دعوة إلى إعادة النظر في دوام المراكز الصحية ودمج المعوقين

دعوة إلى إعادة النظر في دوام المراكز الصحية ودمج المعوقين

هناك ملاحظتان سجلتا على وزارتي الصحة والتربية والتعليم، الأولى تتمثل في تحويل دوامي المراكز الصحية الصباحي والمسائي إلى دوام واحد، فحرم الكثير من المواطنين من الاستفادة من تلك الخدمة المجانية بسبب عدم مناسبة الدوام الواحد، ليس لكثير من المواطنين، بل لكل المواطنين، وكان الدوام الصباحي قليل الفائدة بالنسبة للمواطنين فما بالك بالدوام الواحد لأن الناس في أعمالهم حتى الثانية والنصف أو حتى الثالثة عصرا يوميا والكثير من الموظفين لا يصل إلى منزله قبل الرابعة بسبب زحمة الطرق، وهناك أداء صلاة العصر وتناول الغداء، بمعنى لا وقت لمراجعة المرضى للمراكز الصحية فحينما يتفرغ الموظف (الأب أو الأخ الأكبر) تكون تلك المراكز قد أوصدت أبوابها فيصبح أمام المرضى مراجعة المستوصفات والمستشفيات الخاصة طلبا للعلاج، وما أدراك ما تكلفة العلاج في القطاع الخاص من فحوص وعلاج وأدوية تثقل كاهل الموظف وصاحب الدخل المتوسط فكيف للعامل صاحب الراتب المتدني أن يتحمله ويقدر عليه؟ فحتى يتمكن الموظفون وغيرهم من مراجعة المراكز الصحية بعد أداء أعمالهم نرجو بشدة أن يعدل دوام المراكز الصحية إلى دوامين لتعم الفائدة وتنقشع هذه الغمة.
الثانية تتمثل في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأصحاء من الأبناء في المدارس الابتدائية، وحقيقة أن من أتى بتلك الفكرة بحجة أنها أثبتت نجاحها في أمريكا وأراد تطبيقها على الأبناء الأعزاء في وطننا لم يكن موفقا، كيف لا والدمج المقصود حاصل بين الأبناء المعتلين والأصحاء من دون مناهج ولا استراتيجيات أو تخطيط، والفرق شاسع بين الدمج المقصود بين الفئتين في وطننا وفي أمريكا أو غيرها من البلدان الغربية، وكما قال معيض الزهراني المملكة سبقت بلدان العالم بعشرات السنين في قضية الدمج الخاص بدمج المكفوفين مع أقرانهم المبصرين ومن ثم أوقف لإنشاء معاهد خاصة بهم وثم أعيد قبولهم في المعاهد العلمية ومدارس تحفيظ القرآن، وإن كان الزهراني وأمثاله نسوا أن كفيف البصر لا يعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة لأنه ليس في حاجة إلى تقديم خدمات له حتى الكتابة أجادها بما يسمى (براير)، وأورد الزهراني في برنامجه لتعريف الدمج آراء لكل من كوفمان ومادن مما يتناسب مع مجتمعاتهم هم، أما في مجتمعنا فالدمج حاصل منذ بزوغ ديننا الحنيف فالدمج لدينا حاصل في الاجتماعات السنوية كالأعياد والمناسبات كالأعراس والحفلات والأسبوعية كالجمع واليومية كالصلوات الخمس وتزاور الجيران ولعب أطفالهم مع بعض السليم والمعوق سواء في الشوارع وأمام البيوت، أما تحديد الدمج بالمدارس الابتدائية فمضاره كثيرة ولا منافع له، لأن ذا الاحتياجات يحتاج إلى رعاية خاصة من أستاذه على حساب الطلاب الأسوياء، لذا فالأصوب بقاؤهم في معاهدهم ومدارسهم ليتعلموا وفقما يخطط لهم من طرق التعليم، وإن كان القصد من الدمج أن يتعارك ويتعامل المعوق مع الأصحاء فيتعلم منهم، فهذا خطأ فادح لعدم إمكانية تحقيقه، خاصة ذوي العاهات العقلية والعقلية مع الجسمية، ورأيت ما يؤلمني حقا حينما وقفت على باب فصل ابني في السنة الثالثة الابتدائية وكان بين الطلاب معوق عقلي وحركي مجرد جسم على كرسي خاص به، ما يوحي بأنه ليس مجرد معتل عقليا، بل لديه عاهة أو عاهات جسمية أخرى، وأصبح الشغل الشاغل لمدرس الفصل وكأنه عامل تنظيف، فتارة يمسح ما يفيض به أنفه وأخرى ما يتسرب من فيه، وحركاته تلفت نظر الطلاب فشغلهم عن الانتباه لمدرسهم (فهل هذا هو الدمج المقصود الناجح في أمريكا كما يزعم الزهراني ومؤيدوه؟ أما المكفوفون والمقعدون سليمو العقل فهم خارج نطاق المعوقين لأن بإمكانهم مواصلة التعليم مع الأصحاء والوصول إلى أعلى درجات التعليم العالي، نظرا لقدرتهم على السير معهم فكم من المكفوفين يحمل الدكتوراه وأصبحوا من العلماء المحسوبين، وكم من المقعدين حصلوا على مؤهلات علمية عالية وشتان بين ذوي الإعاقة الحركية والذهنية، وشتان بين الدمج في بلادنا وفي أمريكا وغيرها التي لا مكان للدمج فيها سوى المدرسة، لأنه لا أعياد ولا جمع ولا مناسبات أفراح أو احتفالات بنجاح, ولا دمج لديهم في شوارع المنازل.. فأين وجه المقارنة وكيف يكون نجاح الدمج؟!

صالح العبد الرحمن التويجري

الأكثر قراءة