علاقة تربط بين إصابات الدماغ والجريمة لدى الشباب

علاقة تربط بين إصابات الدماغ والجريمة لدى الشباب

كشف تقرير بريطاني جديد أن هناك علاقة بين إصابات الدماغ في الطفولة وبين الجريمة بين الشباب، ويشير إلى وجود أدلة تبين أن إصابات الدماغ يمكن أن تجعل دماغ البالغين "يصاب بالخلل" ويحدث الاضطراب في اكتساب القدرة على ضبط النفس والأحكام الاجتماعية والسيطرة على الدوافع والانفعالات. ويطالب التقرير بمزيد من التعاون بين السلطات الصحية والجنائية من أجل تشخيص الإصابات الدماغية في مرحلة مبكرة، ومعالجتها بصورة سليمة، وضمان أن تؤخذ في الحسبان طيلة عملية العدالة الجنائية.
وقد أُعِد التقرير من قبل هيو وليامز، أستاذ علم النفس في مركز أبحاث علم النفس العصبي في جامعة إكستر، ونشر على الإنترنت في 19 تشرين الأول (أكتوبر). وقد كُلِّف الدكتور وليامز بإعداد التقرير من قبل مجلس ائتمان بارو كادبيري، كجزء من عمل المجلس في مساندة "تحالف الانتقال إلى مرحلة البلوغ". جدير بالذكر أن المجلس هو مؤسسة خيرية مستقلة تساند الأشخاص الضعاف والمهَمَّشين في المجتمع.
ويتحدث التقرير عن الأثر الذي يمكن أن يترتب على الشباب بسبب الإصابات الدماغية في الطفولة، أثناء انتقالهم إلى مرحلة البلوغ، ويعطي صورة عامة عن الآثار الجنائية المترتبة على الإصابات التي من هذا القبيل إذا بقيت دون علاج.
وقال بيان صحفي صادر عن جامعة إكستر إن التقرير يبحث في الصلة بين الجريمة لدى الشباب وبين "الوباء الصامت" المتمثل في إصابات الدماغ في الطفولة.
وهذه الإصابات، التي يمكن أن تنتج عن حالات السقوط، وممارسة الألعاب الرياضية، والتعرض للأذى بسبب حوادث السيارات أو أثناء الدخول في الاقتتال، يمكن أن يصاب بها الشخص دون أن يكون مدركاً لوجودها. وإذا بقيت دون علاج فإن من الممكن، بسبب أثرها على دماغ الشخص البالغ، أن تؤدي إلى وقوع هؤلاء الأشخاص في أعمال مخالفة للقانون.
ويصف قسم من التقرير بالتفصيل التعطل الذي يصيب تطور الدماغ والذي يمكن أن يحدث نتيجة الإصابة بصدمة في الرأس. وتكون النتيجة هي أن المناطق الدماغية التي تؤثر على تطور الاعتدال (أي القدرة على ضبط النفس والأفعال المعتدلة)، والأحكام الاجتماعية، والسيطرة على الانفعالات، يمكن أن تتعرض للخلل.
على سبيل المثال، يشير التقرير إلى أجزاء مختلفة من الدماغ تتطور بمعدلات مختلفة. ويقول: "بالتالي يبدو أن النظام الدماغي المرتبط بالمكافآت (وهي المنطقة الشبيهة بالهامشية) يتطور بمعدل سريع قياساً إلى الأنظمة الأخرى. خصوصاً، على ما يبدو، مقارنة بالنظام الأمامي الذي يفترض فيه أن ينظم تلك المنطقة، وينظم معها الأنظمة الاجتماعية والعاطفية التي ستقوم، مع الزمن، بإدخال طابع الاعتدال عليها".
وبالتالي، فإنه رغم أن دماغ الشاب يتمتع "بمقدرة البالغين على التفكير المنطقي"، إلا أن هناك "حاجة قوية لتلقي الثواب الأساسي". ويشرح وليامز الأمر على النحو التالي: "إن دماغ الشاب، حيث إنه عمل لا يزال في مرحلة التطور، يميل إلى اتخاذ المخاطر، وبالتالي فإنه أكثر تعرضاً للوقوع في الإصابات في المقام الأول، ولمعاناة مشاكل خفية إلى حادة في الانتباه والتركيز والقدرة على التحكم في مزاج الشخص وسلوكه".
وقد بدأ "تحالف الانتقال إلى مرحلة البلوغ" بالبحث في مفهوم النضج في سياق العدالة الجنائية في عام 2011.
وفي اجتماع استضافه اللورد كيث برادلي وضم خبراء في علم الأعصاب وعلم النفس وعلم الجريمة، أكد الجميع أنه توجد أدلة تساند الفكرة القائلة إن النضج التطوري ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار طيلة عملية العدالة الجنائية.
ويقول التقرير: "من المؤكد أن النضج يمكن أن يكون مؤشراً أفضل على البلوغ من مجرد الدخول في عمر زمني معين".
يقول وليامز: "من النادر أن ينظر المختصون في العدالة الجنائية إلى إصابات الدماغ أثناء تقييمهم للحاجات التأهيلية للشخص المخالف للقانون، حتى مع أن الدراسات الأخيرة في بريطانيا أثبتت أن انتشار إصابات الدماغ القوية بين السجناء يبلغ نسبة عالية مقدارها 60 في المائة".
ويضيف: "ثبت أن الإصابة الدماغية هي حالة مرضية يمكن أن تزيد من خطر مخالفة القانون، كما أنها تعتبر كذلك مؤشراً قوياً على العوامل المهمة الأخرى التي تشير إلى وجود خطر مخالفة القانون من قبل الشخص".
وينصح التقرير بأنه ينبغي القيام بمزيد من الجهود من أجل التعرف على إصابات الدماغ وعلاجها في مرحلة مبكرة. وهذا يعني تدريب هيئات التدريس في المدارس من أجل ضمان أن يتلقى الصغار النوع السليم من المساندة من أجل التأهيل العصبي.
كذلك يطالب التقرير بمزيد من الوعي في مختلف جوانب نظام العدالة الجنائية بالأثر الذي يمكن أن يترتب على الدماغ بسبب الإصابات، ويوصي بإجراء كشوف وفحوص طبية للصغار لتكون من قبيل الإجراءات الاعتيادية المتبعة.

الأكثر قراءة