الأحد, 4 مايو 2025 | 6 ذو القَعْدةِ 1446


رأس المال الإنساني بين آدم سميث وجون كينز

سياسياً، تنتمي الأعوام التي تلت الأزمة المالية إلى يمين الوسط، مع انتصار نادر للاشتراكية في فرنسا تبعه سريعا وجود وسطية في الخطاب الانتخابي. لكن إذا كانت الرؤى الكبيرة الخاصة بالبديل لا تحظى بشعبية، فالأفكار المفيدة الخاصة بالإصلاح تتضاعف. ويوجد في أعماق مثل هذه المقترحات إدراك لقدرة يد آدم سميث الخفية على وضع الكثير جدا في جيوب المساهمين، وبخاصة المسؤولون التنفيذيون الكبار، مانحة القليل جدا للعمال، والعامة، ودافع الضرائب؛ وأن الطمع الذي أثنى عليه سميث باعتباره محركا للقيمة الاجتماعية هو غالبا كما يبدو فقط.

«الجرادة والنحلة»

كتاب جيف مولجان، "الجرادة و النحلة"، هو مساهمة مهمة في هذا المجال. وحتى عندما كان يعمل مديرا للسياسات مع توني بلير، اعتاد مولجان على التأمل في أنه لا يوجد سبب يجعل الرأسمالية نهاية التاريخ الاقتصادي. والآن، بعد أن تحرر على مدى سنوات عدة من موانع الحكومة، وحيث إنه يرأس الآن المؤسسة الوطنية للعلوم، والتكنولوجيا، والفنون فإن باستطاعته عمل رسم سريع لاحتمالات، كما صاغها ماركس، "العلاقات الجديدة الأعلى للإنتاج". والهدف ليس الاشتراكية؛ فمولجان، الماركسي الشاب، قد تخلص من هذا. ويقدم كتابه الجديد أكثر حجج دعم شكل من أشكال الرأسمالية، حيث تكون سلطة السوق مسخرة لغايات اجتماعية.

#2#

والتغيرات التي يتوقعها ستكون جذرية، ويعود هذا إلى حد كبير إلى كون الرأسمالية ـــ"نظاما واسعا للضخ والدفع، لأشياء في حركة دائمة"ـــ خارجنا وداخلنا على السواء؛ ما يعطي أشكالها الحالية هالة الحتمية. لكن في قمة الشركات المالية، تكون منفصلة بشكل متزايد عن الاقتصاد الحقيقي. وهو يعتقد أنها إذا كان قد تم تركها وحدها كانت ستكون قد دمرت نفسها منذ وقت طويل. وكونها لم تفعل ذلك يمكن تفسيره بالتدخلات التي تبعت الأعطال وحالات الكساد التي حدثت في العشرينيات والثلاثينيات، والتي خلقت دول الرفاه وأماكن إقامة متنوعة بين الرأسمالية، والعمل، والحكومة.
ووفقا لما يراه مولجان يجب، وبإمكانها، أن تكون الرأسمالية، متحضرة. وأولا يأتي إدراك أن القيمة النقدية ليست هدفا في حد ذاتها، لكن وسيلة لحياة من التعاون، والسعادة، والصداقة، والحب. ويعتقد أننا "نشهد ظهور اقتصاد قائم على علاقات أكثر من السلع؛ على الفعل أكثر من الامتلاك؛ على الحفاظ أكثر من الإنتاج". وفي الفصل قبل الأخير الطويل، يحدد كيف يمكننا "مكافأة أجزاء الرأسمالية هذه التي تكافئ حسن المعاشرة"، بما يضمن من خلال تدخل الدولة والمجتمع المدني وجود توازن لا يمكن للنظام تحقيقه بمفرده.
وهو يسمح لنفسه بأن يصبح مستثارا للغاية في بعض الأحيان. وهنا يوجد صدى للتمييز الذي تحدث عنه زعيم العمل، إد ميليباند، بين الرأسمالية "الناهبة" و"المنتجة" في كلمته التي ألقاها في مؤتمر عام 2011– وهو التمييز الذي يصعب القيام به من الناحية العملية. ويكتب أنه: "لا يوجد سبب موضوعي" يفسر كون منزل في نيويورك يساوي عشرة ملايين دولار، والذي يُعتقد بأنه يساوي هذه القيمة فقط لأن "الآخرين مستعدون لاعتقاد هذا". لكن القيمة قائمة على الرغبة الواسعة في امتلاك مثل هذا المنزل؛ وإذا لم تكن مخصصة من خلال المال، كان يجب أن تكون كذلك من خلال إرادة سلطوية، أو استخدام القوة الخاصة المدعومة بتهديد العنف.
لكن زيادة قليلة لا تنتقص من هذا الكتاب ذي القلب الكبير. ونضال ديمقراطية اجتماعية في مواجهة انحدار قواعدها– دولة اجتماعية ممولة جيدا، اتحادات معتدلة وقوية، وسياسات اقتصادية متوقع أن تتبع الكينزية– هنا هو علامة بارزة لكيف يمكن أن تنضج.

«التزام الشركات»

وتركيز كولين ميير في كتابه "التزام الشركات" أضيق نطاقا، حيث يركز على الشركات التي يرى أنها خلق رائع، لكنه خلق حول نفسه (بمساعدة الحكومات) من خادم إلى وحش. ويكتب: "ليست مبالغة أن يقال إنه من خلال إهمالها، وعدم كفاءتها، وجشعها، وغشها، تمثل الشركات تهديدا يواجه مصادر رزقنا والعالم الذي نعيش فيه". ويأتي هذا الكلام من أحد مؤسسي، وفي وقت لاحق عميد كلية سيد لإدارة الأعمال في جامعة إكسفورد، وهو الآن أستاذ دراسات الإدارة هناك.
والهدف الأساسي وراء تحليل ميير الواضح هو التفكير في المزايا القريبة الموجود في، على وجه الخصوص، سلوك الشركات البريطانية من خلال قواعد تمنح المساهم الذي يستمر لمدة ثلاث أيام قدرا من الحقوق في هذه الفترة مثل المستثمر الذي يعمل على المدى الطويل. وهذا، بالنسبة لميير، "يبدو وكأننا نمنح حقوق تصويت لأفراد من السكان يعتزمون التخلي عن جنسيتهم غدا". وهو أيضا نظام يمكن فيه أن تدمر حالات الاستحواذ العدائية بسهولة كبيرة الوظائف، والأسواق، والأخلاقيات في الشركات المؤسسة منذ فترة طويلة، حيث يصف بوضوح ما يتعلق بالاستحواذ على "كادبوري"، التي أسست وفقا لنظام الكويكر، من قبل مجموعة شركات كرافت. والجهود الحالية لإصلاح هذا لا تنجح: حيث إن اللوائح موجودة فقط ليتم التحايل عليها، بينما تضع لزقة مسؤولية الشركات الاجتماعية على جرح متقيح.
وأكبر ترياق بالنسبة له هو "شركة الأمناء"، التي تعمل وفقا لثلاثة مبادئ. أولا، يجب أن يكون لها قيم معلنة للجمهور، يتشارك فيها الموظفون، والعملاء، بالإضافة إلى المساهمين. ثانيا، توكل هذه الشركات إلى مجلس أمناء لا يديرون الشركة ولكن ينوبون عن أصحاب المصلحة المحددين. ثالثا، يجب أن يتمتع المساهمون الذين يستمرون لوقت طويل بامتيازات وسيطرة، من خلال تخصيص حصص التصويت التي يتم حرمان المستثمرين، الذين يقومون باستثمارات قصيرة الأجل، ساعين فقط للحصول على الربح السريع، منها.
وقد يكون ميير أيضا مثاليا قليلا، ففي ألمانيا التي تعمل على المدى الطويل، شنت شركة كروب عروضا معادية عدة، والتي نجحت مع "هوش" في عام 1991، وفشلت مع "تيسين" في عام 1997 رغم حدوث دمج بينهما في وقت لاحق من خلال اتفاق. وهو يذكر هذه الأشياء، لكن منذ وقت قريب للغاية تم فرض غرامة على "تيسين كروب"، وهي مملوكة جزئيا لمؤسسة لديها سلطة عرقلة قرارات المجلس، بقيمة 103 ملايين يورو من قِبل هيئة المنافسة الألمانية لكونها كانت جزءا من منظمة تهدف إلى إبقاء سعر خطوط السكك الحديدية طويلا. وآفاق المدى الطويل ليست صافية دائما.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه بالنسبة لميير لا توجد طريقة واحدة لتنظيم الاقتصاد. ويتمثل جزء من تفسير تمتع الولايات المتحدة بديناميكية أكبر في مزجها لنماذج، بل وحتى التنوعات المختلفة للمساهمة يُنظر إليها في بعض الأحيان على أساس أنها تعمل بشكل جيد. لكنه يبرهن على أنه وفقا للمبدأ والممارسة اللذين يتم تطبيقهما عالميا، فإن هذا يدمر اقتصادنا وأخلاقيات الأعمال لدينا. وفقط من خلال إعادة اكتشاف قيم العصر الفيكتوري المتمثلة في التوفير والالتزام يمكن أن يتم إنقاذ مؤسسة الرأسمالية المركزية، الشركة.

الأكثر قراءة