سياسة التيسير الكمّي حل ملائم لمنطقة اليورو

سياسة التيسير الكمّي حل ملائم لمنطقة اليورو

عندما سمعت أخبار دورة أخرى من سياسة التيسير الكمّي في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، كان أول ما مر بخاطري، هو أنه كان على ماريو دراجي أن يفعل ذلك بالمثل. ولكن بدلا من ذلك، اختار رئيس البنك المركزي الأوروبي برنامجاً مشروطاً لشراء السندات بتاريخ بدء غير مؤكد.
في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد المتعثر في منطقة اليورو إلى مزيد من التحفيز النقدي المحدد الآن.
في الوقت الحاضر، فإن عملية حل أزمة منطقة اليورو، تسير بشكل جيد لأنه لم تقع في هذا الشهر أي من الحوادث المحتملة.
أخرجت المحكمة الدستورية الألمانية نفسها خارج هذه المعادلة. الخلاصة الجيدة، هي إعادة انتخاب الهولنديين لحكومتهم ورفضهم إغراء الدعاية الشعبية.
لقد فعل دراجي ما كان متوقعاً، في حين أن الوضع الاقتصادي للدول الأعضاء كان يسوء، إلا أن صناع السياسة يبدون متفائلين جدا. لم يكونوا محظوظين جدا في بعض الأوقات فبرنامج المعاملات النقدية الحاسم (أو إم تي) للبنك المركزي الأوروبي قد منحهم الفرصة للاستراحة.
لكن المشكلة تنمو بالفعل، لدرجة أنها يمكن أن تدمر مصداقية برنامج أو إم تي قريباً جداً. ما زال ماريانو راخوي رئيس وزراء إسبانيا يرسل رسائل محيرة ومتضاربة، حول ما إذا كانت مدريد ستتقدم لتطبيق البرنامج أم لا.
لقد جعل البنك المركزي الأوروبي، الأمر سهلاً على رئيس الوزراء الإسباني للتأهل لبرنامج أو إم تي، فكل ما تحتاج إلى فعله الحكومة الإسبانية كلها هو تطبيق ما يسمى خط الائتمان المتعزز الشروط - هو برنامج صغير بشروط محدودة. قال ماريو مونتي، رئيس الوزراء الإيطالي إن روما لن تتقدم لتطبيق هذا البرنامج قبل انتخابها حكومة جديدة.
لقد سمعت المسؤول الأوروبي الأول يعترف بأنه من المحتمل ألا يتقدم أحد لتطبيق هذا البرنامج، وربما لن يضطر البنك المركزي الأوربي أبدا إلى شراء سند واحد.
إذا كانت معنويات السوق إيجابية بما فيه الكفاية حتى يختفي الجدل، فستحل الأمور نفسها. إذن، هل يريدون حقا جعل أو إم تي يبدو كأنه خدعة ثقة رخيصة؟ لا أعتقد أبداً أن هذه كانت نيات دراجي، ولكن إذا ربطنا بين برنامج شراء السندات للبنك المركزي الأوروبي وبين العملية السياسية، فلربما يكون ذلك من العواقب غير المقصودة.
عندما زار رئيس الوزراء الفنلندي، جيركي كاتاينين مدريد خلال الأسبوع الماضي، لم يكن من الممكن أن نأخذ انطباع أنه كان في عجلة من أمره للضغط على راخوي من أجل الإنقاذ.
ولا يبدو أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كانت كذلك هي الأخرى.
من الناحية السياسية من الأسهل لها ألا تضطر إلى مطالبة البرلمان الألماني للتصويت على البرنامج الإسباني.
ومن الأسهل بالنسبة لراخوي إنه غير مضطر لقبول أي شروط يضعها البرلمان الألماني.
يريد مونتي دخول التاريخ باعتباره الرجل الذي أنقذ إيطاليا، وليس من أجل الذهاب صاغراً إلى بروكسل.
هذه تعد أسبابا سياسية جيدة لوقف الساسة المنتخبين من التقدم لبرنامج أو إم تي - ولكن دون طلب، لا يمكن تفعيل البرنامج أو إم تي. ولا يمكن لدراجي أن يجبر الحكومات على التصرف. الدرس الرئيسي الذي استخلصته من عملية حلول الأزمات، هو أنه لا يمكن أبدا أن تبالغ في تقدير التهاون من قبل صانعي السياسة الأوروبيين، لأن فكرة برنامج أو إم تي في كافية في حد ذاتها، من خلال بعض تأثيرات الثقة السحرية، وهو ما يذكرني بما حدث عقب بدء البنك المركزي الأوروبي لبرنامج السيولة الخاص به في العام الماضي. وتبع ذلك أيضا تباطؤ في اتخاذ القرارات السياسية. ولقد توقعت أن يحدث المثل مع برنامج أو إم تي في نهاية المطاف، ولكن ليس بهذه السرعة.
لنفترض الآن أني على خطأ، وأن دراجي
ومونتي يغمضان أعينهما خلال الأسبوعين المقبلين، وأنهما سيتقدمان بطلب من أجل الحصول على برنامج أو إم تي، في ظل الخضوع لبعض الشروط الخارجية.
ماذا سيفعل البنك المركزي الأوروبي عندما تتولى الحكومة الإيطالية الجديدة المنتخبة مهامها العام المقبل، وتقرر أن تعدل عملية الإصلاح قليلا، كما كان يفعل اليونانيون أخيرا؟
هل سيعاقب البنك المركزي الأوروبي حقاً إيطاليا، معرضاً اقتصادها للانهيار؟ وربما يعرض أوروبا أيضا للانهيار المالي؟
بما أن الإجابة عن هذه الأسئلة واضحة جدا، سيكون هناك بالتأكيد حافز للناخبين ولممثلي دائرتهم الانتخابية لمحاكاة خدعة دراجي، أو على الأقل دفعه إلى أقصى حد.
إذن، ربما سنكون ملعونين إذا نجح برنامج أو إم تي وملعونين إذا لم ينجح أيضا.
لقد كان دراجي محقا في حجته الأساسية - بأن البنك المركزي الأوروبي يحتاج إلى إصلاح آليات التحويل النقدية.
إذن لماذا لا نفعل مثل الأمريكان؟ فلنبدأ بشراء سندات الشركات وغيرها من الأوراق المالية ذات الفائدة الثابتة، متضمنة سندات البنوك، على الفور، بدلاً من البرنامج المعقد لعمليات شراء السندات الحكومية المشروطة. على البنك المركزي الأوروبي أن يقدم حافزاً نقدياً على نطاق واسع. وفي الوقت الذي لا أصدق فيه أن انخفاضا آخر في سعر الفائدة سيكون له تأثير كبير، فلا يوجد سبب لتأخير ذلك أيضا.
إن الخطر الأكبر الذي يواجه منطقة اليورو الآن ليس حكم القضاء أو نتيجة انتخابات عامة، بل التدهور السريع للاقتصاد.
الطلب العالمي يتباطأ، واليورو يقوى في مقابل الدولار، والسياسات المالية مسايرة للدورة الاقتصادية. إن برنامج التيسير الكمي سيكون أفضل معيار فردي- وربما الوحيد - لوقف أزمة التعزيز الذاتي لمنطقة اليورو.

الأكثر قراءة