«شباب أعمال» يطالبون بوقف عشوائية دعم الاختراعات وتنظيمها
شهدت السعودية ومنطقة الخليج خلال الأعوام الأربعة الماضية توجها قويا نحو تشجيع اختراعات الشباب من الجنسين وتسجيل براءتها عالميا لتتحول بعدها إلى ظاهرة تحاول جهات عدة احتواءها للاستفادة منها وتنظيم مسارها مخافة هدر المزيد من الأموال على تسجيلها، وتحويلها إلى منتجات تجارية استثمارية لتدر على أصحابها عوائد مالية ضخمة.
واعتبر شباب أعمال الدعم العشوائي وفتح الباب على مصراعيه لضخ المزيد من الاختراعات أمرا سلبيا قد يشتت الجهود ويهدر الأموال، مطالبين بضرورة إيجاد هيئة متخصصة لتبني هذه الاختراعات الشبابية وتحديد ما لها قيمة تجارية يمكن تبنيها وتحويلها إلى استثمار يخدم الفرد والاقتصاد المحلي.
وقال، ذكر حسان عسيري عضو المجلس التنفيذي لشباب أعمال في غرفة الشرقية ونائب اللجنة الوطنية للجنة الوطنية في مجلس الغرف، أن هناك توجها كبيرا لإنشاء قاعدة جيدة للاختراعات وإنتاج منتجات بأفكار محلية، ومنها انطلق تسجيل الاختراع على مستوى الشركات والأفراد وشهد نشاطها في مؤسسات حكومية، إلا أن المشكلة تحولها لظاهرة تفاقم عددها دون الجدوى من نوعيتها أو جدواها، وهناك اختراعات سجلت لا يمكن تحويلها لمنتج تجاري إما لصعوبة الاستثمار أو صعوبة تحويلها إلى فكرة قابلة للإنتاج والبيع، وهذا يعد واحدا من التحديات.
وبين أنه وسط هذا الزخم من الدعم المادي لتأسيس هذه القاعدة من الاختراعات بات الأمر مجرد تسجيل رقم دون الاستفادة منه، مبينا أن تسجيل براءة الاختراع مكلفة جدا، وكلما اتسع محيط تسجيلها على مستوى الدول ترتفع تكلفته، مشيرا إلى أن هذه الجهات أغفلت النظر إلى جدوى تطبيقها والاستفادة منها ما أوجد خلل وحلقة مفقودة في هذا المجال هو تحويل المنتج إلى تجارة.
وأوضح عسيري أن الشركات المتخصصة قليلة جدا في السعودية، ولا يوجد تسويق جيد، ومستواها ضعيف، وبالتالي تحويلها من براءة اختراع إلى منتج تجاري أمر مفقود، ما يجعلها مجرد أرقام دون الاستفادة من هذه الجهود، مقترحا أهمية تقنين هذا الكم من الاختراعات والبحث عن الأفكار ذات الجدوى لتنظيم وتحديد مسار هذه الاختراعات للحفاظ على الجهود والأموال المصروفة على تسجيلها واستقطاب التي يمكن تطبيقها تجاريا، وتقليل الفجوة بين الشركة وصاحب الفكرة ودعمها لتتحول إلى منتج محلي.
من جانب آخر قال صلاح المغلوث عضو لجنة شباب الأعمال في غرفة الأحساء، إن لشباب الأعمال أهمية في مشاركتهم الفعالة في تنمية اقتصاد بلدانهم، وأنه لازم على فئة الاقتصاديين السعي قدما لتقديم ما يكون فعالا ومميزا من مشاريع وأفكار بناءة، وأن هناك فرقا بين شباب ورجال الأعمال، يتمثل في قدرة الشباب على تكوّن أفكار إبداعية تصل إلى مرحلة اختراعات مميزة من نوعها، مؤكدا أن لاختراعات الشباب جدوى اقتصادية، للاستفادة منها في خدمة الاقتصاد الذي يخدم الفرد ومجتمعه، وهناك أمثلة كثيرة، فهناك اختراعات شبابية خدمت ذوي الاحتياجات الخاصة، منوها إلى الملتقى الأخير الذي عقد في مدينة جدة تحت شعار ''ابتكار''، الذي شارك فيه شباب قدموا 92 اختراعا، تم تسجيل براءة 23 منها، مضيفا ''أن هذا يدل على توجه فكري جديد نحو الاختراعات الشبابية''.
ولفت إلى أن فكرة تحويل هذه الاختراعات إلى تجارة تعد فكرة ناجحة بكل المقاييس لعدة أسباب أهمها، أن أي اختراع جديد لا بد أن يكون مميزا ما يوجد له شريحة كبيرة من الزبائن، وبالتالي تكون الفرص الاستثمارية كبيرة، إضافة إلى حاجة المجتمع السعودي لمثل هذه الأفكار للحد من استيراد الأفكار والاختراعات الغربية، والغالب منها لا يلبي الاحتياجات المحلية، مشددا على أهمية الاعتماد على الشباب المخترعين واحتوائهم علميا ودعمهم ماديا من عدة جهات حكومية وأخرى من ذات الصلة.
واعتبر المغلوث أن عدم استثمار الاختراعات يعود إلى البيروقراطية والروتين المتفشي في كل الجهات الحكومية الداعمة لهذه المشاريع، لذلك نجد أن صاحب الفكر الابتكاري لا يمكن أن يحصل على الترخص للبدء بمشروعه لأنه سيصدم بما تتطلبه هذه الجهات من شروط تعجيزية غير مبررة.
وأشار إلى أن الحل لمثل هذه المشكلة إنشاء هيئة خاصة لمبادرات شباب الأعمال الابتكارية تكون تحت مظلة مجالس الغرف السعودية التي تلعب دورا أساسيا لاحتواء شؤون شباب الأعمال، وأن يكون من مهام هذه الهيئة إنشاء حاضنات أعمال لرعاية الشباب وتوفير الدعم المادي بالاشتراك مع الجهات الحكومية والخاصة، إضافة إلى الدعم اللوجستي لهذه الاختراعات منذ بدء تسجيلها حتى وصولها إلى السوق.
وبيّن فهد الربيعة نائب رئيس مجلس الغرف السعودية، أن تنظيم هذه الاختراعات الشبابية التي تحولت إلى ظاهرة ايجابية لا بد من تبنيها، نظرا لإيجابيتها لتحويلها في المستقبل إلى منتج استثماري مربح ومفيد، موضحا أن مجلس الغرف يدعمها معنويا من خلال تكريم هؤلاء المخترعين ودعم توجههم وتوجيههم إلى المنافذ المناسبة.
وأشار إلى أن هناك عددا من الشركات التي يملكها رجال الأعمال لدعم بعض المخترعين الشباب السعوديين، مشددا على أهمية حاجة جهود مكثفة وتعاون من الأجهزة الحكومية مع رجال الأعمال ومجلس الغرف لتبني مثل هذا الطرح، مبينا أن التجربة ما زالت في بدايتها ولم تنضج بعد، ما زالت بدايات من الشباب ولكن لتتبلور هذه الفكرة لأن تكون مفيدة تحتاج إلى دعم حكومي وإيجاد إطار لتوجيه مسارها، مؤكدا أن الشباب السعودي يملك فكرا جيد للاختراع، إلا أنهم يحتاجون إلى من يتبنى وينمي هذا التوجه للاستفادة الحقيقية من هذه الظاهرة.
من جهة أخرى قال مهند أبودية رئيس مركز لتدريب المخترعين ''أسطرلاب'' ومدير مشروع ''مخترعو الخليج''، إن الاهتمام بالاختراعات وتبنيها من خلال مسار منظم ووجود الآليات المناسبة للوصول إلى التجار، فإن لها جدوى كبيرة وتجلب أموالا ضخمة لمالكي هذه الابتكارات والاختراعات الشبابية، مشيرا إلى أن هناك اختراعات سعودية وخليجية تم تبنيها حققت نجاحا كبيرا وعوائد مالية للشركات التي تبنتها. وأوضح أن حاضنات الأعمال لها دورها أيضا في تنمية وتحويل هذه الابتكارات والاختراعات لإعدادها ضمن خطط عمل تجارية واضحة احترافية وتوصلهم بشبكة من المستثمرين المحتملين الذين يمكن أن ينشروا هذه الاختراعات، مبينا أن هذه التجربة ما زالت حديثة على السعودية إلا أنها خلال الأعوام الأربعة الماضية حققت نجاحا في إنجاز عدد من الاختراعات.
ولفت أبودية، إلى أن حملة نظمت على مستوى عالٍ لصالح الشباب السعوديين والخليجيين، وأنه سيتم الاستفادة من الغرف التجارية بعقد جلسات مع عدد من التجار، حيث يقدم المخترعون شرحا لاختراعاتهم لإيجاد فئة مناسبة لاحتضان هذه الاختراعات، منوها إلى أن كل رؤوس أموال القطاع الخاص تحت مظلة الغرف التجارية.
كما أكد أن كثرة طرح الابتكارات والاختراعات في أكثر من منظمة كالمدارس والكليات لا يعني أنها ظاهرة إيجابية، موضحا أنه في أمريكا نسبة الاختراعات القابلة للتسويق من مجموع الاختراعات وتحصل على براءة الاختراع لا تزيد عن 5 في المائة منها، فيما البقية قد فشل بعضها في تسويقها، بينما يكون بعضها غير عملية أو ناجحة كاستثمار، مبينا أن الإحصائيات المحلية غير واضحة، خاصة أن المجتمع حديث على عالم الاختراع ودعمه، مبينا أنه ليس كل الاختراعات تعد مجدية وأنهم بصدد إصدار كتاب توعوي وتثقيفي وحملات لضبط الاختراعات وعشوائيتها، وتوضيح أن أفضل الاختراعات التي تعود إلى السوق كمنتج، إلا أن التي تبدأ من الورش والبحوث العلمية ليس لها مكان في السوق.
وأشار إلى أنهم بصدد إنتاج برنامج تلفزيوني بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم التقنية يستضيف كبار المستثمرين في السعودية لتوضيح الاختراعات التي يمكن أن يتبناها ويمولها بهدف إيضاح الأهداف الأساسية التي يمكن أن يعمل عليها الشباب المخترع، ويعرف أين يتجه باختراعه.
من جانبه أكد عبد الرحيم نقي أمين اتحاد الغرف الخليجية، أن الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي تنظم بالتعاون مع مركز ''أسطرلاب'' ومجلس الغرف السعودية الحملة الخليجية لصناعة رواد الاختراع، التي أنهت مرحلتها وتجربتها الأولى، والحملة تجمع الاختراعات، تليها خطوة أخرى، تبني الاختراع وتمويله أو شراؤه، هذه الخطوات التي يعمل عليها في الحملة، مبينا أن الحملة تتولاها مع مركز ''إسطرلاب''.
وأوضح أن نجاح الحملة الأولى فتح المجال لاستمرار هذا المشروع وفتح فرصة أخرى، وقريبا سيفتح باب المشاركة بالحملة الثانية لاحتواء عدد جديد من مخترعي شباب دول المجلس الخليجي، إن الحملة الأولى جمعت أكثر من عشرة آلاف مخترع، وتم إطلاق بوابة مخترعي الخليج في عام 2012 الإلكترونية مع انطلاق الحملة التي تهدف إلى تحفيز شباب وفتيات الخليج ورعاة الحملة وفريقها التنفيذي على تحمل مسؤولياتهم والتعريف بأهداف الحملة.
يشار إلى أن الحملة الخليجية الأولى لصناعة روّاد الاختراع ''مخترعو الخليج 2012'' هي حملة تدريبية إعلامية مكثفة ينفذها مركز ''أسطرلاب'' للتدريب برعايةٍ من الملك عبد الله بن عبد العزيز، وينظمها اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي بالتعاون مع الأمم المتحدة، مركز إسكوا للتكنولوجيا والاتحاد الدولي للمخترعين اتحادات المخترعين العرب، وبشراكات استراتيجية مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ومجلس الغرف السعودية ومركز سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية ومجموعة سابر الدولية، وتحظى بالدعم المالي من شركة التصنيع الوطنية ومركز عبد الله الحمد الزامل لخدمة المجتمع.