اتجاهات جديدة في التطوع

تطوع اليوم غير تطوع الأمس والمستقبل محمّل بالمتغيرات التي ستجعل لتطوع الغد ملامح تختلف عن سابقتها. التطوع التقليدي الذي يظهر فيه المتطوع سخاء في الوقت والتزاماً عالياً بالقضية التي يتطوع من أجلها سيستمر ولا شك، لكن العالم اليوم يشهد ظهور اتجاهات جديدة للتطوع، نتيجة لتغيرات البيئة التي يعيش فيها المتطوع وحواضن التطوع كالمنظمات الخيرية.
في هذا المقال استعراض لخمسة اتجاهات تلون بعض أسطح ظاهرة التطوع العالمي، ولأن العالم اليوم قرية كبيرة، فإن ما يحدث في طرف القرية سيؤثر في طرفها الآخر.
أول هذه الاتجاهات ''التطوع الفردي''؛ هذا الاتجاه يجعل الفرد في قلب العملية التطوعية، حيث يكون قرار التطوع وتحديد النشاط التطوعي معتمدا على صفات وظروف الشخص، بدلا من محددات أخرى مثل حاجة المنظمة الخيرية أو المجتمع. ما يقود التطوع الفردي هو بحثه عن تحقيق ذاته بعكس التطوع الجماعي الذي ينبع من شعور بالمسؤولية أو الإيمان بهدف مشترك. والمتطوع الفردي يغير مجال تطوعه والمنظمة الخيرية التي يتطوع معها بسهولة ولا يظهر التزاما قوياً لهما.
ومن هذه الاتجاهات ''التطوع العرضي'' وهو تطوع لا يحتوي على تخطيط عميق ونية مبيتة، لكنه يحدث بشكل عرضي يعتمد فيه المتطوع على وجود فراغ في وقته، ومناسبة المهمة المطلوبة بدون التزام دائم. قد يكون التطوع العرضي تطوعاً لمرة واحدة أو تطوعاً متكرراً لمناسبة واحدة في السنة. ويشير عدد من الدراسات إلى أن التطوع العرضي هو الأكثر رواجاً بين أفراد المجتمع، نظراً لتعقيد الحياة وتنوع المسؤوليات.
ثالث هذه الاتجاهات هو ''التطوع غير الديني''؛ فعلى عكس كثير من أشكال التطوع التقليدي الذي يؤدي الدين فيه دورا رئيساً في عملية التطوع، تكون دوافع التطوع هنا غير دينية. وتتباين دوافع التطوع غير الديني وتتنوع لكنها لا تتضمن حوافز مثل نصرة الدين أو احتساب الأجر أو مرضاة الله. وتنعكس الدوافع غير الدينية على طبيعية الأنشطة التطوعية التي يقوم بها الفرد أو الجماعة وطريقة تنفيذهم لهذه الأنشطة.
الاتجاه التطوعي الرابع هو ''التطوع عن بعد''، ويأتي هذا النمط من التطوع كتفاعل مع وسائل التقنية الحديثة سواء في طلب التطوع أو تقديمه. لا يتطلب هذا التطوع معرفة مسبقة بين جهات التطوع وربما لا تنتج عنه معرفة لاحقة. وغالباً ما يناسب التطوع عن بعد فئة الشباب وأصحاب الحاجات الخاصة أو الذين لديهم التزامات منزلية كثيرة.
آخر ما يمكن ذكره في هذه المقالة القصيرة من الاتجاهات الجديدة للتطوع هو ما يسمي ''التطوع الجزئي''. فعلى عكس المتطوع التقليدي الذي يتحمل عبء التطوع في مهام كبيرة وحمل مسؤوليات جسيمة يبدو المتطوع في التطوع الجزئي أكثر رغبة في التطوع بمهمام صغيرة ومحددة لا تتطلب التزاما ومسؤولية كبيرة.
إن أهمية مراقبة اتجاهات التطوع الجديدة تأتي من معرفة المعنيين بالشأن بأن لكل اتجاه متطلبات خاصة في عمليات استقطاب وتجنيد وتحفيز المتطوعين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي