المفاهيم والمبادئ .. عندما يغيرها الزمن
يتقدم العصر وتتغير معه الكثير من الظروف والأحداث حتى العادات والتقاليد تتدرج في التغير ليزول بعضها وتحل مكانها عادات أخرى ربما تتبع بالالتزام نفسه والشدة بل والعادات القديمة تذهب سرابا وكأنها لم تكن موجودة من الأساس، وهذا بالطبع ما يشير إلى جزء من مفهوم التغير الاجتماعي ولو نظرنا نظرة مقارنة سريعة بين القرية والمدينة أو الريف والبادية والعاصمة لوجدنا فروقات تكاد تكون جذرية ليس من مبدأ الصواب والخطأ، ولكن من منطلق ما أحدثته ظروف التغير والتطور التي طرأت ولا تزال تطرأ على المجتمعات.
ولعل صلة الرحم من السمات التي من المتعارف عليه وفق الأبحاث والدراسات الاجتماعية أنها مميزة للمجتمعات الريفية والبدوية ليس لشيء سوى لأن التكنولوجيا أسهمت بشكل كبير في إيجاد عناصر متعددة للتفكك الأسري، حيث استبدلت الأسرة القريبة بأفراد من مجتمع بعيد كمجتمع الصداقات وغيره، الأمر الذي ساهم في زرع الفجوة بين الأسرة تحديدا وبين الأقارب بوجه عام، هذا إضافة إلى انشغال الناس في مكافحة معوقات زمن التكنولوجيا من أجل تحقيق سبل العيش المريح، وبذلك انتشرت القطيعة بين الأهل والأقارب وتباعدت النفوس وحلت محل المحبة أنواع وأنواع من المجاملات الاجتماعية والتي لا أبالغ إن ذكرت أنها أكثر ما تكون بين بعض الإخوان، فمن سنوات كان الرجل يعتبر أن ابن أخيه هو ابن له ولكن في زمننا هذا تأصلت ما تسمى في علم الاجتماع بالأسرة "النووية" تلك الأسرة التي لم يعد من سماتها الاقتصار على عدد محدود من أفراد العائلة، ولكن أصبحت بعض تلك الأسر تحارب من أجل الابتعاد عن غيرها وتحول الترابط العائلي إلى فضول والنصيحة إلى فرض السلطة والانتقاد إلى التحكم بل وكم من المفاهيم التي غيرها تطور الزمن وتتبع السنوات، وبذلك تسربت إلى نفوس بعض الأقارب البغيضة والكره والحقد، فتخيل عندما تمر مناسبات ومناسبات دون أن يتلقى الأخ اتصالا من أخيه لدرجة أن البعض للأسف لا يعرفون من العم ومن الخال ولا يشغلهم سوى الرغبة في البعد، وأحيانا ربما يختلط معها الانتقام خاصة في ضوء موقف سابق ولو كان بسيطا، وهذه صورة ربما تعرض وجها من بعض العلاقات العائلية أو الأسرية التي دمرها التفكك، ولكن أمام تلك النماذج من بعض الأسر أو العائلات ترى هل فكر أحدهم في الجانب الشرعي لقطيعة الرحم، وهل يدرك البعض بعد تلك السلوكيات الآثار النفسية والاجتماعية لتلك الظاهرة السلبية، الأمر يحتاج إلى التراجع وبسرعة فهل من منقذ من تلك القطيعة.