حفلات توقيع الكتب وإهدائها.. موضة جديدة في وسط ثقافي تقليدي

حفلات توقيع الكتب وإهدائها.. موضة جديدة في وسط ثقافي تقليدي

رغم التباين في كيفية الخروج من مأزق إهداء النسخ المجانية للكتب الجديدة لدى مؤلفيها لطالبيها من الناس، سواء كانوا أقارب أو أصحابا أو قراء متنوعين، إلا أن الاتفاق على ضرورة استمرار حفلات التوقيع للكتب الصادرة حديثا وانتشارها بشكل أكبر على مستوى المملكة بغض النظر عن تزامنها مع معرض الكتاب أو مناسبات معينة، لكونها أصبحت نوعا من التعريف للكاتب أو المؤلف وإنتاجه الفكري بحسب ما أفاد كتاب وشعراء لـ "الاقتصادية".
وفي هذا الصدد أوضح الشاعر والكاتب محمد الجلواح عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي، أنه لا يمكن للكاتب أو المؤلف الإفلات من المجاملات أو الحرج في سؤال الآخرين له عن الإهداءات، لكونه أصبح أمرا لا بد منه وإن تمكن الكاتب بطريقة دبلوماسية ذكية التملص منها، مضيفا أنه لا بأس من مجاملات الكاتب في كتابه الأول حتى الثاني، بحيث يكون سمحا وكريم اليد إلا أنه بعد ذلك يحق له أن يكون أكثر صراحة في إرشاده الآخرين بالشراء بدلا من طلب النسخ المجانية.
وقال الجلواح لـ "الاقتصادية": حفلات التوقيع التي يعلن فيها عن إصدار المؤلفات والدواوين الشعرية، يبدو من مسماها اللفظي "حفل" أنها توحي بالبهجة للإنسان وحدوث شيء جميل له، وأن ما يأتي بعد هذه الكلمة هو نوع من التكريم يحصده هذا الكاتب أو المؤلف لهذا النتاج أو العصارة الفكرية التي قدمها سواء أكانت على حسابه الشخصي أم بدعم من أطراف أخرى كدار نشر، وعدّ الشاعر الجلواح الإيجابيات التي يكسبها الكاتب جراء حفلات التوقيع جمة سواء أكانت إضفاء نوع من التعريف له ولإنتاجه أم تحقيق مكسب مادية ومعنوية أيضا إزاء شراء كتبه وطلب القراء له بالتوقيع عليها وإن كانت حفلات التوقيع تقليدا غربيا إلا أنه تقليد جميل ولا يمنع الأخذ بما هو جميل.
وأضاف الجلواح أنه يفترض ألا تقتصر حفلات التوقيع على أوقات معينة، لأنه ينبغي الاحتفاء بصدور كل كتاب بغض النظر عن مؤلفه، ولا سيما أن إقامة الحفلات لم تكن قديمة عهد في المجتمع السعودي، وإنما عمرها الزمني لا يزيد عن 5 إلى 6 سنوات مضت، وكان نموها بطيئا أيضا، مستدركا أن مسألة الإهداء التقليدية التي تتصدر الصفحات الأولى من الكتب وفاء للأحبة والأعزاء يمكن التعويض عنها بجعلها إهداء عاما لجميع القراء داخل المملكة أو خارجها لتبقى صورة الإهداء جميلة وجديدة، خاصة أن الكاتب لا تربطه الصلة أو المعرفة العامة لجميع القراء، وبذا سيكون تعميم فكرة إهداء القارئ من ألطف الصور لزيادة رصيد الكاتب من القراء والجماهير المختلفة وليمثل جواز سفر أو عبورا لقلب القارئ في ظل عدم القراءة بالمجتمعات.
إلى ذلك، أبانت الشاعرة مها الجهني أن عملية توقيع الكتب في المعارض عادة ليست مجانية، وإن كان نصيب المرأة فيها أقل من الرجل تبعا لتنظيم دار النشر، حيث تعد حفلات التوقيع وسيلة إعلام مساعدة للكاتب في تسويق ذاته، خاصة عندما يكون الكاتب في بدايات التجربة، مؤكدة أن أغلب الكتاب يسوقون لذاتهم ما لا يقل عن 100 نسخة مجانية من كتبهم إلى جهات إعلامية وأخرى مهمة من كتّاب ونقاد لهم وزنهم وثقلهم في الساحة الثقافية، إلا أن من يطلبون عادة مثل هذه الكتب لا تتجه لهم أيادي الإهداء. ولفتت الجهني إلى أن البيع الإلكتروني يعد من أولويات المرحلة الحالية، ولذا من المهم أن تعتمد دور النشر فكرة عرض فصل من الكتاب بشكل تسويقي لشد القارئ وجذبه لمتابعة القراءة الإلكترونية عن طريق شراء الكتاب إلكترونيا، خاصة وأننا في زمن الشبكة العنكبوتية ولها عشاقها ومتابعوها، كما أن للأوراق الكتابية عشاقا وعلاقة حميمية مع مفضليها، مشيرة إلى تمنيها أن يحظى جميع الكتاب بحقوقهم المادية، وأن تحفظ لهم بشكل أفضل، مما هي عليه حاليا.
من جانبه عد حسن آل حمادة، كاتب وقاص، حفلات التوقيع للكتب الجديدة فكرة جميلة، إلا أنها من الأمور الطارئة على ثقافتنا المحلية، ولذا فإن البعض يعيب على هذه الحفلات أنها تأخذ منحنى تجاريا، حيث يهدف الناشر من ورائها بيع أكبر كمية ممكنة من الكتب، في حين أن بعض المؤلفين يرفضون أن يشاركوا في حفلات التوقيع بهدف تسويق كتبهم الجديدة، منوها إلى أنه في المقابل توجد فئة كبيرة تؤيد هذا الأسلوب سواء من المؤلفين أو المثقفين، لكون الكاتب يريد نشر أفكاره، والناشر يريد ملء جيوبه، والبعض الآخر يجدها فرصة، لكي يلتقي بالمؤلفين الذين يحبهم وجها لوجه.
وتابع آل حمادة أن العادة جرت بإهداء المؤلف كتبه لمن يُحِّب من الناس بعد أن يُتاح في الأسواق للتداول، وأن من الأمور التي تخفى على كثير ممن يحرصون للحصول على نسخ مجانية موقعة بأيدي المؤلفين، أن المؤلف قد يعاني الأمرين، لكي يحصل على المزيد من النسخ من كتابه الذي يصدره حديثا، فكثير من الكتب لا يُطبع منها أكثر من ألف نسخة، وفي حال تبني الناشر طباعة الكتاب، فيكون نصيب المؤلف عادة في حدود 100 نسخة، لذلك ليس بوسعه أن يهدي الكم الكبير من معارفه داخل البلاد وخارجها، مؤكدا أن الإلحاح في طلب نسخ مجانية، قد يضطر المؤلف لشراء نسخ من كتابه ليهديها لهم، علما بأن الكاتب الذي يطبع الكتاب على نفقته الخاصة يحتاج إلى ميزانية كبيرة لا تتوفر لأكثر المشتغلين على الكتابة، ولذا نجد هناك من يكتفي بالنشر في المجلات والصحف إن لم يجد بيئة مشجعة ومحتضنة له. وزاد آل حمادة أنه لا يمانع من إهداء الكتب وأنه شخصيا يهدي كتبه المتاحة للكثير من الأحبة بهدف أن يستفيد من ملاحظات بعضهم، ولكي يشجع آخرين على القراءة ومسك الكتاب، إلا أنه وجد البعض يعاني كثيرا، لذلك ينصحهم قائلا : من الجميل أن نبتاع كتاب المؤلف ثم نطلب منه أن يتحفنا بتوقيعه على النسخة التي بين أيدينا، فالمؤلف بحاجة لتشجيع أقرب الناس إليه.

الأكثر قراءة