العمارة المستدامة تقلل أثر المباني في حياة الناس والبيئة

العمارة المستدامة تقلل أثر المباني في حياة الناس والبيئة
العمارة المستدامة تقلل أثر المباني في حياة الناس والبيئة

أصبح مفهوما التغير المناخي والاحتباس الحراري من أكثر المفاهيم العلمية المتداولة في العقدين الماضيين في وسائل الإعلام المختلفة وفي المحافل المعرفية الكبرى. ونحن إذا سلمنا بحاجة العالم إلى التفكير مليا في مثل هذه المفاهيم وأثرها على حياتنا المستقبلية ومستقبل الأجيال، ما الذي يربط بين التغير المناخي والبيئة المبنية التي تحمينا من عوامل البيئة الخارجية؟ علميا ثبت أن المباني هي أهم عنصر يسبب الانبعاث الكربوني الذي يحث التغير المناخي. استخدامات الطاقة في مختلف أنماط المباني يسهم فيما يربو على 43 في المائة من انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة ، وفي المملكة المتحدة 40 في المائة من استهلاك الطاقة يعزى للمباني.
في ظل تنامي اهتمام العالم بالبيئة وتأثير مظاهر الاحتباس الحراري ومنظومة التغير المناخي، أصبح مفهوم العمارة المستدامة وأساليب التصميم الخضراء، ضرورة فعلية وملزمة في العديد من البلدان المتقدمة. لكي تستطيع الوصول للأهداف بعيدة المدى التي وضعتها بعض الدول لخفض الانبعاث الكربوني، على سبيل المثال بريطانيا وضعت خطة لخفض CO2 بمقدار 34 في المائة حتى عام 2020. بالاعتماد على مفاهيم العمارة الخضراء في البنيان الحديثة واستخدام وسائل الطاقة المتجددة. اللجنة الدولية للتغيرات المناخية حددت المباني كواحد من أهم العناصر المساهمة في الاحتباس الحراري، باستخدام ما يربو على 31 في المائة من استهلاك الطاقة عالميا فقط في عام 1995 مع نسبة ازدياد بما يعادل 1.8 في المائة منذ عام 1971. السؤال الآن من الذي يستخدم الطاقة المباني أم الناس؟

#2#

في إجابة صريحة على هذا السؤال قالت كاثرين جاندا الباحثة في معهد التغير البيئي في جامعة أكسفورد: حيث تنظر للمشكلة من منظور مختلف نوعا ما، وتذكر على الرغم من أهمية التقنيات والوسائل التي يستخدمها المعماريون إيجاد حلول مستدامة للمباني المعاصرة وتقليل أثرها المباشر على البيئة، إلا أن هناك دورا حيويا مغفلا تماما ولم يلق ذات الاهتمام ألا وهو الدور الجوهري الذي يلعبه المستخدمون، لذا يجب على المعماريين أن يتشاركوا في العمل مع المستخدمين للوصول للأهداف الموضوعة على مدى العقود المقبلة ومنها تخفيض الانبعاث الكربوني بما يربو على 80 في المائة، لا يجب أن نرجع ظهور مفاهيم في العمارة الحديثة مثل العمارة الخضراء والاستدامة في العمران وكفاءة الطاقة في المباني إلى الوعي البيئي والأثر الذي أحدثه مؤتمر ريو دي جانيرو للاستدامة 1990، بل إن الوعي البيئي موجود منذ الأزل لدى المعماري البسيط، لأن الهدف الرئيس من العمارة هو توفير ملجأ يقي المستخدم من عوامل البيئة الخارجية.
العمارة المستدامة نهج معماري يساعد في تقليل أثر المباني السلبي على حياة البشر وعلى البيئة المحيطة، هناك العديد من المشكلات التي تواجه المعماريين ومتخذي القرار من أهمها ما لخصه أستاذ علم البناء في جامعة سيدني بيتير سميث (المشكلة الرئيسة التي تواجه المعماري هو قدرته على إقناع الزبون بأهمية المبنى كاستراتيجية لإنقاص الانبعاث الكربوني) لذا لن تستطيع البلدان الوصول للهدف المنشود بتقليص كم الانبعاث الكربوني بدون أخذ البيئة المبنية في عين الاعتبار وأهمية مراعاة تصميمها بالشكل المستدام.
من ضمن وسائل العمارة المستدامة، ظهرت بقوة خلال العقدين الماضيين أدوات محاكاة أداء المبانيBuilding Performance Simulation Tools وهو ليس أداة تستخدم فقط في عملية التصميم، ولكن علم يدرس في بعض الجامعات الغربية في مراحل الدراسات العليا ويعتمد على فيزياء البناء، ظهر كمفهوم أثناء أزمة الطاقة في السبعينات عندما وضعت وكالة الطاقة الأمريكية، منحة كبيرة لعدد من الباحثين لدراسة تطوير وتصميم برامج تساهم في تقدير استهلاك الطاقة في المباني أثناء مرحلة التصميم الأولية. ولم يظهر بشكل فعال ومملوس في صناعة المباني، إلا في العقدين الأخيرين، ثبت أن برامج محاكاة أداء المباني البيئية تساهم في خفض آثار المباني السلبية في البيئة وتساعد في تحسين جودة البيئة داخل المباني.
لذا يجب على المصممين ومتخذي القرار السير على النهج المستدام في البنيان، خصوصا مع التطور المذهل سواء في وسائل الطاقة المتجددة أو الأنظمة الحاسوبية المتقدمة التي تساعد المعماري على معرفة كمية الطاقة المستخدمة في المبنى قبل تنفيذه أو ما بعد.

معماري متخصص في عمارة الاستدامة والمباني العالية

الأكثر قراءة