المواطنة والمواطن في اليوم الوطني
استطاع الأوائل من (أطياف) الشعب السعودي بقيادة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود توحيد المملكة، كانت أحوالهم المادية ضعيفة.. ولكن كانوا يبيعون كل ما يملكون حتى يحصل أحدهم على راحلته وسلاح ليقاتل مع جيش التوحيد، وبعد توحيد المملكة رجعوا إلى قراهم وأهليهم ولم يطلبوا شيئا مقابل تلك التضحية بالمال والنفس، هذه والله هي الوطنية المطلوبة التي نحتاجها في تلك الظروف.
يتساءل الكثيرون: هل الاحتفال بتلك المناسبة الغالية يكفي اختزاله عن طريق عطلة رسمية ورفع الأعلام وتهورات شبابية في الشوارع؟
يجب أن يكون اليوم الوطني يوم مراجعة وطنيتنا ومدى صدق (انتمائنا) وحبنا لهذا البلد، هل منا من سأل نفسه ما قدمتُ لهذا البلد؟ أنت أيها الموظف أو المدرس أو رجل الأمن والطبيب هل قمت بواجبك كما ينبغي؟ كم أتمنى أن يُدرس واقع العطاء والإخلاص لهذا البلد حتى نكتشف مدى الالتزام الوطني.
كثيرا من الناس فرح بطول تلك الإجازة التي يرى فيها البعض تأخيرا لكثير من المصالح، لذلك عُرف عن اليابانيين كرههم للإجازات، لأنهم يشعرون (أنهم) في سباق مع الزمن، لذا فكم أتمنى أن يكون اليوم الوطني يوما يتنافس فيه الناس على العمل والعطاء لهذا البلد.
فمن الوطنية أن نراجع (مستقبلا) المبالغ في تنفيذ المشاريع في هذا البلد، فكم أتمنى أن تنفذ مشاريعنا المستقبلية بكل شفافية كما هو متبع في دول مجاورة، وأن تكون تكاليفها معقولة وألا نبالغ في توسعتها، لأن فاتورة الصيانة قد تثقل كاهل الأجيال.
من الوطنية أن نحترم أنظمة المرور ونتجنب الأنانية وعدم المبالاة، وأن يكون هدفنا العام القادم هو الحد من نسبة الحوادث التي أصبحت حربا من حروب الاستنزاف الوطني.
من الوطنية أن نوقف مهازل تأخير معاملات المواطنين والتسويف سواء في الدوائر الحكومية أو في المحاكم الشرعية التي تأخذ أشهرا وسنين، فليس من الوطنية أن يتجهم الموظف أمام المراجعين، أو أن تكون كفاءة الموظف السعودي متدنية مقارنة بما كان يقوم به الوافد المتعاقد.
ومن الوطنية الاقتصاد في كل شيء، فالكل يعلم تكاليف الماء والكهرباء، ولكن لم نلحظ جهودا شخصية وطنية لتوفير تلك المصادر وتجنب الإسراف، فترى الشخص يراقب الصرف في بيته، ولكن عندما يكون في المؤسسة الحكومية أو حتى في المساجد فإنك ترى عدم المبالاة.
وحتى يفتخر الشباب بهذا اليوم فلا بد أن يكون لهم ولعوائلهم مساكن في هذا الوطن الذي يعد أكبر الأوطان مساحة، فالوطن الذي لا يوفر مساكن لمواطنيه لا يعد بالعرف وطنا. وكذلك من الوطنية حماية شبابنا من سيطرة الوافدين على مفاصل التجارة والتسبب في هذا البلد.
وحتى يتعلق الناس بحب أوطانهم وقيادتهم فلا بد من تذليل الصعاب أمامهم، فالمواطن يجب أن يجد في وطنه الخدمة الطبية المناسبة، وأن يحصل على علاج لعلته في القطاعات الصحية الخاصة دون جشع.