انشغال المؤسس بالأمن جعل أبواب الرياض تغلق 11:30 مساء
روى لـ "الاقتصادية" حسن بن محمد الزهراني الذي عاصر الملك عبد العزيز وعمل في قصوره طباخا وشارك في إعداد طعامه لعدة سنوات، كيف كان الأمن أهم القضايا التي تشغل الملك عبد العزيز، إذ كانت لديه مقولة مفادها "الأمن فوق كل شيء وهو أهم شيء".
وأضاف، كانت هناك قضايا تشغل الراحل فكانت أبواب الرياض تغلق عند الساعة الـ 11:30 ليلا وتوضع لها حراسة أمنية ليلية حيث إن هناك قضية كان الملك عبد العزيز حريصا عليها وهي الأمن في هذا البلد.
وتحدث الزهراني عن بعض المواقف التي قابلته خلال عمله، يقول: "خدمت الملك عبد العزيز منذ صغري حتى وفاته وعاصرت تلك الشخصية الاستثنائية من جميع جوانبها.
كان رجلا يحمل صفاء القلب وقوة الإيمان والتقوى والإرادة، فكان لا يترك صلاة نصف الليل، سافرت معه كثيرا داخل البلاد بين نجد والحجاز، ولم يترك بصمة في شخصيتي فقط بل أثر في كل من حوله فأحبوه بإخلاص وساندوه فقد كان كريما ومتواضعا".
#2#
وأضاف، كان الراحل - يرحمه الله - يحب أكل القرصان واللحم ومرقة اللحم المركزة والألبان، وكان يذهب للقنص في البر في روضة خزيم والأحساء والقصيم وكان يفضل روضة التنهات وكنت أرافقه باستمرار.
يقول الزهراني الرجل الذي تعلم في مدرسة الملك عبد العزيز من خلال عمله مستخدما في قصر المؤسس ثم طباخا خاصا له :" تركت قصر المؤسس بعد أن تعلمت فيه ما لا أستطيع تعلمه في أعرق الجامعات حيث ذهبت بعد ذلك إلى الشرقية وبدأت في تأسيس أعمال تجارية تخصني، وكنت أروي للملك عبد العزيز قصتي منذ كنت طفلا يتيما في بلاد زهران حيث قدمت إلى مكة المكرمة راجلا ثم ذهبت بعد ذلك إلى الرياض.
ويتابع الزهراني: عندما قدم الملك عبد العزيز إلى مكة المكرمة استقبلوه كأب فكان رحيما ينفق بسخاء وكان يقدم الطعام والكساء للأهالي في الحارات، وفي كل حارة عمدة ومعه النقيب الذي يدور على البيوت لمعرفة المحتاجين.
وفي جدة استقبلوه استقبال الفاتحين في ميدان البيعة ونزل - يرحمه الله - في بيت نصيف وكان من أبرز بيوت جدة حيث إن آل نصيف وأهالي جدة كانوا يرحبون به بشدة خلال وجوده بينهم.
واسترسل "كان الشيخ حمد بن قباع وكان يسمى بناء القصور وجبار الكسور الذي بنى القصور، ومن الرجال الذين كانوا قريبين من الملك عبد العزيز الشيخ محمد بن صالح شلهوب وكان مسؤولا عن إدارة القصر وشؤون الملك الخاصة وكان الملك يثق به كثيرا، وكان كذلك من الرجال رشاد فرعون من سورية والدكتور مدحت شيخ الأرض طبيب الملك عبد العزيز وكان رجلا متواضعا ومحمد علي مغربي.
ويتذكر الزهراني أن الملك عبد العزيز - يرحمه الله - كان حريصا على الضيافة فكان إذا جاء ضيف إلى البلاد يحرص على معرفة أدق تفاصيل الضيافة وتابع عندما زار رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو المملكة استضافه الملك عبد العزيز في الظهران ووضعت أرامكو جميع إمكانياتها في خدمة الضيف وجهزت المعلبات بأنواعها والمكسرات واللحوم بأنواعها، فإذا بالضيف نباتي لا يأكل اللحوم فأحضر له الخدم الهنود شوربة العدس.
وتابع الطباخ الخاص للملك المؤسس أن الملك عبد العزيز كان لديه أيمان قوي بالله عز وجل فعندما وفقه الله تعالى ودخل الرياض مع رجاله المخلصين الأوفياء ومن ثم بسط إلأمن على كل أرجاء البلاد ووضع قواعد حكيمة وراسخة كانت الموجه الأساسي لكل أبنائه البررة ممن تقلدوا وتسلموا سدة الحكم الراشد في هذه البلاد، فقد ارتكز في كل مناحي حياته على مبادئ الشريعة الإسلامية الخالية من الشوائب وجعل أساس حكمه العدل ولا شيء غير العدل، فكان من مظاهر حرصه على العدل بين الرعية أن خصص صندوقا للشكاوى مفتاحه بيده يطلع عليها بنفسه ثم يبت فيها، وإمعانا في تحري العدل والإنصاف كان لا ينظر في أي شكوى لا تحمل توقيعا ولا يعير الشكاوى الكيدية التفاتا.
وبين الزهراني أن الملك عبد العزيز أهتم بشؤون البادية اهتماما بالغا، وكان يعنى بشؤونهم ونقلهم من حياة عدم الاستقرار التي كانوا يعيشونها إلى حياة مستقرة تشعر بالانتماء إلى هذه الأرض الطيبة وتربطهم بها وتوفر لهم فرص التعليم والتواصل الإنساني المستمر فأمر بتوفير متطلبات الحياة الحضارية في مواطن الهجر، وأنشأ ديوان البادية الذي كان يرأسه الشيخ إبراهيم الجميعة ويساعده أخوه صالح الجميعة.
وعن أهم الصفات التي لاحظها في الملك عبد العزيز، قال الزهراني "كان - يرحمه الله - سريع البديهة وكان شجاعا وعبقريا ملهما، فهو شخصية عظيمة لا أستطيع وصفها".
وحول اليوم الوطني قال حسن الزهراني إن هذا اليوم يمثل حدثا تاريخيا جديرا بالعناية بالنسبة لكل الأجيال لأنه يوم التوحيد والوحدة ويوم تذكر الدور البطولي للملك الرائد عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيب الله ثراه - حيث توحدت هذه البلاد الغالية على يد رجل القرن بجهود مخلصة وأعمال مشرفة وحضور قوي، فكان له ما أراد لأنه كان ذا عزيمة صادقة ومخلصا لله وحده، فكان له نعم المولى ونعم النصير.