ما نقوله،، وما يفهمونه

قديما كان التواصل بين الكتاب والقراء محدودا، ويأخذ هامشا زمنيا كبيرا، فأنت حين تقرأ مقال لكاتب لا تملك قديما إلا مكاتبته بريديا، والتي تستغرق أياما قد تصل لأسابيع حتى تتلقى الرد، والتي قد يتقاعص عنها الكثيرين، مهما كان إعجابه أو إختلافه مع الفكرة، وكنا حينها نعرف ما يكتبه الكاتب، ولكن لا نعرف ما يصله من تأييد أو إعتراض.
ومع ثورة المعلومات وفضاء الإنترنت، وإتجاه الصحف الورقيه للنشر الإلكتروني، شعر القارئ بأن تعليقه وصل بالتأكيد، لا سيما حين يقرأه أسفل المقال موقعا بإسمه، وقد كان لافتا لا سيما في صفحات الرأي، أننا إمتلكنا القدرة على متابعة وجهات النظر الأخرى، والإضافه مع النشر الإلكتروني هي بالتأكيد الإطلاع على آراء القراء، وأمتلاكنا القدرة على متابعة ردات الفعل، أعطانا دلالة ولو ضمنيه عن طريقة تفكير المتلقى، ولغة الخطاب المستخدمة للرد.
وبالطبع كان جزء ليس بالقليل من التعليقات يشير بشكل أو آخر إلى أن القارئ، إما لم يقرأ المقال أو إكتفى بقراءة جزء منه، ويشعرك البعض أنه يعلق على موضوع آخر ! ، بالطبع هناك العديد من التعليقات مرتبطه بصلب الموضوع، وتتفق أو تختلف مع الكاتب، ولكنها ليست ظاهرة تستحق التآمل، لأنها تعتبر الأصل.
مع توافد العديد من أصحاب الرأى إلى موقع التواصل الإجتماعي تويتر، أصبح التفاعل بين المستخدمين أسرع وأقوى، وأصبح الموضوع مختصرا عبر حروف معدودة، وبالتالي كان الظن أن من يرد على أي تغريدة، قد تكلف عناء قراءة حروفها المئة والأربعون،قبل أن يتجشم عناء الرد على التغريدة، ولكن ما زلت تشاهد تعليقات ليس لها أي علاقه بما خطته يد الكاتب.
وبما أن صاحب التعليق يرد على المقال أو التغريدة برد ليس له علاقة بها، فهو بين أمرين، إما أنه يعلق بكلام داخله أراد أن يقوله ، وهو غالبا كلام عنصري إقصائي، مثل أن ينكر عليك أن تعلق على موضوع يخص بلده ، دون أن يفرق إن كنت مادحا أو ذاما، وطبعا التعليقات التصنيفيه في تويتر تتأثر أيضا بالصورة الرمزيه، والتعريف الصغير في البايو، وهو تعليق غالب على تفسير ما قرأه بعينيه، حسب لون العدسه التي يرتديها، لا لون لاحبر الذي كتبت به.
النوع الثاني أتى وقد قرر ما يريد منك قبل أن تكتب حرفا، بنى عنك صورة حسب رأي الآخرين غالبا، ووضعك في معسكر معين يرى من واجباته مهاجمته، وصنفك حسب جنسيتك أو لونك أو فكرك، فيكون متابعا لك بنفسية المتصيد، يحاول أن يربط بين ما تكتب وما يراه الناس معيبا، حتى يقنع الناس بأنك أخطات، ويقنع نفسه بنجاحه في المهمه.
ما لم يزيد الوعي لدى الناس وقنوات التعبير، ستضل العينات التي تعلق خارج النسق، أو تعلق حسب التقسيم الفكري موجودة، ولكن شعبيتها تتزايد طرديا مع قلة الوعي، ما يحد من هذة الظاهرة هي تخلص الناس من القناعات المعلبه، والتي تأتي عبر تقييم كاتب دون قراءة كتابه، و الأخطر تقييمه عبر رأي شخص قرأ هذا الكتاب002E

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي