«الصهبة».. فن يحتضر وغائب عن أذهان المكيين
في مدينة مكة المكرمة، تربع فن "الصهبة" على عرش أكثر الفنون الشعبية انتشارا في أزمنة مضت، إذ يندر أن يقام احتفال في مكة أو زواج أو استقبال للملوك والقادة دون أن تكون الصهبة حاضرة فيها بموشحاتها وإيقاعاتها المميزة والمختلفة، إلا أنها بدأت تحتضر برحيل روادها.
وعرفت "الصهبة المكية"، في مكة المكرمة حين كانت فنا موسيقيا رائجا يختص بالتواشيح الأندلسية وهي الآن تقدم بها العمر ولم تعد حاضرة في أذهان المكيين، حيث إن أغلب من أبدعوا في هذا الفن انتقلوا إلى رحمة الله ولم يعد للصهبة عشاقها.
عن هذا الفن الذي بدأ يحتضر، يتحدث هرم الحجاز الفنان جميل محمود موضحا أن الصهبة عرفت في العالم العربي، ويتميز كل وطن عربي بأدائها بطريقة خاصة وفي مكة عرفت فرقة عبد العزيز محضر بهذا الفن الذي يعتمد على "هانك" موسيقي خاص يتناسب مع المكيين ومع أدائهم لهذا الفن. وهي تختلف تماما عن "يماني الكف" الذي يعرف بأنه فن مكي خالص وينتسب إلى يمان البيتي الذي يعد مؤسس هذا الفن.
وتتميز الصهبة بأدائها بالإيقاعات ويمكن لأي شاعر غنائي أن يتولى كتابة النص الخاص بالصهبة بما يتناسب مع "هانك" الصهبة المكي، وبالإمكان أداؤها على مقامات مختلفة، ويجب القول بأن للصهبة أهلها وعشاقها في مكة المكرمة وجدة قديما وكانت فنا حيا يستأنسون بها في الأعياد والاحتفالات، حيث كان الناس يتجمعون من كل حدب وصوب في الحارات والمقاهي لإحياء مسامرات الصهبة بحضور العمد وأهالي الحارة وكبار الأعيان. وأوضح محمود أن الصهبة رحل روداها وهرم المهتمون بها ولم يعد من هناك من يهتم بهذا التراث أو يسمع موشحاتها وأدوارها بأنغامها الشجية، وربما لم يبق منهم إلا القليل. وطالب بإحيائها مجددا من خلال التعريف بها وبفنون مكة المختلفة والتنقيب عن بعض التواشيح المسجلة وأدوار الصهبة التي تختبئ في مكتبات كبار السن الموسيقية في حارات مكة القديمة.