إندونيسيا تنهض فهل سيلحق بها العرب؟

على الدول العربية الغنية ـــ ولا سيما النفطية منها ـــ أن تغير نظرتها إلى إندونيسيا. قد يكون هناك عشرات الآلاف من الإندونيسيين المسلمين والإندونيسيات المسلمات يعملن كخدم في البلدان العربية ومن جراء ذلك كوّن البعض نظرة قاصرة عن هذا البلد الناهض.
أقول وبثقة إن الأوضاع في طريقها صوب التغير وإننا في غضون عقدين من الزمن سنشهد ولادة عملاق اقتصادي إسلامي يتربع على عرش سابع قوة اقتصادية في العالم وعندها قد يكون الحديث عن الخدم والخادمات ربما معكوسا.
قراء هذا العمود لا بد أن لاحظوا اهتمام صاحبه الكبير بالمسلمين في جنوب شرق آسيا. المسلمون هناك يشكلون أغلبية المسلمين في المعمورة وأنا أذكرهم دائما في أحاديثي ومحاضراتي وكتاباتي كشاهد للإسلام المتحضر والمدني ـــ الإسلام الذي بإمكانه وبسهولة العيش والتوافق والتلاؤم مع متطلبات الحضارة الحديثة والنهل منها بسلاسة مع الاحتفاظ بجوهر الرسالة.
لا يجوز أن يخطف العرب اليوم الإسلام. العرب المسلمون اليوم في ''حيص بيص'' أخذهم الاصطفاف المذهبي والعقائدي بعيدا إلى درجة الإيغال في القتل والتدمير ـــ تدمير منهجي لبلدان بأكملها ـــ وبصورة لم يشهد لها التاريخ مثيلا كما حصل ويحصل في العراق وسورية وليبيا وبلدان أخرى يرافقه فشل ذريع في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وفي الوقت نفسه، فإن دولهم ونظمهم عن النهضة ساهية وليس هناك أي إشارة في كل ما أقرأه عن المسلمين أن هناك بلدا عربيا سيكون له شأن في الاقتصاد والتكنولوجيا والعلم في المستقبل المنظور لا بل إن ما أطلع عليه يشير إلى تراجع وتقهقر في شتى مناحي الحياة.
ولكن لنا في المسلمين في جنوب شرق آسيا ولا سيما ماليزيا وإندونيسيا بشكل خاص السلوان نحن المهتمين بشؤون المسلمين في الغرب ونحاول اليوم جهدنا أن نقدم الوجه الآخر للإسلام ـــ إسلام إندونيسيا وماليزيا ـــ لنخفف عنا ما يردنا من أخبار شرق أوسطية أغلبها تسيء إلى الإسلام كفكر ورسالة ونهضة ومنهج متحضر ومتمدن للحياة.
إندونيسيا بسكانها الـ 240 مليونا تملك اليوم اقتصادا أكثر ديناميكية وحداثة وتطورا من أي بلد عربي آخر. والتقارير الغربية تشير إلى أن اقتصاد هذا البلد الإسلامي الذي حقق نموا مذهلا في السنوات العشر الماضية وصل إلى 6 في المائة هو اليوم أكثر استقرارا اقتصاديا من الصين وروسيا والهند والبرازيل.
المنتدى الاقتصادي العالمي يضع اليوم (2012) إندونيسيا في المرتبة الـ 29 من بين 139 بلدا بعد أن كانت في المرتبة الـ 89 في عام 2007. وللمقارنة فإن البرازيل، رغم كونها قوة اقتصادية ناهضة، كانت في المرتبة الـ 26 والهند في المرتبة الـ 99.
وإن أخذنا الإنتاج القومي الإجمالي فإن إندونيسيا هي الآن الاقتصاد الـ 16 في العالم وإن استمر النمو بهذا الشكل دون عوائق كبيرة فإن البلد سيقفز إلى المرتبة السابعة من حيث حجم الاقتصاد في عام 2030 متقدما على المملكة المتحدة وألمانيا، اللتين تشكلان اثنين من الاقتصادات السبعة الكبرى في عالم اليوم.
هل ستتحقق هذه المعجزة؟ شخصيا أقول: نعم. إندونيسيا ستكون معجزة العالم الاقتصادية بحلول عام 2030 لأنها بخلاف النمور الاقتصادية في منطقتها مثل الصين وكوريا الجنوبية وحتى اليابان التي تعتمد اقتصاداتها بدرجة أساسية على التصدير فإن الاقتصاد الإندونيسي يعتمد بشكل كبير على قطاع الخدمات. تصدير المواد الأولية يشكل نسبة 16 في المائة من الإنتاج القومي والتصدير بشكل عام يسهم في تكوين 35 في المائة منه.
الخطط التنموية في إندونيسيا موضوعة للوصول إلى المرتبة السابعة في الاقتصاد العالمي في عام 2030. أين ستكون الدول العربية ولا سيما النفطية منها عندئذ؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي