله على وجهيها.