التقنية المتقدمة تحتاج إلى حضور دولي
قد تنطبق علينا في مجال التقنية المتقدمة الحديثة مثل تقنية النانو والتقنية الحيوية وغيرها من تقنيات العصر المهمة قصة الثعلب مع العنب حيث إنه برر عجزه عن الوصول إلى العنب بأن العنب حامض ولا يصلح للأكل ولو أن الثعلب اهتدى إلى الحل المناسب لأكل من العنب الطازج اللذيذ، والحل لا يتعدى عتبات سلم يتسلق بها إلى موقع العنب.
والمشكلة تكمن في أن عتبات السلم في التقنية المتقدمة تمتلكها دول متفرقة ولابد من التعاون بينها من أجل جني ثمار العنب، وهذا هو الشيء المفقود لدينا فقد تفاءل مجتمع البحث العلمي لدينا خيرا عندما اعتمدت الواحات العلمية في الجامعات السعودية والتي أسميناها أودية التقنية تيمنا بوادي السيليكون في أمريكا والذي أخذ شهرته بين مئات الواحات العلمية المتخصصة والتي تعد أكثر عراقة وتقدما منه بسبب ثورة شركات المعلومات في نهاية القرن الماضي.
وقد بدأنا بثلاثة أودية لحقها واد رابع هو وادي أم القرى فبالنسبة لوادي الرياض في جامعة الملك سعود ركز المسؤولون على بناء البنية التحتية مع استقطاب لشركة سابك وبعض المراكز الوطنية، ولكن البحث عن قاطنين من دول متقدمة لم يحظ بالاهتمام الكافي وقد وقعت الجامعة في ثقب أسود كبير ابتلع كل الطموح وبعثر كل الجهود وذلك بعد إنشائها لشركة وادي الرياض للاستثمار ويكفينا أن نقرأ أحد شعاراتها الذي يقول إنها بوابة المملكة إلى اقتصاد المعرفة.
وفي وادي الظهران قامت الجامعة بتغيير لوحة أحد مراكز أبحاثها الذي يتعاون مع بعض الشركات العالمية في تخصصها إلى وادي الظهران مع أن تواجد هذه الشركات كان سابقا لهذا الحدث بعشرات السنين وكان الهدف من هذا المركز أبحاثا محددة لخدمة الشركات المعنية دونما أي نظر للقيمة الاقتصادية أو الشراكة مع القطاع الخاص لإنتاج منتجات جديدة وشركات بادئة.
والرؤية ضبابية ومعتمة بالنسبة لوادي جدة فخطوات جامعة الملك عبد العزيز في جدة لم تتعد مرحلة الإعلام وعلى عكس ذلك تبدو لنا خطوات جادة من وادي جامعة أم القرى والتي نتمنى أن تكون مثالا قياديا يساعد على تسريع وتيرة عمل هذه الأودية لتخدم المجتمع الأكاديمي أولا ومن ثم القطاع الخاص الذي سيساعد على تغيير خريطة مصادر الدخل والتقليل من مشكلة البطالة.
ولنتسلق سلم التقدم نحتاج إلى حضور دولي فوادي السيليكون صار متقدما ليس بوجوده فقط في دولة متقدمة بل لوجود خليط من جنسيات متعددة قد تتعدى المائة وأربعين جنسية ومن نخب لا تتكرر وجدت البيئة المناسبة لتنمو وتزدهر، وقد نستنسخ التجربة في أن نجعل الواحات العلمية بانوراما متعددة من الشركات التي نستقطبها من كافة أرجاء المعلومة وذلك بإيجاد ميزات تنافسية لعل من أهمها سهولة إجراءات الدخول للواحة وسهولة التمويل وغيرها من الميزات الأخرى. واحاتنا العلمية ما زالت تحتفظ بقيمتها العريقة الصحراوية ولم توجد فيها بعد الحدائق الغناء فنحن بحاجة إلى شركات بحثية متخصصة معها معاملها وأجهزتها العلمية المتقدمة لتكمل بحوثها لدينا في بيئة صحية مناسبة لها، ولكننا ما زلنا نهتم بالأسوار والخصوصية وانعدام الجاذبية فلو نظرنا إلى جامعة ستنافورد مهد وادي السيليكون فإن نسبة واحتها العلمية لا تتعدى في حاضرنا اليوم 5 في المائة من كل مساحة السيليكون وتقطن في الوادي الكثير من الشركات البحثية المتعددة الجنسيات والمرتبطة بمراكز أبحاث في جامعات متعددة. وفي خلاصة القول إننا بحاجة إلى استنساخ تجارب الآخرين لنصل إلى ما وصلوا إليه.