المدينة الوادعة .. كرنفال ثقافي صامت في وسط يعشق الهدوء
تتراءى لك من الطائرة مدينة متوسطة ذات قلب متوهج بالبياض تعلوه قبة خضراء تتناثر حول مسجدها، أو قلبها الأبنية الفارعة والشوارع الفسيحة.
تهبط من الطائرة فتصافحك نسائمها بجو ربيعي تحتار في تصنيفه، وإن كان خلاف هذا الوقت من العام ففي حرها وبردها الشديدين سعادة المؤمن القادم لخير الديار التي عرفت توهج الإسلام الأول ونقاء رسالته وأدب جيوشه.
تخامرك في الشارع المؤدي إلى قلب المدينة "حرمها" مشاعر السكينة والإيمان، يعزز ذلك إحساس الاطمئنان بأمن الله الذي يبسطه على هذه الأرض ليبدو ذلك في عمل أمني أشاع الراحة والثقة في رجال أمن صاروا في الأشهر القليلة الماضية يتصيدون من أذى المدينة أو أهلها، أو أشاع فيها الخوف والقلق قبل أن يفرح بفعلته ويحدّث بها أصحابه.
هكذا هي "المدينة تنفي خبثها"، وإن كان لا يزال الحديث مبكرا عن مدينة تقترب من الكمال، إلا أن مدينة الرسول، عليه الصلاة والسلام، تنافس نفسها للخروج دوما بالأفضل.
تعود إلى رحلتك التي تقترب من القلب فيدق القلب بشكل أكبر، وتعرف أنك قد دخلت حرم المدينة، وأنك بصدد الاقتراب من مثوى خير البرية؛ فيلهج اللسان بالذكر والجوارح بالتسبيح.
عشرات الوجوه تصافح وجهك الميمم جهة الروضة الشريفة، عشرات اللغات قادمة من مختلف الحضارات وحّدها الدين المنطلق من هذه الأرض ليرسم لها خطاً واحدا، ويعلّمها السلام بلغة واحدة ويختار لها ثقافة واحدة تنسجم مع كل ثقافات العالم وتكمل مكارم أخلاقها وتدمح عن نفسها سيئات من مضوا لتفسح المجال لخير العالمين.