الخدمات المصرفية عبر الإنترنت .. مخاطر وفوائد معا
استطاعت الخدمات والمنتجات المصرفية المتوافرة عن طريق الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) أن تقدم فرصا هائلة للمصارف، حيث أتاحت لها التوسع في خدماتها ومنتجاتها المصرفية، وفي خلق فرص تنافسية كبيرة في أسواقها من خلال الاستمرار في جذب الودائع ومنح الائتمان بصورة أكبر، وتقديم خدمات ومنتجات مصرفية جديدة، ما أنعكس على تقوية وضعها التنافسي في السوق.
وعلى الرغم من التطور المذهل الذي طال الخدمات المصرفية الإلكترونية بشكل عام والخدمات المصرفية عبر الإنترنت بشكل خاص، إلا أنه لا تزال هناك جملة من التحديات أمام المصارف في مجال التقنية البنكية، التي تتمثل في قدرتها على المحافظة على أمن وسلامة المعلومات، بما في ذلك التعامل مع المخاطر التشغيلية وسد الثغرات، وبالذات في ظل انتشار وتزايد أعداد جرائم المعلوماتية والجرائم الإلكترونية على مستوى العالم.
من هذا المنطلق، تنبهت معظم المؤسسات المالية على مستوى العالم بخطورة عمليات الاختراقات الإلكترونية للأنظمة المعلوماتية، التي تستهدف الحصول على المعلومات الخاصة بعملاء تلك الجهات، وتبعا لذلك تسابقت المؤسسات المالية على مستوى العالم لتحديث شبكاتها وأنظمتها المعلوماتية المختلفة، وتحصينها ضد الاختراقات المحتملة، وأصبح أمن المعلومات يشكل هاجسا بالنسبة لتلك المؤسسات، بغية التغلب على مواطن الضعف في شبكاتها وأنظمتها المعلوماتية.
وعلى المستوى المحلي، أخذت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) على عاتقها زمام المبادرة للحفاظ على سلامة التعاملات المالية والمصرفية التي تتم عبر شبكة الإنترنت لعملاء المصارف، بإصدارها لإرشادات والتنسيق المستمر مع المصارف المحلية، بهدف تحديد المخاطر المرتبطة بالخدمات المصرفية المتاحة عبر شبكة الإنترنت وسبل الوقاية والتعامل معها، وذلك بغية تقليص احتمالات تعرض عملاء المصارف لعمليات النصب والاحتيال المالي والمصرفي. ومن جانبها قامت المصارف بترجمة تلك الإرشادات والتعليمات إلى أهداف محددة والعمل على تحقيقها للتأكد من الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من الاحترازات والجوانب الأمنية في تقديم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت. كما تبع إصدار الإرشادات المتعلقة بأمن المصرفية عبر الإنترنت، إصدار ''ساما'' لقواعد جديدة للمصرفية إلكترونية، تختص بإدارة المخاطر المرتبطة بالمصرفية الإلكترونية، التي من بين أهدافها تقليص عدد الشكاوى من مستخدمي المصرفية الإلكترونية.
ومما لا شك فيه أن استمرار المصارف في تطوير خدماتها المصرفية الإلكترونية وبالذات التي تقدم للعملاء عبر شبكة الإنترنت، ساهم بشكل كبير في تحسين كفاءة أنظمة المدفوعات والأنظمة البنكية، وكذلك في تمكين العملاء من إنجاز تعاملاتهم المصرفية في بيئة مصرفية إلكترونية آمنة وسليمة.
وإدراكا من المصارف التجارية العاملة في المملكة بأن الخدمات التي تتيحها الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) تتضمن لفوائد عديدة، ولكنها في نفس الوقت تتضمن لمخاطر عديدة يجب أن يتم أخذها بالاعتبار ومحاولة الموازنة فيما بينها وبين تلك الفوائد، فقد خطت المصارف خطوات رائدة في مجال أمن المعلومات، كما عمدت إلى ضخ استثمارات مالية طائلة بغية تعزيز أنظمتها وقنواتها الإلكترونية.
واليوم تعد المصارف في المملكة من بين أفضل المصارف على مستوى العالم من حيث الالتزام بمعايير الأمن والسلامة وتطبيق أفضل الممارسات Best Practices التي يمكن من خلالها تقليص المخاطر المرتبطة بمحاولات العبث بأنظمة المصارف المعلوماتية أو ببيانات العملاء البنكية ومعلوماتهم الشخصية.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من مخاطر الاحتيال المصاحبة للمصرفية الإلكترونية عبر الإنترنت التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، هجمات المواقع المزورة ورسائل البريد الإلكتروني وتزوير العناوين التي تتطلب إفشاء معلومات شخصية وسرية عن العميل، إضافة إلى سرقة بيانات الهوية. وتفاديا لوقوع عملاء المصارف في مثل هذه المخاطر، قامت المصارف التجارية العاملة في المملكة، بوضع ضوابط أمنية صارمة للحد من عمليات الاحتيال المالي والمصرفي التي قد يتعرض لها العملاء عبر شبكة الإنترنت (بما في ذلك هجمات الاصطياد وتزوير العناوين) وسوء استخدام هوية البنك في أنشطة غير مشروعة.
وبدورها قامت لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالمصارف السعودية بتنفيذ عدد من حملات التوعية بعمليات الاحتيال المالي والمصرفي وسبل الوقاية منها، بهدف الرفع من مستوى وعي العميل بهذه العمليات وتجنبه من أن يكون عرضة لمخاطرها المختلفة، إضافة إلى إحاطته بالمستجدات في أساليب الاحتيال المالي والمصرفي وأفضل الممارسات الممكنة والمتاحة، لتجنب الوقوع ضحية لها. وفي هذا الإطار خصصت المصارف السعودية موقعا إلكترونيا خاصا بها www.saudi-banks.info، إضافة إلى تخصيص صفحة ''فيسبوك'' www.facebook.com/SaudiBanks وموقع ''يوتيوب'' www.youtube.com/saudibanks، للتوعية المصرفية بشكل عام والتوعية بعمليات الاحتيال المالي والمصرفي بشكل خاص وسبل الوقاية منها.